شارك فيه مئات دور النشر اللبنانية والعربية والعالمية
محطة /
معرض الكتاب في
بيروت... موسم يتجدد لكن
الفرجة أقوى من الشراء
كما في نهاية كل سنة، يُنظم «النادي الثقافي العربي» «معرض
الكتاب العربي والدولي» في بيروت. وهو حمل في دورته الحالية الرقم 54 تحت شعار «فلسطين في القلب».
أقيم المعرض في قاعة «بيال» في وسط بيروت كما في الاعوام الماضية، وشاركت فيه مئات دور النشر اللبنانية والعربية والعالمية، في موازاة أنشطة ثقافية متعددة عبر اقامة ندوات وأمسيات ولقاءات ثقافية استمرت مدى اسبوعين. وشهد اليوم الواحد اكثر من نشاط في احدى قاعات المعرض او في قاعات خارجه.
ثمة تطورات شهدها المعرض هذه السنة، فقد زاد عدد دور النشر المشاركة فيه بنسبة عشرة في المئة. وبلغ عدد دور النشر اللبنانية 175 مقابل 51 داراً عربية، اضافة الى مشاركة رسمية لخمس دول عربية وخليجية هي: الكويت، سلطنة عمان، المملكة العربية السعودية، دولة فلسطين والامارات العربية المتحدة. اما الجديد اللافت في المعرض فيكمن في تجهيز ثلاثة اجنحة صغيرة بشاشات ذات محركات بحث الكترونية، تسهل للزائر ايجاد ما يبحث عنه، فضلا عن خدمة «واي فاي» في كل ارجاء المعرض، ما تتيح لأصحاب الهواتف النقالة المجهزة بتقنية الاتصال بالانترنت الدخول مجاناً الى قاعدة البيانات واجراء عملية البحث نفسها.
وبالنسبة الى مضمون المعرض فهي المرة الاولى تشكل فيها القضية الفلسطينية محوراً اساسياً في نشاطات «النادي الثقافي العربي».
ويقول الرئيس المنتخب حديثاً للنادي فادي تميم : ان «اوضاع فلسطين الصعبة وما تشهده الارض المحتلة من اوضاع سيئة نتيجة الاحتلال الاسرائيلي، دفعتنا الى التركيز على القضية الفلسطينية. وقد نظمنا لقاء مع المفكر عزمي بشارة عبر محاضرة له حول الوضع الفلسطيني الراهن، اضافة الى ندوات لسواه حول حقوق الفلسطينيين في لبنان». واضاف «المعرض هذه السنة يشكل حلقة ثقافية محورية في الواقع الثقافي العربي عبر هذا التركيز على القضية الفلسطينية، فضلاً عن دخوله الى تفاصيل الحياة الثقافية للمواطن العربي على ارض لبنان».
وقال مختتماً «يبقى هذا المعرض نشاطاً ثقافياً يجذب كل الفئات في المجتمع اللبناني والعربي».
حفلات التوقيع
يتميز المعرض هذه السنة بنسبة كبيرة من الحضور الثقافي عبر حشد من حفلات التوقيع لكتب صادرة حديثاً، إن في الشعر او القصة او الرواية او الفكر الادبي والسياسي والاجتماعي وسوى ذلك من الكتب التي بات الزائر على موعد سنوي معها. لكن كثرة التواقيع خلال ايام المعرض لا تقدّم الا صورة ضبابية عن واقع الثقافة الراهن. فثمة ظاهرة باتت شائعة هي ان كل من يستطيع اصدار كتاب لا يتورع عن اصداره، حتى لو كان خارج التصنيف الادبي. ومن يُدقق جيداً في الكتب الصادرة حديثاً يدرك حقيقة ما نرمي اليه. ثمة من ينظر الى هذه «الطفرة الكتابية» نظرة دونية ويعتبرها مسيئة الى المشهد الثقافي العام وصولا الى التساؤل «ما الذي يميز حال هؤلاء
الكتاب عن حال اولئك المغنين الذين برزوا فجأة ثم سرعان ما غابوا؟». واذا كانت حفلات التوقيع لادباء مخضرمين تتوالى، فان
الكتاب «الجدد» مثل جيش زاحف، ولا مغالاة في القول ان الكتّاب الذين اغنوا الثقافة باتوا اليوم اسرى سواهم من الوافدين من كل صوب وناحية.
