01-21-2011, 12:40 AM
|
|
نمشي في شوارع المدينة بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اختلطت الأصوات وعلا بعضها فوق بعض كما اختلطت المشاعر واختلفت في قلوب الناس , وأصبحت الضوضاء بلا معني ولا مغزى , وكلٌ في دنياه يلهو كيفما يشاء فلا يعمل حساب لرقيب يلحظه , ولا لعتيد يسجل عليه أعماله , واختفت ملامح الحياء والخجل من عيون الناس ووجوههم , فجاثوا خلال الديار يعيثون في الأرض الفساد فلا يخشون من لا يخفي عليه شئ في الأرض ولا في السماء , وتحجرت القلوب فلا ذاك يرحم هذا ولا هذا يحنوا ويعطف علي الآخرين , نمشي في شوارع المدينة , وكل شارع من شوارعها كأنه مدينة بأكملها , في أول هذا الشارع تعلو أصوات أفراح ليلة عُرس وكأن هؤلاء يسكنون الشارع بأكمله بمفردهم فلا رحمةٍ لإنسان مريضٌ في فراشه ولا عطف لطالب علم يستذكر دروسه , وفي آخر الشارع صوانٌ لميت قد فارق الدنيا وقد اختلط صوت نواح النساء وعويلهم بصوت المُقرئُ يقرأُ القرآن في مكبر الصوت وكأن هذا سُيعيدُ هذا الذي مات إلي الحياة الدنيا مرة أخرى , ولو أُنفقت أموال هذا الصوان علي أوجه الخير لكان ثوابها أعظم عند الله سبحانه وتعالي وتذهب رحمة وسكينة لهذا الفقيد , وآخرٌ في نفس الشارع يفتح مسجل شرائط الكاسيت علي أعلي صوت لأغاني هابطة أو غير هابطة المهم أنها في نهاية الأمر أغاني تُلهي قلوب الناس عن ذكر خالقهم ويرتفع صوت مؤذن المسجد الموجود بنفس الشارع لتتداخل الأصوات بعضها مع بعض فذلك يغني في ملهاه وهذا يقول حي علي الصلاة , وتُقام الصلاة ويشرع الناس الموجودين بالمسجد لأدائها وهم قلةٌ قليلة , وأثناء أداء الصلاة يمرُ موكب العرس الذي كان في أول الشارع من أمام المسجد والناس يصلون وترتفع أصوات آلات التنبيه في صوت أشبه بالموسيقي بين كم السيارات المشاركة في الموكب فيشوشون بذلك علي المصلين في صلاتهم ولكن لا يهم فهي ليلة في العمر والناس لا تفرح كل ليلة , وداخل المسجد والناس يصلون إذا بصوت موسيقي ينبعث من داخل المسجد !!! ما هذا ؟ !!! إنه جوال أحد المصلين قد نسي أن يغلقه قبل دخوله في الصلاة فقد أصبح شئ عادي أن يدخل المصلون في الصلاة وينسون أو يتناسون جوالاتهم مفتوحة ليعلموا بعد الصلاة من كان يتصل بهم أثناء الصلاة , وتنتهي الصلاة ويخرج المصلون من المسجد وإذا بشجار كبير في نفس الشارع هذا يتلفظ بأبشع الألفاظ القبيحة والبشعة والتي تندي لها الجبين حياء وخجلا من ذكرها , وذاك يُمسك بمطواة يريد أن يقتل الشخص الآخر وفي النهاية تجد أن السبب تافهٌ الأمر الذي أدي إلي هذا الشجار , فإما أن يكون الشجار قد نتج عن مزاح لا فائدة منه , أو بسبب معاكسة فتاة ما , أو علي خلاف حول مباريات كرة القدم أو أو أو مهما كان السبب فهو تافه لا يستدعي الشجار والعراك والتهور إلي أن يصبح أحد المتعاركين قتيلا والآخر في السجن مسجوناً , ولو وفر هؤلاء الشباب طاقاتهم لعمل أكبر وأفضل من هذا لسلموا جميعا ولأخذوا الأجر والثواب من عند الله عز وجل .
وكما أصبحت الفوضى تحكمنا وتتحكم في أمور ومجريات حياتنا , أصبحت نفوسنا أيضا بها شتات نفسي هائل , فأصبح الواحد فينا يتعامل مع أخيه بوجوه كثيرة , فتجد الواحد منهم يقابلك في أول النهار بوجه , ثم يعاملك في وسط النهار بوجه آخر , ثم ينقلب عليك آخر النهار , فلو كانت بينك وبينه مصلحة ما تجده بشوش الوجه يأخذك بالأحضان ويقابلك بعبارات الترحيب والتهليل , وفور انتهاء المصالح يُظهر لك الوجه الآخر ويعاملك بصورة أخري تماماً غير التي كان عليها سابقا , وكما عمت الفوضى هناك عمت المصالح بين الناس هنا وأصبح قانون المصلحة الشخصية هو سيد الموقف وهو المتحكم في نفوس الناس .
وكلها أصبحت فوضي داخل فوضي !!!!! فإلي متى تتحكم فينا الفوضى , إلي متى نُصغي إلي أهواءنا ولا ننصاع إلي مُراد الله من خَلْقِنا علي وجه الأرض .
نريد أن نتخلص من حياتنا الفوضوية لتحل محلها حياةً نظامية يرضي عنها خالقنا وتجعلنا خلقاً متحابين في بعضنا البعض , متواصلين متصلين بحب الله عز وجل .
الشاهينklad td a,hvu hgl]dkm
klad td a,hvu hgl]dkm جميع الحقوق محفوظة وحتى لاتتعرض
للمسائلة القانونية بسبب مخالفة قانون حماية الملكية الفكرية يجب ذكر :
- المصدر : شبكة الشموخ الأدبية
- الكاتب :
alshmo5 - القسم :
مجلة الشموخ الثقافية - رابط الموضوع الأصلي : نمشي في شوارع المدينة |