~|| مجنـون خلــــود ||~
شعر : د / أحمد صفوت الديب
أعدمـت أحلامـي فـلا ألقـاهـا
وشككـت آمالـي بطـرف قناهـا
فغدت صريعة حبهـا مـن طعنـة
قـد مزقتهـا بعثـرت أحشـاهـا
فشهدت مصرعها وصوت صراخها
يا ليـت تسعفهـا التـي أهواهـا
وكسرت أقلامي ولـم أحفـل بهـا
مزقـت أشعـاري لكـي أنساهـا
مذ سطرت بخلود شعـرا سامقـا
بلـغ السمـاء وشمسهـا وذراهـا
يا ليت شعري أن يـرد كرامتـي
من بعدمـا ضاعـت فلـم ألقاهـا
يا ليـت أنسـى أو أفكـر لحظـة
في البعد عنهـا أو أحـب سواهـا
يا ليت شعري رد ما أخذ الهـوى
أو حقـق الآمـال فـي رؤياهـا
أتصدنـي تبـل الفـؤاد مكـبـل
بقيودهـا الخرسـاء مـا أقساهـا
لا أستطيـع لهـا دفاعـا أو أرى
صبري وبعـض تجلـدي أفناهـا
أتصدنـي وأنـا المتيـم بالهـوى
أجنى من الصحراء شـوك رباهـا
أسرجت خيـل خيالهـا وركبتهـا
في ساحة الأشواق وهـي تراهـا
مجنونـة تجـري لتلقـى حتفهـا
والمـوت أقبـل ضاحكـا حياهـا
وحملت سيف الصبر أهزأ بالنـوى
وعقدت أشواقـي بطـرف جباهـا
أنا لست إلا سائـلا عبـر الدنـى
وسؤالـه بخلـود عـن رؤيـاهـا
الصبـر رحلتـه وعـز بلـوغـه
يا رب هب للنفـس يـوم قضاهـا
والروح شـاردة تسيـل جراحهـا
والدمع يرسم في الطريق خطاهـا
رث الثيـاب كأنمـا أيـد البلـى
لعبت به والـروح مهـد صباهـا
حاكت خيوط الثوب من ذل الهوى
ودموع عينه في الدجـى وبكاهـا
رسم الشحوب بوجهه موت الصبـا
والحـب والأشـواق مـا أقساهـا
يمشي كما الطفل اليتيم على الربـا
يسل الورى من كـان قـد لاقاهـا
فالسهد قوتـي والدمـوع سقايتـي
واليأس دار طـاب لـي سكناهـا
والحـب أرفعـه بكفـي رايــة
روحي كستها مـن زكـي دماهـا
فإذا التقيت خلود يومـا صاحبـي
حي الجمـال وحـي مـن حياهـا
آه بحبـك قلتهـا يــا حلـوتـي
بالله أسـأل هــل عـرفـت الآه
أكحيلـة العينيـن فاتنـة الـورى
السهـد كحـل أعينـي وكـواهـا
نامي فقد سهـرت عيونـي ليلتـي
لا بـل سهـرت لياليـا أرعاهـا
وأقول للعشـاق طـاب مساؤكـم
كـل يغنـي باسـم مـن يهواهـا
صبوا كؤوس السهد وادرعوا الدجى
فلكـل روح حزنـهـا وبـلاهـا
لا تيأسـوا مثلـي فـإن هـالـك
ما خاب مـن قصـد الكريـم الله
واستدركوا الأشواق قبـل فرارهـا
في صبح هجر بالجـوى يغشاهـا
واستنفذوا الصبـر الجميـل لعلـه
يهدى إلى جرحى النفـوس شفاهـا
واستشهدوا تلـك النجـوم عليكـم
ليت النجوم تجيـب مـن ناجاهـا
وادعوا الإله معي ألا قتل الهـوى
فكم استباح مـن القلـوب دماهـا
يا معشـر العشـاق إن زعيمكـم
هو أحمد فـي حـب مـن ناداهـا
وتركتهم والصبـح ينشـر نـوره
صفحـات آمـال علـي رمـاهـا
فأخذتها وكتبـت بيـن سطورهـا
قسمـا بعينيـك التـي أهـواهـا
قسمـا بكـل قصيـدة سطرتـهـا
بك يا خلود الشـوق قـد أملاهـا
قسما بعيني التـي ألـف الجـوى
والسهد في ليـل النـوى سكناهـا
أنـي أحبـك منـذ يـوم ولادتـي
رفقـا بروحـي فالهـوى أفناهـا
عدد النجوم تناثرت وسـط السمـا
لو عدها شخـص لمـا أحصاهـا
عدد الدقائـق والثوانـي حلوتـي
مرت علي فمـا رحمـت شقاهـا
وأقول يا عمـري أحبـك فاسألـي
وتـردد الدنيـا تضـج ربـاهـا
سمعت بصرخاتي الخلائـق كلهـا
وخلود ما سمعت برجـع صداهـا
لله ما لاقيـت فـي أمـر الهـوى
هـل تسمـح الأقـدار أن ألقاهـا
أفرغ علينا الصبر يا صبح النـوى
أبلـغ خلـود بأنـنـي أهـواهـا
أبلغ خلـود بـأن بلغـت نهايتـي
ومر الـورود بـأن تقبـل فاهـا
واستأذن الأشـواق ترحـل بكـرة
وتعود بالبشرى وطيـف رضاهـا
فالموت حلى على مشارف مهجتي
فرغبت منه عـن قريـب أراهـا
ويكن له ما شاء مـن بعـد اللقـا
وحلفـت أن أنسـى ولـم أنساهـا