وبالعودة الى دور النشر العربية فهي بالعشرات وتقدم الى الزائر كل ما لديها من كتب قديمة وحديثة. ثمة دور تركز على عرض الكتب التراثية وأخرى تركز على كتب الطبخ وفئة ثالثة تركز على الكتب الدينية والسياسية والادبية والروائية والشعرية. وفي المحصلة، يبرز التنافس بين الكتب الثقافية وتلك التي تتناول موضوعات التنجيم والطبخ.
إصدارات
الإصدارات الجديدة التي يتم عرضها او توقيعها لا يمكن حصرها، ويبدو واضحا ان ثمة ظاهرة تنافسية بين دور النشر التي تنظم حفلات التوقيع، بحيث تحشد هذه الدار مجموعة من الزوار في جناحها، وتسعى تلك الدار الى امتلاك المشهد الاعلامي. لكن حركة البيع في المعرض ليست على ما يرام، وهذا ما اجمع عليه معظم من التقيناهم من اصحاب دور نشر او موظفين.
* سليمان بختي المسؤول عن دار نلسن يقول «الحضور كثيف في المعرض، وهذا امر ايجابي جداً يساهم في تفعيل المشهد الثقافي العام. لكن المشكلة ان اغلب من يزورون المعرض يقومون بذلك لمجرد الفرجة، واذا ما سالناهم عن الكتب التي يبحثون عنها نكتشف من اجوبتهم انهم ينتظرون اليوم الاخير من المعرض، علّهم يوفرون اموالهم عبر الحصول على حسومات». ويوضح ان
الكتاب الاكثر طلبا يراوح بين الطبخ والتنجيم والسياسة، وثمة قلة قليلة تسأل عن
الكتاب الادبي.
* علي بحسون (دار الفارابي) «يبدو
الكتاب هذه السنة محور اهتمام نسبة قليلة من الناس، وثمة فارق بين الحضور الى المعرض لأجل الحضور فقط ومن ياتي لشراء الكتاب». ويضيف ان «للرواية حضوراً لافتاً من حيث الطلب عليها، يليها الشعر والكتب التراثية».
* ابراهيم الجريفاني (دار الرمك للنشر) «بيروت عاصمة الثقافة العربية، ونأتي من المملكة العربية السعودية للمشاركة في هذا المعرض لنؤكد دور بيروت الثقافي ونتفاعل مع
الكتاب الذي تحتضنه بيروت منذ اكثر من نصف قرن. في هذا المعرض ثمة حضارة راقية، وثمة فرح كبير نلاحظه بين الناس».
* لينا كريدية (دار النهضة العربية) «يشكّل هذا المعرض حدثاً ثقافياً نحتاج اليه في نهاية كل سنة. واهميته تكمن في تلك التظاهرة التي ترفع من شأن الكتاب، ونحن في دار النهضة نولي اهمية كبرى للكتاب لأنه منارة الثقافة واساس كل ثقافة». وتضيف «قدمنا في هذا المعرض مجموعة كبيرة من
الكتاب والكاتبات، شعراء وشاعرات، ومازلنا على الدرب ندعم كل مبدع يسعى الى تفعيل ابداعه. ولا بد من القول ان
الكتاب يبقى العرس الدائم الذي يصنع الفرح، ومهما ضغطت متطلبات الحياة على الناس، فان
الكتاب يبقى حاضراً في متناولهم، والحضور الكثيف في المعرض يؤكد ان
الكتاب والثقافة بألف خير».
* سينتيا ابو شعر (دار نوفل) «الكتاب هذه السنة له نكهة مميزة، ذلك انه يستقطب اهل الثقافة من كل حدب وصوب. وما هذه التظاهرة التي نراها كل يوم، من العاشرة صباحاً حتى العاشرة مساءً، الا خير دليل على اهمية هذا المعرض الذي بات ضرورة للناس والمدينة». وتضيف «نبحث في دار نوفل عن الكتّاب الجدد الذين يحملون بذور الابداع، وقد اصدرنا في هذا الاطار كتبا روائية وأدبية وشعرية وننتظر دائماً نهاية السنة لنشارك في المعرض، لتكون المناسبة جامعة اكثر».
* نبيل مروة (دار الانتشار العربي) «لا شك في ان
معرض الكتاب يمثل حالة ثقافية زاخرة، وتحتاج اليه البلاد على مدار السنة وليس خلال اسبوعين فقط. ولكن هذا لا يمنعنا من القول ان
الكتاب بات منذ فترة في متناول اقلية، فهموم الحياة تضغط على الناس بالاضافة الى ازدهار الانترنت. غير ان ظاهرة
معرض الكتاب مهما واجهت من صعوبات تبقى ظاهرة خاصة لا يمكن تخطيها، ويبقى للكتاب قراؤه الذين يستمتعون بالحرف والورق».