شايع الأمسـح ... ثمان سنين
شايع الأمسـح بن رمال من شمر رجل عرف بالحكمة والدها والحيلة ومن صفاته انه ليس له الا عين واحدة وقد بالغوا في قوة ابصاره .
ذهب ذات يوم مع جماعته في الربيع طلبا للمرعى وكانوا ياخذون من مروا بهم في طريقهم حتى وصلوا وادي السرحان ,وهناك ادركهم غرماؤهم ,فقال شايع سأذهب اليهم واطلب منهم الأمان لأنهم لا يعرفون اننا نحن الذين اخذناهم في الطريق .
فنهاه كبار السن من قومه خوفا عليه فقال شايع :سأمالحهم (اي اكل من طعامهم) حتى اكون في جوارهم قبل ان يعرفونني .
وعندماتقدم بطلبهم الهدنة للمرعى عرفوه فأرادوا ان يخدعوه دون ان يلتزمو بالأمان ,فقالوا له سنرسل لأهلك من يدلهم الطريق اما انت فتجلس عندنا معززا مكرما ,وكانوا ينوون اخذ جماعته اذا جاؤا.
وقد كانت بنت شيخ الحي تسمع الكلام وتعرف انها خديعة فصبت الماء على الفراش من عندها حتى وصل الماء الى شايع وهو وراء الستار عند الرجال فعلم شايع ان هذا انذار من البنت .
فطلب منهم شايع ان يحمل مندوبهم رسالة الى اهله ,فاملى عليه الرسالة مفعمة بالرموز لا يعرفونها وانما يعرفها قومه كقوله ((زيدو عليق الخيل من حب سلخط ....)).
وقد اوصاهم بهذه الرموز بأن يهربوا ويمسكو بالمندوب حتى يعود اليهم شايع ,وذكر في رسالته ان القوم اكرموه واعطوه مطلوبه وهو يرمز بكلمة مطلوبه ما تخوف منه كبار السن من قومه عندما نهوه عن الذهاب الى العدو .
فلما تأخر رجوع المندوب صارحهم شايع بأنه انذر قومه بالرمز واعلمهم ان مندوبهمك لن يفرج عنه حتى يفرجوا عنه هو .وبالفعل اعادوه الى قومه بصحبة رجال منهم وأستلمو مندوبهم .
وذكر ان زوجة شايع (كعيب الضبي ) ذات جمال بارع وكان كثيرا ما يوصي زوجته بحفظ الفرس ولكثرة وصاياها له قالت :عسى ماهي الحذره !!!!.
وهي بهذا تسخر من فرسه إذ تقيسها بفرس ابن عريعر المعروفة بالحذره وهي فرس اصيل مشهورة إذا احست بغريب صهلت وحفرة الأرض بحافرها .
فغضب شايع فأقسم الا ينام حتى يحضر فرس ابن عريعر .
الا ان ابن عريعر نذر به وامر جلساءه بأن يتفقد كل واحد جليسه حتى وقعوا على شايع ووضعوا قيد الحديد في رجله وبدؤا سجنه الا بأربعين ناقة فداء له فارسل شايع الى جماعته يخبرهم ذلك فأبو ضنا منهم ان ابن عريعر سيمن عليه بلا فداء إلا ان ابن عريعر قررمضاعفة الفداء كل سنة زيادة خمس نياق .
وبعد مرور اربع سنوات ابا شايع ان يدفع شيئا مطلقا فلما سأل عن السبب قال :كنت انوي الفداء لأدرك ولدا لي عمره اربع سنوات لأمازحه وأنا مشتاق إليه بدافع حب الطفولة اما الأن فقد كبر ولا اريد ان افدي عن نفسي وانا رجل كبير السن .
وبعد تمام تسع سنوات جاء الصبي متسللا على مطيته فعلقها بعيدا ودخل بين الرعاة فخلا بأبيه وهلت دموعه عليه فرمز له الأب بكلمتين خفيفتين ففهم الأبن الوصية ,وهي الإيصاء بإختطاف ولد صغير لابن عريعر .
