قدمت مجموعتها القصصية بلغة جميلة
باسمة
العنزي تغلق الباب دون ضجر!!
رغم انها من الأقلام الشابة في كتابة القصة القصيرة في الكويت الا ان
باسمة العنزي تملك من التميز ما يجعل مجموعتها القصصية الثالثة تحظى بالاهتمام وهي بعنوان «يغلق
الباب على ضجر» نظرا لأسلوبها الشائق، وعدم الاطالة في السرد القصصي فلا تشعر بالملل وأنت تقرأ قصصها التي تتناول بيئة من بيئات الكويت الاجتماعية.
تناولت الكاتبة منطقة «الجهراء» دون ذكرها حرفيا في قصتها «حصة النائية» المدينة العارية المغروسة كأحجية في الجزء الشمالي من الصحراء وعن الجنية التي تقدم خدمات انسانية مختلفة للفريج حيث الأثر الروحي للغيبيات عند أهل الشرق وايمانهم بقدرتهم على القيام بأمور سرية بعيدا عن أعين المجتمع.
وفي قصتها «الشاهين في مربطه» شخصية «بوسند» المسن الذي بات يشعر بهشاشته يوما بعد يوم وفقد بشاشته حيث معاناة كبار السن من قبل ذويهم وهم وان تم تقديرهم وخدمتهم فان حسرة ما تئن في داخلهم.
خلاص
ولم تنس
العنزي تناول مأساة بنات جنسها عند الزواج من زوج سيئ فتناولت في قصتها «اشارة خلاص واحدة» صبر الزوجة «ابتهاج» وتحملها لمختلف أنواع الاهانات والضغوطات الاجتماعية والنفسية وهي تعمل كباحثة نفسية الى ان تتحرر منه حيث الخلاص وتكاد تكون تلك القصة هي الأجمل من بين بقية قصصها الجميلة.
وتتعمق
العنزي كثيرا وهي تعمل على تشريح المجتمع الذي يحتضنها من خلال قصة عنوانها «ألعاب نارية» اذ مكانة المرء المتميزة ليس بدينه أو بخلقه أو بعلمه أو بتميزه في عمله بل بـ«ال» التعريف التي تحتضن هويته فكانت معاناة «عيد معتوق» مع بشرته السمراء وسيارته العادية وفي عمله يشعر بالنقص عندما يعمل مع الذين يملكون «ال» التعريف الجذابة اللامعة، ويطرزون عباراتهم بالمفردات الانجليزية عندما يتحدثون عن رحلاتهم لأوروبا وغيرها، ويشعر بالنظرة الفوقية عندما يتحدثون عن مكان لا تعرفه وعندما لا يستدلون على بعض المناطق الخارجية وفي أعماقهم لا يعتبرونها ضمن خريطة طريقهم.
محمد عبده
وتستحضر
العنزي الفنان محمد عبده وأغنيته الرائعة «المعازيم» التي كتبها الشاعر الكويتي الشهيد فايق عبد الجليل في قصتها التي تحمل اسم «رايحين مشوار»، و تستعرض لغتها الجميلة في الكثير من كتابتها منها «علي ان انتزع عباءة أمي من فم الشمس» نهار كل جمعة، و«نصف ساعة من السقوط في فخ الظنون السوداء كل جمعة» حيث القلق والصمت الى ان تلتقي الأسرة بالأب، وهي تتعمق بشخصية الأطفال عندما يكون الأب بعيدا رغما عنه وأثره النفسي فيهم.
من يقرأ للكاتبة
باسمة العنزي يستشف موهبتها في الكتابة القصصية ومن يتمعن فيما تكتب يدرك عمقها الفكري الاجتماعي، فباتت
باسمة العنزي تغلق الباب دون
ضجر!! لتبدع دون ان تشعر الآخرين بذلك، وقد امتلكت الكاتبة القدرة على التقاط عناصر من المجتمع وقدمتها بابداع كاتبة لا تبحث عن الاثارة فحققت التميز الحقيقي، وهي تكتب بلغة رشيقة بها صور جميلة وأبعاد انسانية واجتماعية عميقة اضافة الى ان الجانب التحليلي يبث الدهشة لدى المتلقي/ القارئ دون ان تخدش حياء الدين أو النظرة الاجتماعية بل انها حققت التميز السردي دون ان تكتب قصصا تسيء الى الدين أو تضم في طياتها ايحاءات جنسية كما تفعل بعض الكاتبات الدخيلات في الكويت وخارج الكويت حيث لديهن من يكتب عنهن في الاعلام بيد ان
باسمة العنزي تميزها في عقلها وفي كتابتها الرصينة الممتعة، وفي أسلوبها الرائع الأمر الذي جعلها تتفوق على الكثير من الكاتبات اللاتي سبقنها بسنوات طويلة وهن لا يكتبن الا عن المحظورات بحثا عن الشهرة فاختصرت
العنزي تلك السنوات بقلمها المتميز الذي من شأنه ان يرتقي بمسيرة القصة القصيرة الى جانب كتاب القصة الحقيقيين في الكويت.