( 152 ) مدار الأفكار
احتفالية الجنادرية
يقول الشاعر العربي :
في كل عام للثقافة موسـمأ= و للتراث حكاية من آجـل
بوركت يا وطنا تعاظم شأنه= من يوم أحمد مجده متأصل
في السابع عشر من مارس الحالي شمل خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود-
حفظه الله ورعاه - برعايته وحضوره حفل افتتاح المهرجان الوطني للتراث والثقافة (الجنادرية ) في دورته
الخامسة والعشرين والذي ينظمه الحرس الوطني سنوياً في منطقة الجنادرية التي تقع على مسافة (45 كم) في
الجهة الشمالية الشرقية من وسط الرياض، ويعد مهرجان الجنادرية أبرز المهرجانات العربية وفقا لاستبيان
التميز الذي تنظمه شبكة الشموخ الأدبية منذ 2005م، فهو منارة فكرية وثقافية، و مناسبة وطنية يمتزج في
نشاطاتها عبق التاريخ التليد، بنتاج الحاضر الزاهر المجيد، وتعود فكرة إقامة المهرجان للملك المؤسس عبد
العزيز آل سعود– رحمه الله وطيب ثراه - كما أوضح ذلك الملك عبد الله بن عبد العزيز في كلمة الافتتاح
حين قال : (إن الملك عبد العزيز -رحمه الله- كان صاحب الفكرة الصائبة والرؤية المستقبلية لإقامة هذا
المهرجان الوطني ليذود عن ثقافتنا وتراثنا ويقدمها للعالم، في أبهى وأجمل صورة، وكان بذلك النبتة الحسنة
منذ غرسها وحتى باتت شجرة مباركة متشابكة الأغصان سخية العطاء بتوفيق الله عز وجل )، وأبرز فعاليات
المهرجان : (سباق الهجن، والأوبريت، وسباق الفروسية والتحمل، والشعر بشقيه (الفصيح والشعبي)،
والأسواق والفنون والأزياء والألعاب الشعبية، والعروض التراثية، و معرض الكتاب، ومركز الوثائق
والصور)، ومن خلال الأنشطة المتنوعة يسعى المهرجان لتحقيق غايات سامية نبيلة، وأهداف جليلة أصيلة
تتمثل في التأكيد على الهوية العربية الإسلامية وتأصيل الموروث الوطني بشتى جوانبه والمحافظة عليه ليبقى
ماثلا للأجيال القادمة، وكذلك دعم القدرات الإبداعية للإنسان السعودي، وإبراز أوجه التراث الشعبي المختلفة
متمثلة في الصناعات اليدوية والحرف التقليدية بهدف ربطها بواقع الحاضر المعاصر، وعن أهمية المهرجان
يقول صاحب السمو الملكي الأمير عبد العزيز بن ماجد بن عبد العزيز أمير منطقة المدينة المنورة (إن
مهرجان الجنادرية أصبح إحدى أهم المناسبات الوطنية التي تبرز الصورة الحقيقية للمملكة من خلال الجوانب
الثقافية والتاريخية والفكرية، كما أنه دلالة على عمق التلاحم بين الموروث التاريخي للمملكة والنهضة
الحضارية التي تعيشها في وقتنا الحاضر )، وعن اهتمامات المهرجان يقول الدكتور عبد الله أحمد حامد : (أن
مهرجان الجنادرية يعد منظومة حضارية تتوزع اهتماماتها بين الجوانب الثقافية والتاريخية والأدبية وتخدم
شرائح متنوعة من المجتمع)، ويقول الأديب أحمد عبد الله عسيري: (الجنادرية تجربة غنية وثرية عندما
وظفت بصورة حضارية تنتزع مادتها من عمق الموروث وتنطلق إلى عوالم رحبة وآفاق إنسانية فهي صك
براءتنا من تهمة إهمال ذاكرة الأمة ودفن أمسها المضيء والمشرق بصور التلاحم والتناغم بين الإنسان
وأرضه وبين عقله ووجدانه الذي ملأ أطراف هذه الأرض بالقلاع والحصون وحفر الصخر وأقام مواسم
الفرح حين يقطع البيد أو يتسلق قمة جبل أو يأكل على رمال شاطئ، إن الإنسان السعودي لم تأكله الحضارة
بأنيابها ولكنه استطاع تطويعها وتطويع مكتسباتها بما يكرس حضوره الفاعل لا المنفعل وبما يؤكد أنه رقم
يستحق الحياة بجدارة فهو لم يقف بالعرض في شارع حركة التاريخ ولكنه أعطى وقدم وأنتج أزهى الملاحم
لفهم الواقع المرتبط بالجذور لا المنقطع والمنفلت عن تراثه )، وعن دور المهرجان في تجسيد الانتماء
للأصالة والمعاصرة يقول الدكتور محمد منصور الربيعي المدخلي: (يعد مهرجان الجنادرية إشراقة
أمل لتجسيد الموروث الشعبي عبر أطر معينة ووسائل مدروسة وهو إطلالة جميلة على جبين الوطن في
تجسيد الانتماء للتراث والمعاصرة وتعريف الشباب بهذا الموروث الأصيل الذي يعبق بأصالة الصحراء
وشموخ الوطن بكل أطرافه المناطقية)، فمهرجان الجنادرية يمثل علامة مضيئة بارزة تعكس ملامح الثقافة
والتراث في المملكة العربية السعودية ويواصل منذ انطلاقته الأولى عام (1405هـ/1985م ) رسالته في
تعميق العلاقة بين ماضي الأمة وحاضرها، ويتفاعل مع القضايا الفكرية والثقافية حتى أصبح من أهم
الفعاليات الثقافية العربية بل والعالمية.
في كل عام لنور الأفكـار ميعـاد= وللانتماء تجسيد وآيات تجديـد
حاضر بلاد العز ّعانق للأمجـاد= في محفل ٍ تشهد له الناس وتشيد
عبدالعزيز الفدغوش
الأحد , 21 مارس 2010