الحوار يأتي مختلفا وجذابا ..لأننا بقرب ضيفنا لامسنا الواقع التربوي
الذي نعيشه .. في هذا الحوار اقتربنا من فكره النير ... وشخصيته الجذابة
وهو أحد أبناء عرعر ومن القيادات المشرقة في التعليم في مدينة حفر الباطن
وقد كان لنا معه هذا الحوار - في البداية بودنا لو تُعَرِّفْ القارئ الكريم على بطاقتك الشخصية ؟
الاسم :
فرحان بن الأسود العنزي
متزوج ولدي من الأبناء خمسة والفضل لله
بكالوريوس لغة عربية – كلية المعلمين بعرعر
العمل الحالي : مدير مدرسة المحمدية الابتدائية بحفر الباطن
- هذه الرحلة العملية الشيقة لابد أن تكون صادفتها بعض المصاعب
والتي حاولت إيقافها عند نقطة معينة هلّا تحدثنا عن أبرز تلك العقبات ؟
لعل أبرز معيق يواجه المعلم بشكل عام هو النقل والحمد لله تم تجاوزه منذ فترة طويلة
مع أنه ليس كحال النقل الآن
- بحكم أنك ممن يلامس الواقع التربوي .. هل ترى أنه يوجد
لدينا بيئة خصبة للتعلم والتعليم ؟
للأمانة وحتى الآن لم نصل لمستوى تعليمي يُقْنِعُنا بأنه توجد لدينا بيئة خصبة
للتعليم والتعلم على الرغم من أن الوزارة في المناهج المطورة سعت إلى جعل
الطالب يستنتج المعلومة ويكتشفها بنفسه، لكن لا يزال تعليمنا في الغالب يعتمد
على النظرية التقليدية القديمة وهي طريقة الإلقاء والتي لا يوجد فيها تفاعل من الطالب
والذي يعتبر دوره مهمَّش تمامًا ، ولعل مسؤولي الوزارة وفقهم الله يقومون بالبحث
عن مكمن الخلل بغرض معالجته .
- يرى البعض أن المنهج المطور له سلبيات في عملية التعليم
أكثر من الإيجابيات وينادون بالعودة للمناهج السابقة خاصةً أنه
لا توجد بيئة محفزة .. ما رأيك في ذلك ؟
مشكلتنا في المناهج المطورة أنها وضعت دون وجود مدربين أكْفَاء لها يقومون
على تدريب المعلمين والمعلمات ، علاوةً على أن المناهج طويلة جدًا وبها من الكم
بحيث لن يتسنى للمعلم شرح المنهج كاملًا بشكل وافي خلال الفصل الدراسي ، غير
ذلك ما يطالب به المعلم من أوراق عمل وحل لأسئلة كتاب النشاط بالإضافة إلى أن
المناهج المطورة تتطلب استخدام وسائل تعليمية ومعامل ومختبرات وليست كل
المدارس تتوفر فيها كل تلك الإمكانيات ، كل ذلك جعل السلبيات تفوق الإيجابيات
- لاشك أن للنشاط أهمية كبيرة من حيث الإعداد للحياة الاجتماعية
والتعرف على قدراتهم واستغلالها وغير ذلك كثير .. إلا أننا نرى أنه مهمل كثيرًا في
مدارسنا .. هل السبب في ذلك روتين التعاميم أم اللامبالاة ؟
أعتقد أن من أسباب إهمال النشاط في المدارس هو ضعف الميزانيات مع كثرة ما يرد
من تعاميم في ظل عدم وجود رواد نشاط مفرغين مؤهلين لهذا العمل ، ما يجعلها تقبع
في ملفات الوارد العام دون تطبيق لأكثره
- التقويم المستمر هو أسلوب محدد ومقنن بإجراءات وضوابط معينة لتقويم
تحصيل التلاميذ بشكل مستمر في حين ذكر البعض أنه أخل بالعملية التعليمية
ويستدلون بذلك من خلال المقارنة بين المخرجات سابقًا والمخرجات
الحالية .. هل أنت مع أم ضد ؟
أنا مع التقويم المستمر ، لكن بعض المعلمين هداهم الله لم يُلِمْ بمفهوم
التقويم المستمر ولم يطبق أدواته على التلاميذ على أكمل وجه لذلك
نجد المخرجات كما هي عليه الآن
- يبذل المعلم قصارى جهده لرفع مستوى تحصيل أبنائه
ومع تحمله لأعباء يكلف بها فوق طاقته إلا أنه لا يقابل إلا بالسخط عند أقل
خطأ يصدر منه من قبل إدارة المدرسة .. لذلك هي ممارسات خاطئة في
حنكة التعامل الإداري .. ما تعليقك على ذلك ؟
التعامل الإداري فن لا يجيده إلا القليل ، فبناء علاقات إنسانية مع الزملاء
أمر ضروري لا يقل أهمية عن تقدير العمل المناط به المعلم ، والمدير الناجح
بحاجة لاستخدام أساليب مختلفة باختلاف الأشخاص فما يناسب هذا قد لا يناسب ذاك
- ( التنافسية إحدى سمات عالم اليوم والمتعلم سيجد فيها
