من المستحبات التي يتأكد فعلها في رمضان ويعظم أجرها فيه أكثر مما لو أديت في غيره
1- مدارسة القرآن وكثرة تلاوته: خاصة في الليل كما جاء في الحديث:
{أَشْرَافُ أُمَّتِي حَمَلَةُ الْقُرْآنِ، وَأَصْحَابُ اللَّيْلِ}{1}
وفي الحديث:
{أن جبريل عليه السلام كان يلقى النَبِي فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ}{2}
2- ختم القرآن: فقد كان من هدى السلف – رضوان الله عليهم – الحرص على ختم القرآن في رمضان، تأسياً بالنبي صلى الله عليه وسلم حيث كان من شأنه ذلك، فقد ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال:
{إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُعْرَضُ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً، وَإِنَّهُ عُرِضَ عَلَيْهِ الْعَامَ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ مَرَّتَيْنِ}{3}
وسُئل النبي صلى الله عليه وسلم:
{أَيُّ الْعَمَلِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ؟ قَالَ: الْحَالُّ الْمُرْتَحِلُ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا الْحَالُّ الْمُرْتَحِلُ؟ قَالَ: فَتْحَ الْقُرْآنَ وَخَتَمَهُ مِنْ أَوَّلِهِ إِلَى آخِرِهِ، وَمِنْ آخِرِهِ إِلَى أَوَّلِهِ، كُلَّمَا حَلَّ ارْتَحَلَ}{4}
3- الصدقة: وهي من أعظم الأعمال التي يثاب المسلم عليها، قال صلى الله عليه وسلم:
{مَنْ تَصَدَّقَ بِعَدْلِ تَمْرَةٍ مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ وَلَا يَقْبَلُ اللَّهُ إِلَّا الطَّيِّبَ، وَإِنَّ اللَّهَ يَتَقَبَّلُهَا بِيَمِينِهِ، ثُمَّ يُرَبِّيهَا لِصَاحِبِهِ كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ حَتَّى تَكُونَ مِثْلَ الْجَبَلِ}{5}
والفلو: هو المهر، أى الصغير من أولاد الفَرَس.
والصدقة عظيمة البركة على صاحبها، وعلى كل من ساهم فيها بوجه ما، فيعمهم الثواب والخير وإن قلَّت أياديهم فيها، كما ورد في الحديث الشريف عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
{إنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَيُدْخِلُ بِلُقْمَةِ الْخُبْزِ، وَقَبْضَةِ التَّمْرِ، وَمِثْلِهِ مِمَّا يَنْفَعُ الْمِسْكِينَ ثَلاثَةً الْجَنَّةَ: الآمِرُ بِهِ، وَالزَّوْجَةُ الْمُصْلِحَةُ، وَالْخَادِمُ الَّذِي يُنَاوِلُ الْمِسْكِينَ}{6}
ومع عظيم فضل الصدقة بشكل عام، فإن الصدقة في
رمضان أفضل من غيره من الشهور، فقد رُوي عن أنس رضي الله عنه:
{سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أَيُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: صَدَقَةٌ فِي رَمَضَانَ}{7}
ولذا كان المُصطفى صلى الله عليه وسلم أجود ما يكون في رمضان، قال ابن عباس رضي الله عنهما:
{كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَجْوَدَ النَّاسِ بِالْخَيْرِ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وَكَانَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَام يَلْقَاهُ كُلَّ لَيْلَةٍ فِي رَمَضَانَ، حَتَّى يَنْسَلِخَ يَعْرِضُ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْقُرْآنَ، فَإِذَا لَقِيَهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَام، كَانَ أَجْوَدَ بِالْخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ}{8}
4- صلاة التراويح: وهي سُنَّة نبوية في أصلها، وعُمرية في كيفيتها، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
{مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ}{9}
وروى الحاكم عن النعمان بن بشير رضي الله عنه أنه قال:
{قُمْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي شَهْرِ رَمَضَانَ لَيْلَةَ ثَلاثٍ وَعِشْرِينَ إِلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ، ثُمَّ قُمْنَا مَعَهُ لَيْلَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ، ثُمَّ قُمْنَا مَعَهُ لَيْلَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنْ لا نُدْرِكَ الْفَلاحَ، وَكُنَّا نُسَمِّيهَا الْفَلاحَ، وَأَنْتُمْ تُسَمُّونَ السَّحُورَ}
قال الحاكم:
{فيه الدليل الواضح أن صلاة التراويح في مساجد المسلمين سُنَّة مسنونة، وقد كان عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه يحث عمر رضي الله عنه على إقامة هذه السُنَّة إلى أن أقامها}{10}.
