الحمد لله الواحد الأحد، الفرد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد، وأصلي وأسلم على خير البرية، وأزكى البشرية، أما بعد:
فقد أسري بنبينا - صلى الله عليه وسلم- إلى بيت المقدس ثم عرج به إلى السماء السابعة ثم أطلعه الله على بعض الأمور تكريماً له، وأتاه آتيان – أي ملكان- فقالا قم يا محمد أو انطلق يا محمد؛ فانطلق معهما فرأى مناظر عديدة من الجنة والنار يشيب لها الولدان وتضع كل ذات حمل حملها، وترى الناس سكارى وما هم بسكارى، ولكن عذاب الله شديد، ولعلي أن أتكلم عن المناظر التي رآها النبي - صلى الله عليه وسلم- في النار؛ لعل عيناً تدمع، ومذنب يتوب، وعاصٍ يستغفر.
قال الإمام الحاكم1: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا الربيع بن سليمان، ثنا بشر بن بكر التنيسي، ثنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، عن سليم بن عامر الكلاعي، حدثني أبو أمامة الباهلي -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه و سلم- يقول: ((بينا أنا نائم إذ أتاني رجلان فأخذا بضبعي فأتيا بي جبلاً فقالا لي: اصعد فقلت إني لا أطيق فقالا: إنا سنسهله لك فصعدت حتى كنت في سواء الجبل.....
عواء أهل النار:
فإذا أنا بأصوات شديدة قلت: ما هذه الأصوات؟ قالوا: هذه هو عواء أهل النار.
الإفطار قبل غروب الشمس:
ثم انطلق بي فإذا بقوم معلقين بعراقيبهم مشققة أشداقهم تسيل أشداقهم دماً فقلت: ما هؤلاء؟ قال: هؤلاء يفطرون قبل تحلة صومهم.
عاقبة الزنا:
ثم انطلقا بي فإذا بقوم أشد شيء انتفاخا و أنتنه ريحا و أسوأه منظرا فقلت: من هؤلاء؟ قال: هؤلاء الزانون و الزواني)).
وفي رواية في البخاري2: ((فأتينا على مثل بناء التنور قال عوف: أحسب أنه قال: فإذا فيه لغط وأصوات فاطلعنا فإذا فيه رجال ونساء عراة وإذا بنهر لهيب من أسفل منهم فإذا أتاهم ذلك اللهب تضوضوا قال: قلت: ما هؤلاء؟ قالا لي: الزناة والزواني.
جزاء من منعت وليدها من الرضاع:
ثم انطلق بي فإذا أنا بنساء تنهش ثديهن الحيات فقلت: ما بال هؤلاء؟ فقال: هؤلاء اللواتي يمنعن أولادهن ألبانهن)).
خطباء الفتنة:
عن أنس - رضي الله عنه - عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ((ليلة أسري بي رأيت قوماً تقرض ألسنتهم بمقاريض من نار، أو قال من حديد قلت: من هؤلاء يا جبريل قال خطباء من أمتك يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم وهم يتلون الكتاب أفلا يعقلون))3.
خازن النار والدجال:
عن ابْنَ عَبَّاسٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ((رَأَيْتُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ...، وَرَأَيْتُ مَالِكًا خَازِنَ النَّارِ , وَرَأَيْتُ الدَّجَّالَ فِي آيَاتٍ أَرَانِيهِنَّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ))4.
وفي رواية في البخاري5: ((فانطلقنا فأتينا على رجل كريه المرآة كأكره ما أنت راء رجلا مرآة فإذا عنده نار يحشها ويسعى حولها قال: قلت لهما ما هذا؟ قال: قالا لي: إنه مالك خازن جهنم)).
آكل الربا:
عن أبي رجاء عن سمرة - رضي الله عنه - قال: قال النبي - صلى الله عليه و سلم -: ((رأيت ليلة أسري بي رجلاً في نهرٍ يلقم الحجارة فسألت من هذا فقيل: هذا آكل الربا))6.
وفي رواية:
((رأيت ليلة أسري بي لما انتهينا إلى السماء السابعة فنظرت فوقي فإذا أنا برعد وبرق وصواعق، قال: وأتيت على قوم بطونهم كالبيوت فيها الحيات ترى من خارج بطونهم، فقلت: من هؤلاء يا جبريل، قال: هؤلاء أكلة الربا، فلما نزلت إلى السماء الدنيا نظرت أسفل مني فإذا برهج ودخان وأصوات، فقلت: ما هذا يا جبريل؟ قال: هذه الشياطين يحومون على أعين بني آدم، لا يتفكروا في ملكوت السموات والأرض، ولولا ذاك لرأوا العجائب))7.
وفي رواية في البخاري: ((فانطلقنا على نهر -حسبت أنه قال: أحمر مثل الدم- وإذا في النهر رجل يسبح وإذا عند شط النهر رجل قد جمع عنده حجارة كثيرة وإذا ذلك السابح يسبح ما يسبح ثم يأتي ذلك الرجل الذي جمع الحجارة فيفغر له فاه فيلقمه حجرا قال: قلت: ما هؤلاء ؟ قالا لي:آكل الربا))8.
الذي ينام عن الصلاة المكتوبة:
روى البخاري : قال أخبرنا محمد بن المنذر بن سعيد، حدثنا عيسى بن أحمد، أخبرنا النضر بن شميل، أخبرنا عوف، عن أبي رجاء العطاردي عن سمرة بن جندب الفزاري - رضي الله عنه - قال: كان رسول الله - صلى الله عليه و سلم - فيما يقول: ((هل رأى أحد من رؤيا))؟ فيقص عليه من شاء الله أن يقص وإنه قال لنا ذات غداة : ((إنه أتاني الليلة آتيان وإنهما ابتعثاني وإنهما قالا لي: انطلق وإني انطلقت معهما....
حتى أتينا على رجل مضطجع وإذا آخر قائم عليه بصخرة وإذا هو يهوي بالصخرة لرأسه فيثلغ بها رأسه فتدهدهه الصخرة ها هنا فيقوم إلى الحجر فيأخذه فما يرجع إليه - أحسبه قال : حتى يصح رأسه كما كان ثم يعود عليه فيفعل به مثل ما فعل المرة الأولى قال : قلت : سبحان الله ما هذان ؟ قالا: هذا الرجل يأخذ القرآن فيرفضه وينام عن الصلاة المكتوبة))9.
عاقبة الكذاب:
قالا لي انطلق انطلق قال: فانطلقت معهما فأتينا على رجل مستلق لقفاه وإذا آخر عليه بكلوب من حديد فإذا هو يأتي أحد شقي وجهه فيشرشر شدقه إلى قفاه ومنخره إلى قفاه وعينه إلى قفاه ثم يتحول إلى الجانب الآخر فيفعل به مثل ما فعل بالجانب الأول فما يفرغ من ذلك الجانب حتى يصح الجانب الأول كما كان ثم يعود فيفعل به مثل ما فعل المرة الأولى قال : قلت : سبحان الله ما هذان ؟ قالا: هو الرجل يغدو من بيته فيكذب الكذبة تبلغ الآفاق))10.
فهذا بعض ما رأى النبي - صلى الله عليه وسلم- في النار، مما يدعوا إلى الاعتبار والاتعاظ والتوبة الصادقة والرجوع إلى الله.
وصلى الله على محمد وآله، والحمد لله رب العالمين.
hgluvh[ td Hph]de whpf hgjh[!