مكانًا عندما يكون قادرًا على المنافسة والتخطيط للجودة حيث أن الهمة وحدها
لا تكفي بل قيادة الجودة بصبر وواقعية ) هذه مقولة للدكتور عبدالله العبيد
وزير التربية والتعليم السابق .. ماذا تعني الجودة لك كمدير مدرسة وهل
يتم تطبيقها فعليًا في الميدان أم أنها تذهب لملفات الحفظ ؟
تسعى وزارة التربية والتعليم جاهدة لتحقيق معايير الجودة في جميع إداراتها
ولكن عدم وضوح الرؤية لمفهوم الجودة لدى بعض التربويين سبَّبَ الكثير من
فقدان الثقة فيما تقدم الوزارة من مشاريع ومؤتمرات تتعلق بالجودة مما حدا
ببعض التربويين إلى العزوف عن المشاركة في تلك المؤتمرات والندوات
المتعلقة بالجودة ونتيجة لعدم وصول مفهوم واضح إلى الآباء والمعلمين والطلاب
فقد فقدت تلك المفاهيم معانيها واصطلح على نعتها بأسماء ما أنزل الله بها من سلطان
أخي الكريم تجويد التعليم والتعلم أمر مهم تتجلى من خلاله نتائج إيجابية
لها بالغ الأثر على النشء والناشئة
- في كل عام يترقب المعلم حركة النقل وقسوة الغربة
لا يشعر بها إلا من عاشها والتي لها الأثر البالغ على الاستقرار الأسري
والنفسي والاجتماعي .. المعلمون بين مطرقة الاحتياج وسندان النقل .. أين
يكمن الخلل وماهي الحلول الأنسب لتلافيه ؟
الاستقرار للمعلم مطلب أساس فلو أجريت دراسة بسيطة على معلم مجتهد
قبل الاستقرار وبعده ستجده دون أدنى شك أن هناك فرقًا شاسعًا في العطاء
لعلي أجد من منظور شخصي أن الخلل يكمن في عدم افتتاح المدارس
والحديث هنا عن استخدام الإدارات التعليمية لصلاحياتها أومطالباتها
للوزارة ، وقد يكون تفعيل رتب المعلمين جزء من الحل
- تختلف الآراء حول فشل التعليم .. فبين الوزارة
والطالب والأسرة والمعلم تاهت خطوات التعليم .. من وجهة نظرك
كيف نقوم بإصلاح منظومة التعليم بطريقة منهجية فاعلة ؟
يحتاج التعليم إلى جهد جبار حتى تعود له هيبته ، فلم يعد للمعلم هيبة
كما أن المناهج المطورة الحديثة لم تجد الشخص المتمكن المُدَرَّبْ ، إضافةً
إلى أن المجاملات قد طغت لدى إدارات التعليم وأصبح الإشراف
التربوي
مجرد ناقل لأحداث لا تمت للعملية التعليمية بصلة في حين أُغفلت جوانب
كثيرة لها علاقتها المباشرة والوثيقة بالتعليم ، كما أن إدارات المدارس
التي أُسِيْءَ اختيارها أدت إلى تعفن التعليم وفشو رائحته فالفصول الفارغة
من المعلمين والمعلم الذي يقوم على أكثر فصل للتغطية على زملائه بحجة
البحث عن الكلام الحسن
- مع إيماني بوجود الواسطة في اختيار مشرف
أو مدير أو وكيل .. إلا أنها أصبحت شماعة يعلق عليها كل فاشل
فشله .. السؤال الذي يدور في ذهني .. برأيك هل معايير الاختيار
ملائمة وتخدم المجال التربوي والتعليمي ؟
المعايير دقيقة إن طبقت فعليًا ، الاختيار يبدأ باختبار تحريري ثم
مقابلة شخصية وهكذا ومع ذلك من يراد سيؤخذ ولكن لدي إيمان
بأنه في النهاية لايصح إلا الصحيح ولن ينتج إلا من هو ذو كفاءة
- أغلب من غادروا عرعر أصبح لهم شأن خارجها .. سألتهم
والكل أجمعوا على اشتياقهم لها ولكن لا يفكرون بالعودة بتاتًا .. فهل عرعر
طارده لأبنائها .. أم أبنائها هم العاقين ؟!!
الأكثرية من أبناء عرعر تجدهم أينما حلوا لهم شأن ومتميزين والكلام
ليس في جانب التعليم فقط بل في جميع القطاعات
ولعل عدم بروزهم فيها هو عدم وجود فرصة لهم داخلها بشكل أو بآخر
والإجماع بأن لها شوق من الجميع ذلك أكبر دليل على أن أبنائها ليسوا بعاقين
- سأترك لك مساحة في عرعر اليوم للحديث عما تشاء .. مع
شكري وتقديري ومحبتي لشخصك الكريم على حسن الضيافة الغير مستغربة ؟
لا أجد من جميل الكلام ما يفيكم ، ولكن لَعَلِّيْ أشكر شخصك الكريم
والشكر موصولًا لصحيفتكم الموقرة على إتاحة الفرصة لي للتحدث والإطلالة
من خلال هذا المنبر العامر ، وأبارك لكم وللقارئ الكريم بشهر الخير والبركات
وجعلنا الله وإياكم ممن يصومه ويقومه .