5- تفطير الصائم: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
{مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ غَيْرَ أَنَّهُ لا يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِ الصَّائِمِ شَيْئاً}{11}
ولا يشترط أن يتكلف المسلم فوق طاقته لتفطير أخيه، بل إن ثواب تفطير الصائم يحصل بأقل القليل، تعويداً للناس على التآلف والتكافل، والإجتماع في هذه الساعة، فهي ساعة ذكر وإجابة دعاء وفرحة بالفطر، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
{مَنْ فَطَّرَ فِيهِ صَائِمًا كَانَ لَهُ مَغْفِرَةً لِذُنُوبِهِ، وَعَتَقَ رَقَبَتِهِ مِنَ النَّارِ، وَكَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُنْتَقَصَ مِنْ أَجْرِهِ شَيْءٌ، قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَيْسَ كُلُّنَا يَجِدُ مَا يُفْطِرُ الصَّائِمِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: يُعْطِي اللَّهُ هَذَا الثَّوَابَ مِنْ فَطَّرَ صَائِمًا عَلَى مُذْقَةِ لَبَنٍ أَوْ تَمْرَةٍ أَوْ شَرْبَةٍ مِنْ مَاءٍ، وَمَنْ أَشْبَعَ صَائِمًا سَقَاهُ اللَّهُ مِنْ حَوْضِي شَرْبَةً لا يَظْمَأُ حَتَّى يَدْخُلَ الْجَنَّةَ}{12}
6- العمرة: وهي تعدل حجة في الثواب إذا أديت في
رمضان – لا أنها تقوم مقامها في إسقاط الفرض – قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
{عُمْرَةٌ فِي رَمَضَانَ تَعْدِلُ حَجَّةً}{13}وفي رواية:
{حَجَّة مَعِي}
قال ابن العربي:
{حديث العمرة هذا صحيح، وهو فضل من الله ونعمة، فقد أدركت العمرة منزلة الحج بانضمام رمضان إليها، فثواب الأعمال يزيد بزيادة شرف الوقت، أو خلوص القصد، أو حضور قلب العامل}{14}.
7- إحياء ليلة القدر: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
{مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ}{15}
كما نبَّه صلى الله عليه وسلم على عظم خسارة من لم يغتنم فضل هذه الليلة، فقال:
{إِنَّ هَذَا الشَّهْرَ قَدْ حَضَرَكُمْ وَفِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، مَنْ حُرِمَهَا فَقَدْ حُرِمَ الْخَيْرَ كُلَّهُ، وَلَا يُحْرَمُ خَيْرَهَا إِلا مَحْرُومٌ}{16}
8- الإكثار من فعل النوافل: فإن الطاعة في شهر
رمضان لها مزية، وثوابها فيه مضاعف، قال صلى الله عليه وسلم:
{مَنْ تَقَرَّبَ فِيهِ بِخَصْلَةٍ مِنَ الْخَيْرِ، كَانَ كَمَنْ أَدَّى فَرِيضَةً فِيمَا سِوَاهُ، وَمَنْ أَدَّى فِيهِ فَرِيضَةً، كَانَ كَمَنْ أَدَّى سَبْعِينَ فَرِيضَةً فِيمَا سِوَاهُ}{17}
ومن النوافل كثرة الذكر، فإنه ينير القلب والجوارح، قال الزهري:
{تسبيحة في رمضان أفضل من ألف تسبيحة في غيره}{18}
9- الإعتكاف: وخاصة في العشر الأواخر من رمضان، فإن الإعتكاف فيها سُنَّة مؤكدة كان يفعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ففي الصحيحين:
{أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَعْتَكِفُ الْعَشْرَ الأوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ، ثُمَّ اعْتَكَفَ أَزْوَاجُهُ مِنْ بَعْدِهِ}{19}