فحملت روحي فوق راحات المنـى
بشراك يا مشتـاق سـوف تراهـا
لأرتل الأشـواق والأشعـار فـي
محـراب عينيهـا وألثـم فـاهـا
وأصب في شريانها حبـي الـذي
بالشوق والإخـلاص قـد ناجاهـا
لكنني من بعـد رؤياهـا ارتـوت
روحي روتهـا بالهـوى عيناهـا
وهتفت لن آتـي فدعنـي هاهنـا
أنـا لا أريـدك لا أريـد سواهـا
ونسيـت كـل ملامـة وشكـايـة
وبـدأت أسمـع مطرقـا شكواهـا
وحيت بها الآمال وانتعش الهـوى
لتمـوت كـل وجيـعـة ألقـاهـا
خطرت خلود تهـز ليـن قوامهـا
والغصن يرقـب حاقـدا ممشاهـا
والورد يحسد ورد خديهـا النـدي
فاحمر من خجـل الهـوى خداهـا
واهتزت الأشجـار يـوم تحدثـت
قد أطربتها فـي الهـوى بغناهـا
والطير في أعشاشها قـد سبحـت
سبحـان خالقهـا ومـن أنشاهـا
أرأيـت أنـي لا أحـب مفـردي
أنت التـي كـل الدنـى تهواهـا
حسناء تمزج بالعفـاف خصالهـا
مـا كـان أجملهـا ومـا أبهاهـا
في راحتيها العطر يهـزأ بالزهـو
ر بلونهـا بأريجـهـا بشـذاهـا
فستانهـا قطـع السحـاب تلفهـا
ومكانها فـي الأفـق مـا أعلاهـا
وحديثها شهـد يصافـح مسمعـي
أنـا لا أريـد حبيـبـة إلاهــا
يا سعد قلبي وابتهـال مشاعـري
لو صافحتني عـن قريـب يداهـا
زان الجمال جمال خلقـك حلوتـي
أخلاقـك البيضـاء مـا أصفاهـا
أخلود يا قمري كتمـت مواجعـي
مـا للسحـاب بثغـره أفشـاهـا
قولـي أحبـك مـرة لا تخجلـي
سأظل أسمع مـا حييـت صداهـا
لا تخجلي ودعي المشاعر وحدهـا
تصف الهوى وتجيب مـن ناداهـا
الحـب لا عيـب ولا ذم الألــى
حـب النسـاء ولا الـذي يهواهـا
قولي أحبك واسعـدي بـك خافقـا
تـرك الحيـاة لأجلـك وسلاهـا
وأتاك يعلـن حبـه بيـن الـورى
في مسمع الدنيـا فأخـرس فاهـا
أنت البعيـدة مـن أذاهـا هالـك
أسد الشرى والخلـق دون حماهـا
قالـوا النسـاء قلوبهـن رقيـقـة
وأرى خلـود لـم تلـن لفتـاهـا
قالـوا النسـاء مشاعـر حساسـة
فعسى خلود بـأن تحـس عساهـا
لو خيروني فـي هـواك ودنيتـي
ويكون لي بيـن الخلائـق جاهـا
وتكون لي الأموال تلتهـم الربـى
سبحانـك اللهم مــن أعطـاهـا
لاخترت حبـك واكتفيـت بنظـرة
عن قرب منك فلا أريـد سواهـا
يا وردة بيضـاء صادقـة الهـوى
بدمـوع عينـي خافقـي رواهـا
أنـا كلمـا صارحتهـا بمحبتـي
قالـت عرفـت فقلـت منهـا الآه
وتزيد قسوتهـا علـي وقـد درت
بمحبتـي فأنـا الـذي يهـواهـا
كلفت نفسي فـوق طاقتهـا فمـن
سيغيث نفسي مـن عظيـم بلاهـا
أرأيت ديواني امتـلات صفحاتـه
بقصائد فـي خلـود مـا أحلاهـا
إلهام روحـي إن كتبـت قصيـدة
وجمال حرفي إن شكـوت هواهـا
وعرفت بالمجنون بيـن صحابتـي
بخلـود مجـنـون ولا أنسـاهـا
قالوا قصرت على خلود قصائـدي
قالـوا ولسـت بشاعـر لولاهـا
قلت اعذروني ذاك فيض محبتـي
قد سال في أرض الهوى ورباهـا
ما جف حرفي يـا رفاقـي إنمـا
ملـك التشـوق مهجتـي وحداهـا
وأناخ ركبي فـي ديـار حبيبتـي
أتلـو القصائـد عاشقـا أواهــا
مجنون ليلـى قـد تولـى عهـده
ومضى على ليلى الردى فرماهـا
فأتيـت أوصـل عهـده وأمــده
برواية شعـري الأصيـل حكاهـا
لا قيس قيس ولا الزمـان زمانـه
لا تأمـن الدنـيـا ولا تخشـاهـا
وإليك ديوانـي تصفـح مـا بـه
تجد القصائد فـي التـي أهواهـا
نصف القصائد في خلود ونصفهـا
أشكو لها حالـي وعـز رضاهـا
لكـن شعـري لا يفيهـا حقـهـا
في الوصف عن وصفي فما أسماها
فخلود من صنع الجمـال ووجهـا
كالشمس تشرق هل علمت سواهـا
إن كنت لا أخشى الزمـان فإننـي
أخشـى خلـود وصدهـا ونواهـا
فخلود حب فـي فـؤادي راسـخ
مثل الجبال فجـل مـن أرساهـا
خمسون بيتا قـد كتبـت ومثلهـا
لك يا خلود فأنـت مـن أهواهـا
سعيد الخميس