وكان الولد في خيمة مربية فإذا اشتاق له ابيه أرسل أي رجل من جلسائه ليحضره حتى كان ذلك عادة مستمرة .
وكان لا يعيد الصبي الا بعد انفضاض المجلس قبيل حلول النوم .
وذات ليلة دخل ابن شايع خيمة المربية وأخذا لصبي كأنه مرسل من ابن عريعر ثم هرب به .
ولما طلب ابن عريعر الصبي قالت له المربية انه عندك من البارحة .
فهبوا يتصايحون بحثا عنه وبعد مرور ثلاثة أيام من الحزن قال شايع لاتحزنوا إن ولدكم عند ولدي ووصف المحل لهم فلما وفدوا على ولد شايع طلب منهم مطالب صعبة وفداء لولدهم منها ابل ابن عريعر وفرسه وحلي والدت الطفل وأن يقدم شايع على فرس تمشي على زل حتى تصل به الى بلاده .
فسهل ذلك على ابن عريعر ما عدا الزل فقال شايع الحل بسيط .
اجعل على مواطي الفرس قطعا من الزل مربوطة بالحذاء .
وبهذا عاد شايع الى أهله وعاد الصبي الى والده ابن عريعر .
وقال شايع :
مضى لي ثمان سنين في حبـس خيـر
وبالتاسعـه جانـي صـدوق الفعايـل
جاني غـلام مـا بعـد خـط شاربـه
ولا جال في قلبـه مـن الهـم جايـل
ودنق علي مضنـون عينـي وحبنـي
وهلت عباره فـوق صـدري شلايـل
وانـا الحديـد بسـاق رجلـي مغلـق
ربيط كمـا حـر شبـك بالحبايـل
تعيش ياغـرو سطـى ليلـة الدجـى
واطفـى بصـدري حاميـات الغلايـل
هديته علـى درب صعيـب ولا هبـا
ونهب ورع من هـدى جميـع القبايـل
واقفى على الوضحى كما الهيق وصفها
ومن يرى وشاف الربد مثلـه حفايـل
ربطني كبير الجـاه يطلـب فطايـري
وضـح ربـن بديـار زوبـع جلايـل
ويطلب جوادين مـن الخيـل غيرهـن
يعرف انهن مـن مكرمـات الأصايـل
وعيو بهن غلبـا علـى وضـح النقـا
وفكـوا رباطـي مقدميـن الفعـايـل
من عقب ماني حاسر الرجـل عندهـ
مجونـي سـراع يطلبـون الجمـايـل
يعيـش بـن شايـع تقصـى بمطلبـه
من الخيل وغيره مـن كبـار الشمايـل
من عقـب مـا ثـاره بعيـد وعندهـم
اليـوم يصلـى كبـودهـم بالمـلايـل
اخذ ثار ابـوه وثـار عمـه وعزوتـه
وثاره وطمن راس مـن كـان طايـل
عسى غلام ما فعل مثـل فعـل والـده
تبكـي عليـه منقـضـات الجـدايـل
قانيه بن مرداس مـن مرقـب العـلا
رفـاع المبانـي مـن كبـار الحمايـل
خطى مثـل خطـوات لجـده ووالـده
جـده وابـوه مغضبـيـن السـلايـل
جتني حليلـة ليـث هجـر وشيخها
تشلـق هـدوم الغـي والقلـب جايـل
قلت ابشري بابنك مـع ابنـي وديعـه
يذريـه عـن لفـح الشتـا والقوايـل
وفكت ربـاط سـاج ساقـي بحجلـه
تحملـت شيلـه مـن سنيـن طوايـل
ودنوا لها حمـرا مـن الهجـن عيـره
وشالوا وركبت فـوق زيـن الظلايـل
وانا فوق قب يـوم احلـي وصوفهـا
ريميـة وان ذايـرة مــن خمـايـل
فرس من حمى بيض الحباري عن الملا
شيـخ تخاضـع لـه شيـوخ القبايـل
ياطـا علـى الديبـاج باربـع قبونهـا
والمـال معنـا تقـل يحـداه صـايـل
إهداء مقدم من صديقي (ملاك الروح)