الرجل القرآني الشيخ عبدالسلام حبوس علم من الاعلام الكبار حيث انتقل الى رحمــــة الله في 1429/3/25 الموافق 2008/4/1 .
اقول فقدته الكويت لان هذا العالم الجليل الذي ترك بلده مصر واستقر في الكويت قرابة عشر سنوات حتى توفاه الله وهو يعطي مما اعطاه الله من العلم في الحديث والقرآن بقراءاته المتنوعة. انه عالم القراءات الشيخ عبدالسلام محمد بن محمد ابراهيم حبوس الذي ولد في مصر في محافظة الشرقية مركز حماد عزبة الحبوس وشاء القدر ان يكون مرقده الاخير في ارض الكويت بجوار شقيقه التوأم الذي سبقه الى الوفاة قبل سنة من الزمن، وفي تخصصه نفسه وكان اماماً لمسجد الميلم في العديلية.
كان الشيخان قد ولدا توأمين كما ذكرت في سنة 1932 وظلا اربع سنوات في وضع صحي غير طبيعي، وكانا يعانيان من مرض اشبه بالشلل والكساح، ولكن القدر سخر لهما سيدة «بدوية» من البادية وعندما رأتهما قالت يجب ان يلبس هذان الطفلان صوفا ويدفنان في الرمل حتى تقوى عظامهما.
ويبدو ان هذه السيدة صاحبة تجربة وخبرة، وفعلا امتثلت الاسرة لذلك وقاموا بوضعهما كما وصفت السيدة لمدة سنتين، وبعد ذلك فعلا منّ الله عليهما بالشفاء وكتب لهما حياة سعيدة ، لذا قررا ان يقوما بخدمة كتابه العزيز، وقد تفرغ الاثنان لذلك حتى انهيا الشهادة العالمية من الازهر.
بعد ان عملا في مصر ردحاً من الزمن توجها الى المملكة العربية السعودية، وبقيا هناك من سنة 1976 حتى سنة 1986 يقومان بالتدريس في مجمع الملك فهد بن عبدالعزيز بعدها غادرا السعودية الى الكويت وعملا هنا من سنة 1986 – حتى توفاهما الله الواحد بعد الاخر، وكأن التلاؤم بينهما في الدنيا والاخرة.
وكان الشيخ الحبوس وشقيقه كما قلت، ولدا في مصر، وذلك في سنة 1932 لكن الشهادة لم تكن تسجل سنة الولادة في تلك الحقبة وخصوصاً في الريف وقد سجل الاثنان على انهما من مواليد سنة 1934 .
شقيق الشيخ عبدالسلام كان في مسجد الميلم في منطقة العديلية، بينما الشيخ عبدالسلام كان اولا في مسجد الهاجري في الجابرية ثم في ضاحية صباح السالم ثم في مسجد ارض المعارض الذي ستقوم وزارة الاوقاف باطلاق اسمه على هذا المسجد، كانت معرفتي بالشيخ عندما طرح اسمه أمامي من لدن الاخوة الاستاذ مهنا حمد المهنا والفاضل نوري الضاحي والفاضل ابوالفضل براك، تلاميذ الشيخ والذين كانوا يلازمونه.
في شتاء سنة 1965 عندما كنت اصلي عند الشيخ صلاتي العشاء والفجر اجد متعة ما بعدها متعة ذلك في مسجده في ضاحية صباح السالم، بعدها قبل الصيف الماضي كان الشيخ قد دخل الى المستشفى ليعالج من ورم في ظهره، لكن هذا الورم ما هو الا سرطان مزمن، وكان يسبقه تليف في الكبد، واتذكر وانا ازوره قبل صلاة المغرب في المستشفى بدقائق، وكان يتولى الاذان بنفسه ويؤم المصلين وعندما سلمت عليه فقلت له: شيخنا الله يعافيك الحمد لله الصحة احسن فقال كلمته «المقدر كان لا يقدم ولا يؤخر».
في صبيحة احد الايام عندما كان الشيخ في المستشفى، فاذا المرحوم احمد الربعي، ذلك ونحن في ديوان الشايع في الشامية يقول لي: ما زرت الشيخ الحبوس؟ فقلت له: يقولون ان طلع من المستشفى، فقال لي: لا بل زاد عليه المرض، وكنت عنده قبل يومين وهو في معنوية قوية. بعدها سألت الاخ نوري الضاحي ابو ثامر عن الشيخ قال لي: الشيخ يمكن يروح مصر ليدفن هناك، لكن اقولك الشيخ ما يصبر عن الكويت ما كل عين النقرور هو يحب حدا شقيقه، وانا اتوقع ان يدفن معاه في الكويت، وفعلا هذا ما حصل.
