( 179 ) مدار الأفكار
وسوم السموم
يقول الشاعر العربي :
إضاعة مال ثـم فقـر وفاقـة= ويبـس يضـر الجسـم ناحـل
ومنه يزول العقل من غير مرية= ومنه السهاد الأعظم المتطـاول
إن المُخَدِّرْ كما يعرّفه أرباب اللغة من الخِدْر وهو الستر, فيقال : المرأة خدَّرها أهلها بمعنى : ستروها,
وصانوها عن الامتهان . وقد أطلق اسم المُخَدّر على كل ما يستر العقل و يغيبه ,ويعرف علميا بأنه: ( مادة
كيميائية تسبب النعاس و النوم أو غياب الوعي المصحوب بتسكين الألم ,و كلمة مخدر ترجمة لكلمة
Narcotic) ) المشتقة من الإغريقية (Narcosis ) التي تعني يخدر أو يجعل مخدراً , أما المخدرات وفق
التعريف القانوني فهي مجموعة من المواد التي تسبب الإدمان و تسمم الجهاز العصبي و يحظر تداولها أو
زراعتها أو تصنيعها إلا لأغراض يحددها القانون و لا تستعمل إلا بواسطة من يرخص له بذلك , و تشمل
الأفيون و مشتقاته و الحشيش و عقاقير الهلوسة و الكوكائين و المنشطات , فالمخدر:هو كل ما يورث
الكسل,و الضعف والفتور,ويطول الاسترخاء,وقد قيل بأنه (المادة التي يترتب عليها الكسل والخمول,وتغطية
للعقل ) , و الخمور و المسكرات معروفة منذ ما قبل التاريخ , كما كانت منتشرة في الجاهلية , ولما جاء
الإسلام حرم تعاطيها و الاتجار بها , و أقام الحدود على ساقيها وشاربها و المتجر بها , و قد أكد العلم
أضرارها الجسمية و النفسية و العقلية والاقتصادية , و مازال انتشارها يشكل مشكلة خطيرة تهدد العالم كله
فهي تسبب مخاطر و مشكلات عديدة في كافة أنحاء العالم , و تكلف البشرية فاقداً يفوق ما تفقده أثناء
الحروب المدمرة , والأمراض الفتاكة ,حيث تسبب المشكلات الجسمية و النفسية و الاجتماعية و الاقتصادية و
التي تحتاج إلى تضافر الجهود المحلية و الدولية لمعالجتها , ويجمع علماء المسلمين على تحريم المخدرات
حيث تؤدي إلى الأضرار في دين المرء وعقله وطبعه ، حتى جعلت خلقا كثيرا بلا عقل ، وأورثت آكلها
دناءة النفس والمهانة , قال الله تعالى ( يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من
عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون ) ( المائدة: 90) , وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (كل مسكر
حرام ) وقال أيضا : (ما أسكر كثيرة فقليله حرام )وقال عليه الصلاة والسلام : ( حرام على أمتي كل مفتر
ومخدر) ، وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ثلاثة لا
يدخلون الجنة: مدمن خمر ، وقاطع رحم ، ومصدق بالسحر) , ويحرم ديننا الإسلامي الحنيف المخدرات
وتوابعها من منطلق أن كل ما يزيل العقل فهو حرام , ويقول الإمام ابن تميمة رحمه الله : ( إن ما سمي
بالحشيش هو حرام, وهو أخبث من الخمر من جهة إفساد العقل والمزاج,وأنها تصد عن ذكر الله,وهي داخلة
في ما حرمه الله ورسوله من خمر ومسكر,لفظاً ومعنى,ومن استحل هذا الشيء,ونحوه وزعم انه حلال,فأنه
يستتاب ,وإلا قتل,ولا يصلى عليه,ولا يدفن في مقابر المسلمين ) ,وقد قيل عن المخدرات بأنها هدم للقيم
والأخلاق وتدمير لخلايا المخ , و أفتك وباء يهدد البشرية ,و رأس كل خطيئة ومفتاح كل شر و المحرك
الفعال والسحري لكل الجرائم , وتعاني كافة الدول من انتشارها سواء ( تعاطيا أو إدمانا أو تجارة أو
حيازة ) وتسعى للحد منها , وتتضافر الجهود في دولة الكويت لمحاربة آفة المخدرات التي تفتك بالشباب
وتستهلك الطاقات , و تخل بالأمن وتدمر الاقتصاد الوطني , وتعد من أخطر الجرائم المنظمة التي تهدد
مستقبل الأجيال القادمة , ويوم السبت الماضي احتفلت اللجنة الوطنية للوقاية من المخدرات بذكرى اليوم
العالمي لمكافحة المخدرات والذي يقام سنويا في السادس والعشرين من يونيو وجاء هذا العام تحت شعار
«فكر.. حياتك أو المخدرات» , ومن خلال الاحتفالية تم عرض الإنجازات التوعوية والإعلامية والتنفيذية
التي حققتها المؤسسات الحكومية وجمعيات النفع العام في مجال الوقاية من المخدرات والتي تعتبر مكافحتها
معركة وطنية وضرورة المشاركة فيها واجب ديني ووطني وإنساني , و سيتم بمشيئة الله القضاء على
( وسوم ورسوم السموم ) و أخطارها وأضرارها وذلك من خلال تضافر الجهود المخلصة وبمزيد من
الوعي والإيمان , وحسب فتوى هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية فإن الإبلاغ عن المهربين
والمروجين والمستعملين للمخدرات واجب على كل مسلم ومسلمة , ويثاب المبلغ ويأثم الساكت
المستتر .
يا طالب العليا على نهج الإصـلاح= لا تنخدع في ضوح ما منه مصلوح
لا تتبع منهـاج ورسـوم الأشبـاح= اللي تختم ( الكيف ) بالسجن والنوح
ترى الخطر في آفة العصر يا صاح= وضر ّ المخدر واضح ٍ يتلف الروح
للضـر ّ ملـواح ٍ وللشـر مفتـاح= ويزرع بعين المبتلى فيـه ذرنـوح
في نور هدي المصطفى كل الأرباح=يا مهتوي نهج ٍ مع الناس ممـدوح