دلتا الزواج
أن الحمد لله نحمده كثيراً ونصلي ونسلم على خاتم أنبيائه ورسله نبينا محمد تسليماً وفيراً أما بعد: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
صليت المغرب في أحد الأيام في جامع الراجحي بطريف في جو إيماني رائع وودت لو أن الأمام أطال أكثر بالقراءة – (صلوا هناك وستعرفون ما أقصد)- بعد ذلك ركبت السيارة متجهاً صوب الشارع العام ،، وأثناء سيري ، وإذ بصاحب سيارة يستوقفني ، وإذ هو شاب في مقتبل العمر ،، وجه لم أعرفه من قبل ، فتوقفت لأعرف ما عنده . فنزل إلي مسرعاً وكان يرتسم على وجه الحزن والضيق والحيرة فلما اقترب مني قائلاً : السلام عليكم يا شيخ ، فرددت عليه السلام ، ثم قال : أريد أن أسألك سؤالاً ، قلت له تفضل، ثم قال بنبرة ضيق وحيرة : أنا ياشيخ حلفت على زوجتي أنها إذا طلعت من البيت فهي طالق ، فعاندتني وخرجت ، فهل تعتبر زوجتي طالق الآن ، ثم صمت ووجه متجهماً منتظراً ردي ... ثم بادرته بسؤال وقلت له هل سبق لك وأن طلقتها . فأجابني وهو متلهف قائلاً: لالا ، فقلت له أطمئن أن شاء الله المسألة يسيرة ،وسوف أدلك على من يفتيك بشكل رسمي حتى تطمئن أنت وزوجتك أكثر ، ولكن عندي سؤال لو سمحت قال : تفضل ، قلت له : منذُ متى وأنت متزوج فقال : منذُ خمسة شهور فقلت له خمسة شهور !!! مازلتم عروسين يا رجل .! ثم قلت له أسمح لي بسؤال آخر ، قال : تفضل ، فقلت له : هل أنت وزجتك تسكنون في بيت أهلك ، ثم أجابني بعد أن أطرق رأسه وبصوت حزين قائلاً : نعم وبعدها تنهدَ ، فأدركت أنه يريد أن يقول شيئاً ولكنه متردد ، فبادرته بسؤال حتى أخرج مافي قلبه ليرتاح وقلت له : هل أهلك هم السبب في مشاكلك مع زوجتك ، ثم أومئ برأسه وأخذ نفساً عميقاً وقال (نعم) هم سبب كل مشاكلنا من بداية زواجنا حتى هذه اللحظة ,وأخذ يسرد لي بعض المواقف والقصص التي حصلت له . وعندما شعرت أنه أخرج مافي قلبه وبدأ على وجه الإرتياح ، قلت له أذهب أنت وزوجتك الى مكتب مدير الأوقاف أو إلى المحكمة ليرفعوا لك طلب فتوى من المفتي لترتاح أنت وزوجتك . ولكن عندي لك نصيحة ، قال ما هي : قلت له : هل والداك عندهم أحد في البيت غيرك قال : نعم كل إخواني وأخواتي يسكنون في نفس البيت ، فقلت له : نصيحتي لك أن تستأجر بيت مستقل لك ولزوجتك . فقال : جزاك الله خير . فتوادعنا وكلٌّ منا ذهب بطريقه... حقيقةً لم أورد هذه القصة الواقعية التي حصلت معي إلا مقدمة لهذا التمثيل الذي سأورده لكم ؛ في البلاد التي فيها أنهار غالباً ما ترى فيها منظر إلتقاء منطقة النهرين أو إفتراق النهر الى مجريين ، هذه المنطقة تسمى ( الدلتا ) وهي منطقة ترتسم ملامحها وتضاريسها بإلاضطراب وعدم الإستقرار ويكون الماء فيها عكر ، وبعدها بمسافة تهدأ المياه وتجري بهدوء وصفاء... هذا ماوددت أن أرمي إليه ، حيث أن إلتقاء الزوج بزوجته في البداية كالتقاء النهرين ، هذا الزوج من بيئة وعادات وثقافة وأمزجة قد تختلف إختلافاً كلياً عن زوجته ، بالإضافة الى التدخلات السلبية بين الزوجين من فبل المحيطين بهما، فلا بد من الحكمة والصبر والتصابر فيما بينهما حتى يتجاوزا منطقة الدلتا ؛ ومن خلال التأمل في التجارب المحيطة حولنا قد يختلف زمن الدلتا
بين الزوجين بحسب ظروفهما والظروف المحيطة بهما ، ولكنها إجمالاً لا تقل عن سنة وأقصى مدة قد تستمر الى خمس سنوات!!! وبعدها يأتي الهدوء والإستقرار لغالب الأسر قال رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم في الحديث التي روته عائشة رضي الله عنها. (خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي )أخرجه الترمذي . فمن الخير الى الأهل هو البحث عن أسباب توفير الراحة لهم . وفي قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن صح في الأثر(مُرُوا ذوي القرابات أن يتزاوروا ولا يتجاوروا) وقد علق الغزالي على ذلك بقوله(لأن التجاور يورث التزاحم على الحقوق وربما يورث الوحشة وقطيعة الرحم . قال اكثم بن صيفي: تباعدوا في الديار وتقاربوا في المودة ... ولا بُدَ أن أختم مقالتي ببعض النصائح للزوج والزوجة . فمن حقوق الزوج على زوجته أن تطيعه بالمعروف إذا كان أمره في غير معصية الله لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ، وأن تعتني ببيتها وتحفظ ماله ولا تضغط عليه بالمصاريف وتوفر له أسباب الراحة عند دخوله البيت ، وعليها أيضا أن تراعي شعوره ولا تفعل أو تقول ما يؤذي زوجها ولا تخرج إلا بإذنه ولا تدخل بيته أحداً إلا برضاه وإذنه. ومن حق الزوجة على زوجها أن ينفق عليها بالمعروف بما تحتاج إليه من ملبس ومأكل ومشرب وتوجيه وإرشاد في أمور الدين والدنيا ، وأن يغار عليها الغيرة المحمودة فلا يعرضها لأي شبهة ولا يسمح لها بالتبرج والاختلاط ، كما أن عليه أن يحسن خُلقه معها ويكلمها دائما برفق ولين ورحمة ولا ينظر لتوافه الأمور بل يتجاوز عنها، وعليه الصبر والتصابر في العشرة وأن وجد خلقاً منها يكرهه فعليه محاولة إصلاحه بهدوء وحكمة ، وعلى الزوجة أن لا تتخذ العناد مع الزوج فهذا من أكبر أسباب النكد و الفرقة والطلاق ، فعلى الزوجين التعامل مع بعضهما باللين والحكمة لأنها من أكبر أسباب السعادة والتوافق بين الزوجين .وآخر نصيحة أقدمها للزوج أن لا يقدم على الطلاق إلا للضرورة القصوى لأن الطلاق له عواقب وخيمة خاصة إذا كان هناك أولاد بينهما . هذا ما أردت إيراده وبيانه.
أسأل الله أن يجعل فيما كتبت النفع والأجر ، كما أسأله الله جل في علاه أن يديم المودة والرحمة بين كل زوجين وأن يبعد عنهم كيد الشيطان الرجيم أنه ولي ذلك والقادر عليه . آمين
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كتبه الفقير الى عفو ربه
دوجان بن الراوي الرويلي
]gjh hg.,h[ >>>!!! hg.,h[