وخلال مدة اقامته في الكويت لا يضيع الشيخ دقيقة من وقته، فتجده يدرس القراءات في المسجد لبعض المختصين وفي وقت الصباح يتوجه الى المعهد لتدريس دراسات والقراءات للقراء وبعدها يعود للمسجد لتأدية امامة الصلاة بالمصلين.
كان احباء الشيخ عبدالسلام قاموا باخراج كتاب «تعطير الخاطر في اسانيد احاديث الرسول عليه الصلاة والسلام التي تواردت بالرواية حتى وصلت الى الشيخ عبدالسلام»، يقع هذا الكتاب في مائة واربعين صفحة يسجل بعض الخواطر والشهادات التي اعطيت للشيخ من العلماء الذين سبقوه من القراءات السبع التي يحفظها عن ظهر قلب، وهنا اضع نموذجاً.
لذلك في رواية حفص عن عاصم، وعاصم هذا هو الذي سجلت غالبية المصاحف التي بين ايدينا في المشرق العربي عنه، والذي قام بذلك هم الأتراك لهذا اخذت هذه الرواية حفص عن عاصم من الشهرة والمكانة، وهنا يسرني ان انقل ما اورده الشيخ من مذكراته بذلك:
إجازة لقراءة القرآن الكريم برواية حفص عن عاصم
احمد الله سبحانه وتعالى على نعمه العظيمة الجليلة، حمدا بتوفيقه ورضاه يوافيها ويكافئها، واثني عليه الثناء الجميل، واشكره كما هو اهله، وكما ينبغي لجلاله وعظيم سلطانه. فحقا وصدقا هو اهل الثناء واهل التقوى والمغفرة. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، واشهد ان سيدنا محمد رسول الله، خاتم الانبياء والمرسلين والمبعوث رحمة للعالمين. اللهم فصلّ. وسلّ.م وبارك وانعم على سيدنا محمد، وعلى آله واصحابه والتابعين لهم باحسان الى يوم الدين.
اما بعد، فأقول انا الفقير الى رحمة ربي عبدالسلام بن محمد بن محمد بن ابراهيم بن حبوس، عاملني الله بلطفه ومنّ علي باحسانه: التحقت بكتّاب شيخي المعمر فوق المائة الشيخ محمد يحيى في قريتنا، قرية الجعفرية، بلد من بلاد مركز ابي حماد بمحافظة الشرقية من بلاد مصر الاسلامية العربية، تعلمت فيه القراءة والكتابة وقرأت فيه القرآن الكريم بداية ثم عيادة الى ما قبل سورة العنكبوت تقريبا، وكان ذلك في اوائل الاربعينات من السنين الميلادية ثم توفي، يرحمه الله تعالى، فالتحقت بكتّاب الشيخ عبدالستار بأبي حماد، وكان يقوم بتحفيظ القرآن الكريم فيه الشيخ محمد رشاد الخضري، ادام الله عليه رحمته وبركاته، فأكملت عليه القرآن الكريم الا بعض السور، فانتقلت الى مكتب الشيخ محمد عبدالرحمن البربري، وكان يسمع لنا هو واخوه الشيخ انور عليهما رحمة الله حتى حفظت القرآن كله بفضل الله تعالى، ورجعت الى والدي وقرأته عليه كاملا، فاحتفل بي كما كان يحتفل عادة بمن اتم القراءة وكساني حلة جديدة واعطاني مبلغا من المال كما هي العادة في ذلك العصر.
والشيخ محمد يحيى قرأ القرآن على الشيخ محمد عبدالرحمن البربري، وهو قرأ على الشيخ احمد الزرباوي، وهو قرأ على الشيخ حسن الجريسي، وهو قرأ على الشيخ المتولي شيخ المقارئ في عصره وسيأتي سنده بعد، وسيد الشيخ رشاد الخضري هو السند السابق، فلقد اجازه الشيخ عبدالستار الذي قرأ على الشيخ احمد الزرباوي السالف الذكر.
واما والدي، يرحمه الله تعالى، فقرأ القرآن على جده لامه محجوب ابو ناصر، وكان شيخ المقارئ في الوجه البحري في مصر العربية، وهو قرأ على الشيخ ابي عبلة باسناده الى النبي صلى الله عليه وسلم.اقول: رحم الله الشيخ الحبوس رحمة واسعة واسكنه فسيح جناته والهم اهله وايانا الصبر والسلوان. hgv[g hgrvNkd hgado uf]hgsghl pf,s
hgv[g hgrvNkd hgado uf]hgsghl pf,s