( 150 ) مدار الأفكار
منصى الأقصى
يقول الشاعر العربي :
طال التشوق كي تعود طهورة= أرض مباركة من الرحمـن ِ
طال احتمالي للهوان فيا ترى= تأتي السيوف بيوم بدر ثـان
إن المسجد الأقصى من أجّل المقدسات الإسلامية فقد شرّفه الله سبحانه وتعالى بتخليد ذكره في القرآن الكريم،
قال تعالى: (سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من
آياتنا أنه هو السميع البصير) (الإسراء: 1)، وقد خصه الله بفضائل عظيمة ومآثر كريمة فهو ثاني مسجد
وضع في الأرض بعد المسجد الحرام، وقبلة المسلمين الأولى، ومبارك فيه وفيما حوله،ومسرى خاتم الأنبياء
ومنطلق المعراج، والمكان الوحيد في الأرض الذي اجتمع فيه كل أنبياء الله في أعظم اجتماع في
التاريخ،وصلى النبي صلى الله عليه وسلم فيه بالأنبياء إماماً في ليلة الإسراء إقراراً لصبغته الإسلامية ولإمامة
أمة محمد على المسجد الأقصى، وفيه يضاعف أجر الصلاة،وتستحب زيارته وإليه تشد الرحال لقول النبي
صلى الله عليه وسلم: (لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد المسجد الحرام، والمسجد الأقصى، ومسجدي)،وهو
مقام الطائفة المنصورة وعقر دار المؤمنين، وأرض المحشر والمنشر،والملحمة الكبرى ولا يدخله الدجال،قال
صلى الله عليه وسلم: (لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين على من ناوأهم حتى يقاتل آخرُهُم
المسيح الدجال)، ومن المعلوم أن عيسى بن مريم – عليه السلام – يدرك المسيح الدجال بباب لد بفلسطين
فيقتله كما جاء في الحديث ( يَقتل ابنُ مريم الدجالَ بباب لُدّ)،ولدّ : هي مكان قرب بيت المقدس، وعن ميمونة
بنت سعد قالت: يا نبي الله أفتنا في بيت المقدس فقال: (أرض المحشر والمنشر)،و قال صلى الله عليه وسلم
عن الدجال: (علامته يمكث في الأرض أربعين صباحاً، يبلغ سلطانه كل منهل ٍ لا يأتي أربعة مساجد: الكعبة،
ومسجد الرسول، والمسجد الأقصى، والطور)، ومنذ احتلال إسرائيل للقدس الشرقية1967م وهي تضع نصب
أعينها إقامة الهيكل المزعوم على أنقاض المسجد الأقصى المبارك وذلك بعد تدميره، وقد بدأت بإضفاء صفة
التهويد على المدينة وطمس آثارها الإسلامية التي يعود تاريخها إلى الأمويين والأيوبيين، والمماليك،والأتراك،
وتنفيذا للمخطط الجائر قامت إسرائيل ومنذ اليوم الأول للاحتلال بتغيير الوضع القائم في المسجد الأقصى،
وإيجاد وضع جديد يكرس سيطرة اليهود على المسجد، ففي الحادي عشر من حزيران عام 1967م قامت بهدم
حارة المغاربة المجاورة للحائط الغربي للمسجد الأقصى بعد مهلة 24 ساعة أعطيت للسكان لإخلاء الحي،
حيث تم طرد 650 عربي من حارة المغاربة التي أوقفها عليهم الملك الأفضل الأيوبي في القرن الثالث عشر
الميلادي، كما تم طرد 3000 عربي من حارة الشرف، التي أطلق عليها فيما بعد حارة اليهود، وبهدم حارة
المغاربة استولى اليهود على الحائط الغربي للمسجد (حائط البراق) وأطلقوا عليه زوراً وبهتاناً حائط
المبكى،وفي نفس الفترة من عام 1967م قام اليهود بهدم الزاوية الغربية للمسجد الأقصى والمعروفة بالزاوية
الفخرية وهدموا 14 منزلاً فيها، وبتاريخ 31/8/1967م قامت الشرطة الإسرائيلية بالاستيلاء على مفتاح باب
المغاربة (وهو من أبواب المسجد الأقصى)، وفي عام 1969م وبحجة المحافظة على أمن اليهود في حائط
البراق الشريف (المبكى) تم الاستيلاء على المدرسة التنكزية والمطلة على ساحة المسجد الأقصى المبارك
وقاموا بطرد 105 أشخاص من 10 منازل إلى جانب المدرسة، وتم بتحويل المدرسة إلى مقر لحرس الحدود
الإسرائيلي، وفي 21 أغسطس عام 1969 م قام اليهودي الأسترالي دينيس روهان بإحراق الجزء الجنوبي من
المسجد الأقصى المبارك حيث تم إحراق منبر صلاح الدين الأيوبي والحائط الجنوبي الذي تعود زخارفه إلى
العهدين الأموي والعباسي، وقد اعتقلته الشرطة الإسرائيلية وقامت بترحيله بحجة أنه مختل عقلياً، وفي عام
1975م سمحت إحدى المحاكم الإسرائيلية وبالتعاون مع الشرطة لليهود بالصلاة في ساحات المسجد الأقصى،
وبحجة المحافظة على الأمن داخل المسجد قامت الشرطة الإسرائيلية بالاستيلاء والسيطرة على بوابات
المسجد، وقد قام اليهود بعدد من المجازر والمذابح ضد المصلين في المسجد الأقصى المبارك، كان أشهرها
المذبحة التي قامت بها القوات الإسرائيلية بتاريخ 8/10/1990م والتي أدت إلى استشهاد 18 مصلياً وإصابة
مئات الجرحى داخل المسجد، ومنذ احتلال إسرائيل للقدس وهي تقوم بمنع أي محاولة للترميم أو الإصلاح
للأبنية الإسلامية من مساجد وقباب في محاولة لجعلها تسقط لانعدام الترميم فيها، ومن جور الاعتداءات
الإسرائيلية المتكررة فإن المسجد الأقصى المبارك يرنو إلى المنصى وهو الملاذ وفقا للهجة أبناء البادية التي
يقال في أمثالها (منصى البعيد ومزبن الطريد)، والعرب تقول المنتصى أعلى الواديين وأنتصى الشيء:
أختاره، ونصية القوم: خيارهم وأشرافهم، ورغم جبروت وبشاعة الهجمات التي يتعرض لها القدس والشعب
الفلسطيني فأن التشبث بالأرض والصمود عليها،والدفاع عن الوجود والمقدسات والهوية، والتاريخ والتراث
والقومية هو ديدن أبناء القدس وفلسطين حتى يحقق الله وعده بنصر المؤمنين ورد كيد أعدائهم قال تعالى: (يا
أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم والذين كفروا فتعسا لهم وأضل أعمالهم) ((محمد: 7).
يا الله تعم ّ بلادنا بأمـن وإيمـان= وترفع بنود اللي رفع راية الديـن
يا رب ّ حقق عز ّ الإسلام وكـدانّ = وأنصر عباد ٍ تضطهد في فلسطين