( 178 ) مدار الأفكار
موالاة الولاة
يقول الشاعر العربي :
إن الجماعة حبل الله فاعتصموا= منه بعروته الوثقى لمن دانـا
كم يرفع الله بالسلطان مظلمة= في ديننا رحمة منـه ودنيانـا
إن طاعة ولاة الأمر أصل من أصول الحكم في الإسلام , وفريضة شرعية,وعقيدة دينية، يدين بها المسلم
لربه، فإن أمره أميره أو مديره بأمر، وجب عليه تنفيذه، ما لم يكن معصية لله ، وإن نهاه عن فعل شيء وجب
الانتهاء عنه , قال الله عز وجل : ( يَـٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَأُوْلِى ٱلاْمْرِ مِنْكُمْ فَإِن
تَنَازَعْتُمْ فِى شَىْء فَرُدُّوهُ إِلَى ٱللَّهِ وَٱلرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلاْخِرِ ذٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً) ,[
النساء:59] , ففي الآية نص على وجوب طاعة أولي الأمر؛ وهم الأمراء والعلماء،والحكام و ذوو السلطان
,وكل من يتولى منصبا قياديا يدير من خلاله الأمور وينظر إلى ما يحقق الخير والمصلحة العامة للأمة ,
وقد أكدت السنة النبوية الشريفة وجوب الطاعة المفروضة في القرآن الكريم في أحاديث كثيرة منها قول
رسول الله صلى الله عليه وسلم : (من أطاعني فقد أطاع الله ، ومن عصاني فقد عصى الله ،ومن أطاع أميري
فقد أطاعني ، ومن عصى أميري فقد عصاني ) , وقوله عليه الصلاة والسلام : ( من رأى من أميره شيئاً
فكرهه فليصبر فإنه ليس أحد يفارق الجماعة شبرا فيموت إلا مات ميتة جاهلية), و قوله أيضا: (على المرء
المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره،إلا أن يؤمر بمعصية ، فإن أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة) , ويرى
علماء الإسلام قديما وحديثا وجوب الاجتماع على الإسلام والتعاون والتناصر عليه وطاعة ولي أمر المسلمين
وعدم الاختلاف عليه والتخلف عن طاعته لما في ذلك من وحدة الصف واجتماع الكلمة, فيقول شيخ الإسلام
ابن تيمية رحمه الله : ( فطاعة الله ورسوله واجبة على كل أحد , وطاعة ولاة الأمور واجبة لأمر الله
بطاعتهم) , فمن أطاع الله ورسوله بطاعة ولاة الأمور لله فأجره على الله ومن كان لا يطيعهم إلا لما يأخذ ه
من الولاية فإن أعطوه أطاعهم وإن منعوه عصاهم , فماله في الآخرة من خلاق , ويقول أحد السلف:الصالح:
(لا نرى الخروج على أئمتنا وولاة أمورنا ،وإن جاروا ، ولا ندعو عليهم ، ولا ننزع يدا من طاعتهم ،ونرى
طاعتهم من طاعة الله عز وجل فريضة ، ما لم يأمروا بمعصية ، وندعو لهم بالصلاح والمعافاة ) , ويقول
سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله : ( يجب طاعة ولاة الأمر في المعروف ؛ لأن بهذه
الطاعة تستقيم أمور الأمة ويحصل الأمن والاستقرار ويأمن الناس من الفتنة والحاكم الذي يأمر بالمعصية لا
يطاع في هذه المعصية دون أن يكون للرعية حق الخروج على الإمام بسبب ذلك) .ويقول الشيخ محمد بن
صالح العثيمين رحمه الله : ( إن طاعة ولاة الأمور فرض على كل واحد ليست لمجرد أنها نظام وأن الإنسان
يمتثلها خوفا من العقوبة في الدنيا ولكننا نمتثلها امتثالا لأمر الله وتقربا إلى الله ورجاءا لثواب الله عز وجل
فامتثال نظم الدولة من العبادات لأن الله تعالى أمر بذلك ) , ويقول الشيخ محمد بن عبد الله السبيل : ( إن
طاعة ولاة الأمور من أَجَّلِ الطاعات، وأفضل القربات سواء كانوا أئمة عدولاً صالحين، أم كانوا من أئمة
الجور والظلم، ما دام أنهم لم يخرجوا عن دائرة الإسلام، فإن طاعتهم فيما يأمرون به وينهون عنه من طاعة
الله ورسوله) , ويقول الطحاوي رحمه الله : ( ونرى الجماعة حقا وصوابا ,والفرقة زيغا وضلالا ) , وفي
اللغة يقال الولي : ( المحب, والصديق, والنصير, والوَلاية الأمارة والسلطان, وتولى الأمر تقلده ,وفي
الاصطلاح: يراد به إمام الدولة الإسلامية الذي يتولى سياسة أمور الدين والدنيا , فولاة الأمور هم درع
المجتمع الإسلامي و ستره وحجابه عن الفساد والشرور ,والموالاة هي ضد المعاداة وتعني المناصرة و
التقرب وإظهار الود بالأقوال والأفعال والنوايا لمن يتخذه الإنسان وليًّا , و دين الإسلام يحث على الجماعة
,فلا دين إلا بجماعة ,ولا جماعة إلا بإمامة ,ولا إمامة إلا بسمع وطاعة, وهي أمور متلازمة لا يستقيم بعضها
دون بعض وبها قوام الدين وصلاح العباد في معاشهم ومعادهم ,ومن علامات سمو الأمم ورقيها أن تتعاون
مع الحاكم للوصول إلى الغايات النبيلة والأهداف الجليلة , ومن واجب الرعية تجاه ولي الأمر ( توقيره
ومناصحته بالرفق واللين والدعاء له ) ,قال الني صلى الله عليه وسلم : ( من أكرم سلطان الله أكرمه الله ) ,
ويقول سهل بن عبد الله التستري : ( لا يزال الناس بخير ما عظموا السلطان والعلماء ) , وفي منازعة ولاة
الأمور زرع للفتن والشرور, وإخلال في أمن البلاد , وتضييع لحقوق الله و العباد , قال تعالى : (وَلاَ
نَـٰزَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَٱصْبِرُواْ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلصَّـٰبِرِينَ) [الأنفال:46] .
يا متبع في منهجك دين الإسـلام= ساير زمانـك واتبـع للتعاليـم
لا تنخدع للزيف من بعض الإعلام= واتبع ولي الأمر من غير تأثيـم