( 165 ) مدار الأفكار
دينار نصار
يقول الشاعر العربي :
(دينار نصار) عنده عدل نفسه= يقلبه طورا وطـورا يداعبـه
ويأخذه في حضنـه ويشمـه= ويلثمه حينا وحينـا يلاعبـه
إن القبيلة التي تعدّ أساس الانتماء الاجتماعي للبدو تعني مجموعة متماسكة من الناس تنتمي في الغالب إلى
نسب واحد يرجع إلى جد أعلى، وتتكون من عدة بطون وعشائر,ويسكن أفرادها إقليما مشتركًا ، وتنتشر
أحيانا في عده مناطق متباعدة وعلى مسافات شاسعة, ويتحدث أبناؤها لهجة مميزة، ولهم ثقافة متجانسة,
وتؤمن القبيلة بوجود رابطة تجمعهم على أساس وحدة الدم , والمصلحة المشتركة وفي ظل هذه الرابطة
نشأ قانون عرفي تتمسك به القبيلة أشد التمسك في نظامها السياسي و تكوينها الاجتماعي ومن خلاله يتم
تنظيم العلاقة بين الفرد والجماعة على أساس من التضامن في الحقوق والواجبات والشعور بالمسؤولية
الجماعية,وتسود المجتمع القبلي روح الديمقراطية والتي تتجلى في اختيار شيخ القبيلة ورأس زعامتها
والذي ينتخب بمعرفة ( مشيخة القبيلة ) ولكن ليس انتخابا بالمعنى الذي نفهمه في الوقت الحاضر بل
اختيارا تلقائيا ينبع من شمائل وفضائل يفوق بها الآخرين , ووفق صفات كفيلة بتحقيق مصالح القبيلة
كالشجاعة والكرم ,وسعة الثروة وسداد الرأي ,وكمال التجربة مع كبر السن ,إضافة إلى عراقة النسب
فمن الضروري أن يكون شيخ القبيلة من صميم نسبها لأن العرب لا تقبل أن يسودهم غيرهم , وإذا مات
شيخ القبيلة أو فقد بعض الصفات الكريمة انتقلت الرئاسة إلى رجل آخر تكتمل فيه صفات الزعامة ,وغالبًا
ما تورث الزعامة عن الآباء,ويتولى الشيخ قيادة القبيلة في حروبها , وتقسيم غنائمها , واستقبال وفود
القبائل الأخرى , وإقامة الضيافات , وعقد الصلح والمحالفات , وتحمل القسط الأكبر من جرائر القبيلة وما
تدفعه من الديات ,ويحافظ الشيخ على وحدة القبيلة الداخلية و إصلاح ذات البين وإنهاء الخصومات
والنزاعات , فهو الأب الأكبر لأفراد قبيلته, ويحظى بين أفراد القبيلة بالتوقير والتقدير , وفي حمى وحماية
أحد شيوخ القبائل ممن عرف برجاحة عقله وحنكته وحكمته ,وكرمه وبعد نظره عاش ( نصار ) وهو رجل
متواضع المكانة والحال , ومعروف بالبخل وكنز المال, وقد اصطحبه الشيخ في إحدى سفراته للمدينة
ليكرمه ويؤمن له ولأسرته مطالبهم واحتياجاتهم ,وعند احتياج الشيخ للصرف أو الخردة كما نقول في
لهجتنا الخليجية تدخل نصار مبديا كرما غير معهودا فيه ومنح الشيخ دينارا كان بحوزته وعند العودة إلى
مضارب القبيلة أعاد الشيخ إلى نصار خمسة دنانير بدلا من الدينار الذي جاد به إلا أن نصارا بدأ يكرر على
مسامع الشيخ وأمام أفراد القبيلة في مناسبة ومن غيرها, قصة الحاجة التي اضطرت الشيخ للاستعانة بـ(
ديناره) المكنوز منذ ربع قرن , فدعاه الشيخ بحضور مجلس القبيلة المكون من أصحاب المشورة و الرأي
فيها وأشهدهم أنه سيمنح نصارا عشرة أضعاف المبلغ الذي اقترضه منه متجاوزا العرف المتبع والذي
يجعل التغريم ( مربعا ) في حال التشديد والتغليظ على ألا يعيد ذكر تلك الحادثة مرة أخرى سواء كان ذلك
بحضوره أو حتى في غيابه ) , لقد تذكرت هذه الحادثة عندما قرأت ما كتبته الزميلة رهف الأنصاري في
أحد المواقع الأدبية المشهورة والذي جاء بعنوان ( من حقك الرحيل ولكن لجهد غيرك لا تزيل ) حيث
تروي قصة زميل لها في الموقع أجتهد في طرح المواضيع المنقولة وعند بلوغه ( 500 ) مشاركة غير
فاعلة طالبها بصفتها نائب المشرف العام بأن يكون ضمن طاقم الإدارة وعند رفض طلبه غضب وقرر
الرحيل وترك الموقع نهائيا وإمعانا في الغضب والجفاء و شدة الغيظ وهدم البناء , قام بحذف مشاركاته
الفعلية والتي لا تتجاوز ( 15 ) موضوعا منقولا إلا أنها تتضمن ردودا للأعضاء تفوق في أهميتها
وقيمتها الأدبية قيمة مواضيعه المطروحة ذاتها ,وحادثة ( نصار وزميل رهف المغوار ) تذكرنا بمواقف
بعض الأعضاء ممن يقدم اقتراحا بسيطا أو خدمة لأبناء المنطقة أقل من المأمول منه بكثير إلا أنه يعيد
تكرارها ويصرح بها في كل المطبوعات والنوافذ الإعلامية فهو يجسد شخصية نصار
الذي يقدم في شماله الدينار ليقبض في يمينه هدية شيخ القبيلة ومجلس مشيختها الأخيار .
يا صاحبي خلك على الكود صبّـار= وأترك مسار ومنهج عوير وصوير
لا ترتجي نصّـار لـو مـد ّ دينـار= ترى العرب تدرك دجى الوقت والنور
يعطي القليل ويرتجي منـك مـدرار= وأصبح خفا خافيه بيّـن ومشهـور