في ذكرى رحيله العجيلي يفيض فراتاً من عرف الرقة عرف فراتها الثاني ألا وهو الأديب الدكتور عبد السلام العجيلي فما تذكر الرقة إلا ويذكر هرمها وفراتها وما يذكر العجيلي إلا وتذكر الرقة مسقط رأسه ومدينته التي ما هجرها يوماً ومن خلالها عرف العالم.
وكل من التقى الدكتور العجيلي كانت له معه قصة لا تنسى وحادثة ستظل تذكر مدى الدهر, ونحن أبناء الرقة على مختلف أجيالنا ومشاربنا لنا من العجيلي نصيب وقصة تروى ولي أنا كاتب هذه السطور قصة لقائي به لأول مرة في أواخر عام 1999 في مبنى مديرية الثقافة (المركز الثقافي العربي القديم بالرقة) آنذاك وبعد صدور مجموعة الشعرية الأولى بعنوان وادي الفيض والتي ختمتها بقصيدة تحت عنوان(شيخ الأدب) وكان الأديب الكبير العجيلي قد قرأ القصيدة بعد أن وصلته نسخة من الكتاب, كان اللقاء ودوداً وكان العجيلي بشوشاً مبتسماً متواضعاً, يشعرك أنه صديقك منذ أمد بعيد وحين هم بالخروج أمسك بيدي وعند باب غرفة مدير الثقافة قال سأروي لك قصة بسيطة حدثت معي:
ذات يوم اتصل بي الصديق المحامي محمد أنزور ليخبرني أنا ضيوفاً قدموا من دمشق وإنهم بانتظاري مساءً ويود الأستاذ محمد لقائي بهم وفعلاً بعد أن انتهيت عملي في العيادة توجهت لمنزل الأستاذ محمد أنزور وهناك التقيت بسيدة متوسطة العمر برفقة والدتها وبعد إلقاء التحية قالت السيدة كأنك لم تعرفني يا دكتور , قلت لها أعذرني يا ابنتي فالسنون أخذت مني الذكرى والذاكرة فردت السيدة قائلة لقد كنت بالمقعد المجاور لمقعدك على الطائرة المتوجهة إلى لندن (على ما أذكر ) أنا المذيعة وفاء أباظة, عندها قلت نعم تذكرت وسأروي لكِ هذه الحادثة وسأرويها لك يا أحمد.
يقول الدكتور العجيلي: دخلت في الخمسينيات إلى السفارة السورية في باريس وكن يناء السفارة يتألف من طابقين صعدت إلى الطابق الثاني وعند نهاية الدرج ظهر لي من الطرف الأخر البعيد للبهو رجل أخر يصعد آخر درجة, تقدمت إلى الأمام فتقدم مثلي, بدت ملامح الرجل شرقية, اقتربت أكثر فاقترب مني أكثر, هذا الوجه ليس غريباً علي, ابتسمت له فابتسم لي أصبح على بعد خطوة مني مددت يدي فمد يده التصقت به فإذ بي أرتطم بالمرآة الموجودة في آخر البهو.
رحم الله العجيلي الذي سكن فينا جميعاً فلم يغادرنا. العجيلي يفيض فراتاً وفراتاً في ذكرى رحيله.
أحمد رشاد الرقة 4-4-2010