إبراهيم محمد باداود
إبراهيم محمد باداود
دولة قطر أو كما يشاع عنها في المجال الرياضي (العنابي) لا تزيد مساحتها على 11437 كيلو مترا مربعا، ولا يزيد عدد سكانها على مليون ونصف مليون نسمة، القطريون منهم لا يتجاوزون 25 في المائة، منهم في الدوحة فقط 83 في المائة. هذه قطر التي لفتت أنظار العالم إليها قبل 15 عاماً بتقديم واحدة من أهم القنوات الإخبارية في تاريخ الإعلام المرئي وهي قناة (الجزيرة)، والتي كانت ولا تزال محور حديث الكثيرين، بل إنها لم تكتف بهذا الإبداع الإعلامي في المجال الإخباري، فحرصت خلال السنوات الثلاث الماضية على الاستحواذ على الإعلام الرياضي لتحتل المركز الأول بلا منازع في القنوات الرياضية العربية، ولترغم كثيراً من البيوت بمختلف أطيافها أن تدخل كروت التشفير المدفوعة الثمن والخاصة بها بعد أن كانت ضرباً من ضروب الخيال مثل ما كان جهاز الاستقبال (الريسيفر) حلماً أن يوجد في بعض البيوت في زمن ما.
كانت قطر الأسبوع الماضي على موعد مع التاريخ ، لتصنع حدثاً غير تقليدي فقد انتصرت في الترشيح لاستضافة مونديال كأس العالم 2022 على كبار العالم، وفي مقدمتهم الولايات المتحدة بـ 14 صوتا مقابل ثمانية فجعلت رئيس أمريكا يقول عن هذا القرار كان (خطأ)، إضافة إلى تجاوزها لكل من أستراليا وكوريا الجنوبية واليابان، تخيلوا دولة قطر الصغيرة تنتصر على كل تلك القارات الكبيرة، وذلك بعد أن قدمت ملفاً للاتحاد الدولي مكوناً من 750 صفحة وسبعة مجلدات إضافية أخرى مكونة من ألفي صفحة. كل ذلك ضم جميع المعايير التي يتطلبها ''فيفا''، والمنشآت الرياضية، والبنية التحتية، والضمانات الحكومية، والضمانات الفندقية، والخدمات الصحية، كما تم تقديم ذلك الملف من خلال ثلاث لغات، إذ عرضت الشيخة موزة بنت ناصر المسند الملف باللغة الإنجليزية، كما عرض رئيس الملف الشيخ محمد بن حمد آل خليفة الملف باللغة الفرنسية، وقدم المدير التنفيذي للملف حسن الذوادي الملف باللغة الإسبانية.
جميل أن نرى هذا الإنجاز يتحقق من دولة خليجية عربية مسلمة، وجميل أن نرى هذا التخطيط والتنظيم والإعداد يتفوق على دول عظمى، وجميل أن نرى الشباب الخليجي الذين أعمارهم في منتصف العشرينيات يتحملون مثل هذه المسؤولية الدولية، ويقفون أمام العالم يتحدثون معه بلغاته المختلفة وينجحون في إبهاره، جميل أن نرى تلك الملاعب العالمية بتقنية بيئية راقية، وجميل أن نرى ذلك الزخم الإعلامي الراقي والطموح المصاحب للحملة، وجميل أن يكون لدينا ذلك الإصرار والتحدي لتحقيق الإنجاز، وأن نواصل طرح الأسئلة وترديدها مثلما رددتها الشيخة موزة في العرض الذي قدمته للجنة الدولية متى؟ متى؟ متى؟ يتم تحقيق هذا الحلم في الشرق الأوسط.
باختصار إنها الرغبة في التفوق والرغبة في أن تحقيق إنجاز مميز يشهد له القاصي والداني والعدو قبل الصديق، فذلك الفوز لم يأت من فراغ، ولم يتم بمساومة أو تحايل أو فساد بل جاء بجدارة واستحقاق، وجاء ليثبت للجميع أن من يعمل ويخلص ويتفانى يحصد ثمرة جهده، ومن جد وجد ومن سار على الدرب وصل.
glh`h t.j dh r'v?