من الأحكام الخاصة بالنساء حِلّ لبس الذهب والحرير مع كونه حرامًا على الرجال، فعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أنَّ رسول الله ﷺ قال: «أُحِلَّ الذهبُ والحرير لإناث أمتي وحُرّمَ على ذكورها» رواه البيهقي. وانعقد الإجماع على جواز لبس الذهب للنّساء، وفي حديث الصدقة أنَّ النّساء كُنَّ يضعنَ في الصدقة الخاتم وأنواع الحلي. فعن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: «أشهد على رسول الله ﷺ أنه خطب بعد الصلاة في يوم عيد ثم أتى النساء وظنّ أنه لم يُسمعهُنَّ، وبلال معه، فوعظهنّ، وأمرهنّ
بالصدقة، فجعلت المرأة تلقي الخاتم والقرط، وبلال يأخذ في ناحية ثوبه» رواه البخاري، وهذا يَدل على أنهُنَّ كُنَّ يَلبسن الذهب حتى خارج البيت ويحضرن به إلى المصلى يوم العيد، والعجب ممن حَرمَّ في هذا العصر لُبسَ الذهب للمرأة مخالفًا الحديث والإجماع وهو المدعو ناصر الألباني حيثُ قال في كتابه آداب الزفاف ص 122: «يَحرمُ على المرأة أن تَلبس الذهب المُحلق»!! ويعني بذلك الخاتم والسوار والسلسلة من الذهب!!… فلا عبرة بكلامه بعد ورود الأحاديث والإجماع على جواز ذلك. وفي حديث عائشة رضي الله عنها قالت: «قدِمَتْ على النّبيّ ﷺ حِلية من عند النجاشي أهداها له فيها خاتم من ذهب فيه فصٌّ
حبشي، فأخذه رسول الله ﷺ بعودٍ مُعْرضًا عنه أو ببعض أصابعه ثم دعا أمامة بنت أبي العاص، بنت ابنته زينب فقال: «تَحَلَّيْ بهذا يا بُنَيّة» رواه أبو داود وابن ماجه والبيهقي، وقال النووي في شرح صحيح مسلم: «أجمع المسلمون على إباحة خاتم الذهب للنساء وأجمعوا على تحريمه على الرجال»، وممّن ذكر الإجماع أيضًا ابن دقيق العيد نقله الحافظ ابن حجر في كتاب فتح الباري على صحيح البخاري والحافظ السيوطي في شرحه على السنن الكبرى، فلا يغترّ المسلم بشبهات أهل الزيغ وانحرافهم وليلزم جماعة المسلمين.
نتفُ الحاجب والخلوة
ومن الأحكام المتعلّقة بالمرأة حرمة النَّمْص وهو نتفُ الحاجب للحُسنِ وهو يختصّ بنتف الشعر من الحاجب فقط، قال رسول الله ﷺ: «لُعِنَتِ الواصلَةُ والمُستوصِلةُ والنّامِصَةُ والمتَنمصَةُ والواشِمةُ والمُستَوشِمَةُ» رواه أبو داود، وما سوى الحاجبين لها نتفه كالشعر الذي ينبت في الوجه، بل يستحب لها نتف الشعر الذي في الوجه واللحية لو كان لها ذلك، وجوّز بعض الشافعية في النمص ونحوه الحِلَّ بإذن الزوج فإن مات زوجها حَرُم عليها فِعلُه بعد ذلك، ويَحرُم النَّمْص إذا كان على وجه فيه تشبُّهٌ بالفاجرات، وذلك كالتي تنتف شعر الحاجب كله ثم تَرْسُمُه رَسْمًا بنَوع من الألوان فهذا حرامٌ عند الجميع. وأما غير ذا
ت الزوج فليس لها نتفُ الحاجب فليتنبّه لهذا الحكم. وأما قص شعرات الحاجب الطويلة التي منظرها مزعج أو التي تؤذي العين فيجوز ولا يعد ذلك من النَّمص المحرّم.
ويحرم وصل شعر المرأة بشعر نجس أو شعر آدمي لورود الحديث المذكور سابقًا… وكذا يحرم حلق الحاجب ورسمه بالوشم كما هو في عصرنا، كما يحرم على المرأة والرجل الوشم مطلقًا. ويحرم أيضًا على المرأة التزيّن بزينة خاصة بأهل الفجور كوضع الحلق في السرة ومواضع أخرى في البدن غير ما أحِلّ.
وكذا يحرم على المرأة أن تختلي برجلٍ غير محرم وغير زوج في مكان لا يراهما ثالث يستحى منه لقوله عليه الصلاة والسلام: «ألا لا يَخْلُوَنَّ رجلٌ بامرأةٍ فإنَّ الشيطانَ ثَالِثُهُمَا» رواه النَّسائي، معناه الشيطان يشتغل بهما حتى يوقعهما في الحرام لأنه تلك الساعة يقوى عليهما، ولقوله عليه الصلاة والسلام في وصيته عند بيعة النساء: «إنّما أنبئكن عمّا نُهيتُنَّ عن أن تعصينني فيه لا تَخْلُوَن بالرّجالِ وُحْدانًا» عزاه الحافظ ابن حجر في فتح الباري لابن جرير. فلو كان رجل وامرأتان لم تكن خلوة، وكذا رجلان وامرأة ليست خلوة بشرط الثقة ومع أن حكم الخلوة يحرم على الرجل أيضًا لكن ذكرناه لغلبة الفتنة.