( 147 ) مدار الأفكار
زواج الإحتياج
يقول الشاعر العربي:
إذا لم تكن في منزل المرء حرة= تدبره ضاعـت مصالـح داره
فإن شئت إن تختر لنفسك حرة= عليك ببيت الجود خذ من خياره
إن الزواج في الإسلام فطرة إنسانية، وأمانة ومسؤولية، ورابطة مقدسة ضرورية لقيام المؤسسة الأسرية
التي تعد النواة الأولي في بناء المجتمع وقد أمر الله ورسوله به، قال تعالى: (فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ
مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ) (النساء:3)، وقال تعالى: (وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ
مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ) (النساء: 25)، وقال جل وعلا : (وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ
عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) (النور:32)، وقال سبحانه وتعالى:
(ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجًا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم
يتفكرون) (الروم:21)، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج،
فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء)، وقال في حديث آخر:
(تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم) وقال في حديث الثلاثة المشهور: (أما والله إني لأخشاكم لله
وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر وأصلي وأنام وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني)، فالزواج من
هدي وسنة نبينا الأمين وسنن جميع المرسلين كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أربع من سنن
المرسلين: التعطر والنكاح والسواك والختان)، وللزواج فوائد عامة ومقاصد هامة منها: (طاعة الله ورسوله،
و إعفاف النفس والزوجة وإشباع الغريزة والفطرة، واستمرار بقاء النسل الإنساني، والمحافظة على
الأنساب، وحماية المجتمع من الأمراض و الانحلال الخلقي، و تحقيق السكن الروحاني والنفساني، وتأجيج
عاطفة الأبوة والأمومة، وبناء الأسرة وعمارة الأرض)، وبالرغم من هذه المقاصد السامية إلا أن البعض
أصبح ينظر للزواج من منظار المصلحة الخاصة حيث انتشر في الخليج زواج المصلحة القائم على عدم
التكافوء فتجد تهافت أبناء الجاليات العربية والأجنبية للاقتران بالخليجيات بصرف النظر عن العمر أو العمل
وذلك طمعا في تحقيق المصالح والمنافع الشخصية سواء (مال أو منصب أو تسهيل إجراءات الإقامة ومجانية
دراسة الأبناء أو فتح مشاريع استثمارية باسم الزوجة أو كسب الجنسية الخليجية و غيرها ) ، فهو - من
وجهة نظرهم - مجرد عقد شراكة وتجارة ووسيلة لتحقيق غايات مستترة، وكما تقول رئيسة لجنة الأسرة
باللجنة الوطنية السعودية لحقوق الإنسان الجوهرة العنقري: (إن الاحتياج والأنانية والبطالة أبرز الدوافع
لتزايد معدل حالات زواج المصلحة في المجتمع السعودي، فهدف الأجانب.. الإقامة أو الجنسية أو فرصة
العمل)، وتقول حنان الزير: (إن زواج المنفعة وسيلة للأجانب المتعطلين في بلادهم والذين يرون في الزواج
من خليجية بمثابة عقد عمل مضمون، ربما يصل به للحصول على الجنسية)، ومن الأجدر ألا يمنح ابن
الخليجية الوافد أية امتيازات أو حصانة تحميه من الترحيل في حالة مخالفته لنظام الإقامة ، أو في حالة
ارتكابه لأية مخالفة يعاقب عليها القانون لأن مسمى(أبناء الخليجيات) أصبح مألوفا ومتعارفا عليه رغم أن
التشريع الإلهي يوجب ضرورة انتساب الأبناء لآبائهم وفقا لقول الحق سبحانه وتعالى : (ادْعُوهُمْ لِآَبَائِهِمْ هُوَ
أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ) (الأحزاب: 4)، وفي الكويت ولمصالح انتخابية فان البعض يدفع باتجاه اعتبار(أبناء
الكويتيات) مواطنين من الدرجة الثانية أو الثالثة رغم أن من عاش وعايش واقع الحال في البلاد أبان فترة
الاحتلال الغادر قد أدرك ضرر أبناء الوافدين وخطرهم ضد أخوالهم من الكويتيين وينطبق على غالبيتهم
المثل الشعبي القائل: (يا ويل الخال من رمح البناخي) .