( 218 ) مدار الأفكار
دم المسلم
يقول الشاعر العربي :
لا تظلمنّ إذا ما كنتَ مقتدراً = فالظلمُ ترجع عقباه إلى النّدم ِ
تنام عيناك والمظلومُ منتبهٌ = يدعو عليك وعينُ الله لمْ تنم ِ
إن قتل النفس بغير حق جريمة شنعاء ,وفعلة نكراء, توجب سخط العلي العظيم,وتحق اللعنة والعذاب الأليم ,
فهي من أكبر الكبائر وأعظم الحرمات,بصحيح الأحاديث ونصوص الآيات ,قال الحق سبحانه وتعالى: (وَلا
تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ
مَنْصُورًا) (الإسراء:33) ,وقال عز وجل: (وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا ءَاخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ
اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا . يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا)
(الفرقان:68-69 ),وقال تعالى: (مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرائيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي
الأرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا ) ( المائدة:32),ويعظم الجرم ويشتد الإثم في حال قتل النفس المؤمنة التي
تعد في حرمتها أعظم عند الله من هدم الكعبة, بل إن زوال الدنيا أهون عند الله من قتل المسلم بغير حق ،قال
تعالى : (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا)
(النساء:93), وفي الحديث الصحيح قال النبي صلى الله عليه وسلم : (اجتنبوا السبع الموبقات) ، وذكر منها:
(قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق),وقال أيضا : (لا يزال العبد في فسحة من دينه ما لم يصب دمًا حرامًا)
، وقال عليه الصلاة والسلام: (ألا لا ترجعوا بعدي كفارًا، يضرب بعضكم رقاب بعض)، وقال أيضا: (أول
ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء),وقال صلى الله عليه وسلم: (لزوالُ الدنيا أهونُ عند الله من قتل
امرئ مسلم),وفي رواية: (لو أن أهل السماء والأرض اشتركوا في دم مؤمن لأكبهم الله في النار), وقال
صلى الله عليه وسلم: (الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لاَ يَظْلِمُهُ وَلاَ يَخْذُلُهُ وَلاَ يَحْقِرُهُ كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ دَمُهُ
وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ ) ,وقال صلى الله عليه وسلم: (لاَ يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ يَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللهِ
إِلاَّ بِإِحْدَى ثَلاَثٍ النَّفْسُ بِالنَّفْسِ وَالثَّيِّبُ الزَّانِي وَالْمَارِقُ مِنَ الدِّينِ التَّارِكُ الْجَمَاعَةَ),بل إن الإسلام حرم حتى
الإشارة بسلاح إلى المسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يُشير أحدكم إلى أخيه بالسلاح، فإنه لا يدري
لعل الشيطان ينزعُ في يده فيقع في حفرة من النار),فدم المسلم عند الله مكرم محرم، لا يحل سفكه، ولا يجوز
انتهاكه إلا بحق شرعي, والقتل مذموم عند جميع الناس وفي كل الشرائع والأديان والقوانين,وقد جعل الإسلام
للقتل بغير الحق أكبر العقوبات ردعًا وحزمًا ألا وهي عقوبة القصاص، كما قال سبحانه وتعالى : ( وَلَكُمْ فِي
الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الألْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) ( البقرة:179) ,وبالرغم من عظم حرمة قتل النفس المعصومة
إلا أن جرائم القتل أصبحت تتوالى ومن المؤسف إنها تحدث أحيانا بأيدي رجال الأمن ممن يفترض فيهم
محاربة الجريمة وحماية الأنفس وحفظ أمن الأفراد والمجتمعات, وكما يقول الدكتور غانم النجار: (عندما
يغض المجتمع النظر عن انتهاك كرامة إنسان، ويجد في ذلك الأسباب والمبررات، بل ويشد على أيدي رجال
الأمن فيعطيهم الضوء الأخضر لاستمراء الاعتداء دون حسيب أو رقيب فإن الانتهاكات تتحول إلى حالة
ذهنية,وعندما يشعر رجل الأمن بأن لا رقابة عليه، ولا محاسبة، وأنه باسم حماية المجتمع يملك صلاحية
انتهاك كرامات الناس فليترقب المجتمع الكوارث الإنسانية، وعندما يقف المجتمع مصفقاً لضرب فئة فإنه
يصفق لدمار المجتمع ) , وما عدا تطبيق الحدود الشرعية فالتعذيب بجميع أشكاله وأنواعه , ومهما كانت
ذرائعه ودوافعه , وأيا كانت صفة منفذه ومرجعه , فهو أمر مرفوض شرعا وقانونا وعرفا .
يا متبع بين الورى نهج الإسلام= ترى النسب والدين والدم معصوم
لا تنخدع في زيف تصوير الإعلام= واحذر طريق الغي والشؤم واللوم
درب المهالك ما يسرّك وتنضام= والقتل بالقانون والشرع مذموم
بغير الثلاث يعد من نوع الإجرام =حسب الحديث إن كنت بالدين محكوم