(6 ) مدار الأفكار
غضب حواء
يقول الشاعر العربي :
أحبُّ مـكارمَ الأخلاق جَهدي = وأكـره أن أَعـيب وأن أُعابا
وأصفح عن سِباب الناس حِلماً = وشرُّ اللناس من يهوى السبابا
على الرجل أن يفوق المرأة بسنه وماله وحسبه وإلا احتقرته
.. وأن تفوقه هي بصبرها وجمالها وأدبها وإلا احتقرها ؟!
ما إن رأت النور « مدار أفكار» العدد الماضي، وداعبت اعين وأيدي الجنس اللطيف حتى توالت
رسائل الغضب وفاكسات الاحتجاج وايميلات التهديد والوعيد واتصالات العتب والتشره واللوم، وقد
نلتمس العذر، لان الغضب اوّله جنون وآخره ندم، وكما يقول النبي صلى الله عليه وسلم « الغضب
يفسد الايمان كما يفسد الصبر العسل»، ويقول عليه الصلاة والسلام « ليس الشديد بالصرعة، انما
الشديد من ملك نفسه عند الغضب» ومما تروي عائشة رضي الله عنها ان رجلا أتى رسول الله صلى
الله عليه وسلم، فاستوصاه فقال عليه الصلاة والسلام « لا تغضب » فقال زدني فقال « لا تغضب»
وعندما سئل عيسى عليه السلام ما الغضب قال التعزز والتكبر والفخر على الناس، ويقول اسفندريار
رأيت اعرابيا يوصي آخر قال له اياك وخرق الغضب انه يحوج الى ذل الاعتذار، وان احضر الاناس
جوابا من لا يغضب، ويقول معاوية بن ابي سفيان ما وجدت عندي شيئا الذ من غيظ اتجرعه، ومن حكم
افلاطون قوله « لا تسرع الغضب فيتسلط عليك بالعادة» ويقول احد الحكماء رأسمال الاحمق الحدة
وقائده الغضب ورأسمال الحكيم الصمت، وقائده الحلم، ويقول الأحنف بن قيس اذا أردت ان تواخي رجلا
فأغضبه فإن أنصفك وإلا فاحذره، ويقول الفضيل بن عياض ثلاثة لا يلامون على الغضب المريض
والصائم والمسافر، ويقال من غضب على من لا يقدر عليه عذب نفسه، واشتد غيظه وطال حزنه، وكما
يقول الشاعر:
لا يغضب الحر على سفلة=والحر لا يغضبـه النـذل
ورب وغد مضني فعلـه=قلت له رد فلك الفضـل
ورغم فيض الغضب الانثوي الذي واجهناه إثر نشر المقالة
السابقة «فتنة النساء» الا اننا لسنا ضد النساء، ولا نتحامل عليهن فهن نصف المجتمع وفيهن الام
والاخت والزوجة والابنة والحبيبة انما نجسد بعض الحقائق التي لا يمكن انكارها، وان كانت لا تعجب
البعض انهن بكل تأكيد حبائل الشيطان وعنوان الهوى والدعاء الى الفتنة بهن لما جعل الله في نفوس
الرجال من الميل الى النساء والاشتياق والالتذاذ بالنظر اليهن، وما يتعلق بهن فهن يشبهن الشيطان
بدعائه للشر وتزيينه للمغريات والاقتراب من المحرمات، وكما جاء في الأثر « اعص الهوى والنساء
واصنع ما شئت» ويقول علي بن ابي طالب رضي الله عنه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
ذكر النظر الى النساء فقال « النظرة الاولى لك يعني نظرة الفجأة والثانية عليك لا لك» والنظر الى
المرأة سهم من سهام ابليس فمن تركه خوفا من الله أثابه الله ايمانا يجد حلاوته في قلبه، ولكن كم من
السهام اخترقت اجسادنا بسبب النظر وكم جلبت لنا من الشرور والعناء، ولا نستطيع الفكاك منها فهن
كما يقول عمر بين الخطاب رضي الله عنه « ليس في النساء سرف، ولا في تركهن عبادة ولا زهد »
ويقول احد العلماء ينبغي ان يكون الرجل فوق المرأة بثلاث « بالسن والمال والحسب» والا احتقرته
وان تكون فوقه بثلاث «الصبر والجمال والادب» وإلا احتقرها ورغم شدة فتنة النساء وجلبهن للعناء
والشقاء إلا انهن رياحين الشم والضم ولا غنى للرجال عنهن، وكما يقول الشاعر:
ان النساء رياحين خلقن لنا=وكلنا يشتهي شم الرياحين
هذا البيت نهديه لبنات حواء ممن تلطفن في عتابهن اما اللواتي
اخرجهن الغضب عن حدود الادب فليشربن ماء البحر، لأن التهديد والوعيد لا يحرك لنا ساكنا، لان من
اطاع غضبه اضاع ادبه، وكما يقول ابن المعتز الغضب يصدي القلوب حتى لا يرى صاحبه شيئا حسنا
فيفعله، ولا قبيحا فيتجنبه والعاقل لا يغتر بأربعة كما يقال اكرام الملوك وضحك العدو وتملق النساء
وحر الشتاء وللريحانة التي توعدت بإيقاف زاويتي بمجرد اتصال فلتسرع بذلك لتريح وتستريح.
كل فتنة دون فتنتكن تهون=ياعنانا يا شقانا من الحسان
كم محب ٍ أوصلنه للجنون=والأدلة واضحات ٍ للعيان