( 205 ) مدار الأفكار
حُماة السرقات
يقول الشاعر العربي :
لا أسْرِقُ الشّعَراءَ ما نَطَقوا= بَل لا يُوافِقُ شِعْرَهُمْ شِعْري
إنّي أبَى لي ذَلِكُمْ حَسَبي =ومقالة ٌ كمقاطعِ الصخرِ
إن السرقة كما يعرّفها أرباب اللغة تعني: ( أخذ الشيء خفية على وجه التستر)،ويقال سَرَق الشيء يسْرِقه
سَرَقاً وسَرِقا ًوالاسم السَّرِق والسَّرِقة بكسر الراء , وقال ابنُ عَرَفَة : السّارِقُ عندَ العَرَبِ : منْ جاءَ مُسْتَتِراً
إلى حِزْرٍ فأَخَذَ مالاً لغَيْرِه فإن أخَذَهُ من ظاهِرٍ فهو مُخْتَلسٌ ومُسْتَلِبٌ ومُنْتَهِبٌ ومُحْتَرِسٌ فإِنْ مَنَع ما في يَدِيه
فهو غاصِبٌ، فهو سارق وهى سارقة , قال الله تعالى: ( وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا جَزَاء بِمَا كَسَبَا
نَكَالاً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ* فَمَن تَابَ مِن بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)
( المائدة :38-39) ,ويعرّف فقهاء الشريعة السرقة بأنها: ( أخذ مال خفية من حرز مثله بلا شبهة),وفي
القانون هي: (اختلاس مال منقول مملوك للغير بدون رضائه و بنية تملكه ),أما في الأدب فقد قيل إنها: ( أخذ
ما للغير من نتاج وادعاء ملكيته ) كأن يعمد أحد الأدباء على أخذ نصٍ أو جزء من نص من أديب آخر، إمّا
لفظاً وإما معنًى فقط، ويدخل بضمنها الصور الفنية, وللسرقة في مفهوم النقد العربي القديم درجات ذكر منها
: (الانتحال - الإنحال - الإغارة - المواردة - المرافدة - الاجتلاب - النسخ - الاستلحاق - الاصطراف –
الاهتدام - الالتقاط - السلخ - التلفيق - المسخ - الغصب - الاختلاس - الإلمام - الملاحظة – المشترك
المبتذل - المعاني العقم - الادعاء - الموازنة - الأخذ - الحل - الاقتباس - التضمين - العقد – التلميح )
,وكل هذه المصطلحات تعني : أخذ المعنى والفكرة في خفاء عن السامع والمتلقي بحيث يجهل من أين أتى
الأديب بمعناه أو فكرته فيكون الاعتقاد بأنها من ابتكار الأديب ،وعند ابن الأثير في المثل السائر السرقات
ثلاثة أنواع هي : النسخ: وهو أخد اللفظ والمعنى برمته من غير زيادة عليه , والثاني: السلخ، وهو أخد
بعض المعنى ،والثالث: المسخ، وهو إحالة المعنى إلى ما دونه ، وكما يقول الأديب زياد احمد سلامة : ( لم
تتوقف السرقات بين الناس على الاعتداء على ممتلكات الآخرين المادية، من سرقة أموال أو عقارات ، بل
تعدى الأمر إلى الاعتداء على ممتلكات الآخرين المعنوية والأدبية، وكم سمعنا وقرأنا أن شاعراً أغار على
قصيدةٍ لشاعر آخر وادعاها لنفسه، أو اكتفى بسرقة ( المعنى ) فأعاد صياغة العمل الشعري على أطلال
معاني أو صور وأخيلة آخر، وقد شغلت هذه القضية الأدباء والنقاد والمهتمين بالأدب )، و لقد أنف الشعراء
قديما من ممارسة التعدي على أشعار غيرهم واعتبروا ذلك نقيصة ،يقول الشاعر الجاهلي طَرَفَة بن العبد
: (ولا أغير على الأشعار أسرقها *عنها غنيت، وشر الناس من سرقا ), أما في زمن انتشار القنوات الفضائية
,وكثرة المجلات الشعبية , والمواقع الأدبية فقد انتشرت سرقات الأدب ووجدت من يدافع عن السارق ويسانده
بدافع المحاباة وتداخل المصالح ,ومن يفعل ذلك هو أسوأ بلا شك من السارق نفسه ,وقد تعرضت
شخصيا لسطو وسرقة من قبل شاعرة خليجية استولت على قصيدتي الموسومة ( يا نون ) والتي
غناها فنان العرب محمد عبده , وقامت بنشرها عام 1999م في مجلة شعبية كويتية
مشهورة ,وعندما أرسلت قصاصات من الجرائد التي نشرت فيها القصيدة عام 1986م أي قبل
نشرها لديهم ب ( 13) سنة اتصل علي ّ رئيس التحرير والذي يدعي في كثير من المناسبات بأنه
( ناصر ) الأدب الشعبي ويحرص على ( خدمة الأدب وحفظ حقوق الشعراء ) مبديا أسفه مما حصل
ومقرا بالخطأ,وطلب حضوري بشان التنويه المطلوب مع ضرورة كتمان الأمر عن الجميع ,وعند
حضوري وضع جميع المغريات من نشر واهتمام بقصائدي وتعويض مادي يدفع بمعرفته إلا إنني
رفضت كل ذلك وتمسكت بالتنويه فأعلنها صراحة إن التنويه يضر بمجلته لاسيما و إن الشاعرة
صاحبة نفوذ - حسب قوله - وبدأت مماطلاته مما فوّت فرصة التنويه وحتى المحامي الذي تم توكيله
لتبني القضية لم يكمل بقية الإجراءات لأسباب لا زلت أجهلها وإن رأيت له قصيدة منشورة على
صفحتين في ذات المجلة وقد تكون ثمنا للتخلي عن متابعة سير القضية.
يا (المختلف) بأرياك عن صايب الراي= غشيتني بأسلوب حسن النوايا
أخذتني بآمال ووعود حمّاي= حامـي أدبنا عن جميع الرزايا
حطيت لي شمس الأمل وسط يمناي= وباسم الوفاء ظللت صافي سمايا
حسن اعتقادي ردني عن نواياي= وأحسنت روح المعتقد بإزملايا
ظنيت شخصك صادق الوعد وياي=واثري وعودك والتزامك حكايا
كنت احسب انك ( ناصر ٍ ) صح دعواي= حتى اتضح برهان كل الخفايا