أسكرتنِـي الهمــومْ
أسكـرتـنِي الهمومْ، أتسمعنِي أهـذي هذيانَا
من سـوء تـغذيتِي و مـن فقـدهـا أحيانَا
يُؤنسنِي وحش البطالة الـمستـقرّ بـحمانَا
أضجرته مُـعاناة بُؤسنا فأقام المـهـرجانَا
و الرّيح الغضوب تطحن الأزهار و الأغصانَا
ثم تخبوا فـي الـخفـاءْ تُنَـضّدُ ألـحـانَا
سئمنا عـزفـها جـرّعـتنا الـعذاب ألوانَا
حتّى نـسينا مَـن نحن أبـشرًا أمْ صـفوانَا
و روائح مـطابخ القـصور تُدغدغ الأذهانَا
خمّرتنِي نكهتها انـتعـاشًا، فغدوتُ سكرانَا
مترنّحًا على شاطئ البـحر، و سابحًا أحيانَا
سابحًا، معصوب الجـبيـن، لا أرى إنسانَا
إلاّ أنياب القـرش نُصُـبًا تـلمـع لمـعـانَا
و بقايا ذِمـاءْ، الـموج يلهـو بهـا نشوانَا
رغم زئـير العـاصفَـه، مـا خفّـف أولانَا
و بُرجِي ينتـفض فـي السّماءْ لاهبا بُركانَا
و السّهـى لم يزل في مداره مضطربًا حيرانَا
فـضـجّ قـلـمي بـيـن أنَامـلي زعـلانَا
أزهـدتَّ فـيََََََََّ لـمَ تـهـدرْ دمـي خُسرانَا
أفِي شـرعـكـم أعـيـش بـائسًا عطشانَا
و خيـرُ بـلادي حُِرمـتُ ُظـلمًا و عُـدوانَا
و الأنـهـار مُصـادرَه ماؤها الآسنُ غُدرانَا
أهـذا زمـانُ الـحضارَه َضـرّمتموه نِيرانَا
حـتّى صـار مَـن كـان عـزيزًا مُـهـانَا
فـلا تَسْكـبِ الـخـمر قـد سـكرْتُ أحزانَا
و تَحـجّرتْ حُنجرتِي و الليل في غيّه نشوانَا
و فَجِْـري مـطـمورٌ تـحت الـتّلال ما بَانَا
فاصدحِي يـا طيورْ و استنهضِي أوراد رُبانَا
و اعزفِي ألحـان الخلـود و َصـدِّعِي الآذانَا
و َطرِِّزي الإبـداعَ جـلبـابًا عـطرًا مُـزدانَا
يُبْـهِـرُ زُخْـرُفُ حُسنـِه الـرَسّامَ و الفنّانَا
بتاريخ: 15/10/2010
محمد البرجي التباسي/ بلبل الجريد