( 139 ) مدار الأفكار
أمير القلوب
يقول الشاعر العربي :
عليكَ سلامُ اللهِ ما هَلَّ ماطِـرٌ= يَصُبُّ عَلى مَثْواكَ صَبَّ الغواديا
فيا رَبِّ يا ذا الجودِ أَكْرِمْ مَقامَهُ= وألبِسْهُ ثوبَ العفو يا ربِّ وافيا
تصادف بعد غد الجمعة ( 15 يناير) الذكرى الرابعة لرحيل سمو الشيخ جابر الأحمد الصباح -رحمه الله
وطيب ثراه -والأمير الراحل من مواليد 29 مايو 1926 وتلقى تعليمه في المدرسة المباركية ثم الأحمدية،
وفي عام 1949 عينه والده الشيخ أحمد الجابر الصباح نائبا له في منطقة الأحمدي وكان المسؤول العام عن
المدينة، وفي عام 1959م عينه الشيخ عبد الله السالم الصباح رئيسا لدائرة المال والأملاك العامة وكان رئيسا
لمجلس النقد الكويتي، وقام في 1 ابريل 1961 بإصدار أول عملة في الكويت،وتحمل العملة توقيعه، وعندما
استقلت الكويت في 19 يونيو 1961 عين وزيرا للمالية والصناعة في الحكومة الأولى التي كانت برئاسة
الشيخ عبد الله السالم الصباح، وقد نال شهادة دكتوراه فخرية من قبل جامعة اليابان في 14 أكتوبر 1965
وعندما تولى الشيخ صباح السالم الصباح رئاسة الحكومة أصبح نائبا لرئيس مجلس الوزراء، وفي 30 نوفمبر
1965 بعد وفاة الشيخ عبد الله السالم الصباح واستلام الشيخ صباح السالم الصباح الحكم عينه رئيسا لمجلس
الوزراء، وفي 5 يونيو 1967 أصبح حاكما عرفيا للكويت بعد تطبيق الأحكام العرفية البلاد , وفي 1 يناير
1968 رفعت الأحكام العرفية، وفي 31 ديسمبر 1977 أصبح أميرا للكويت بعد وفاة الشيخ صباح السالم
الصباح بعد أن تولى رئاسة مجلس الوزراء لمدة 13 عاما ، وكان صاحب فكرة إنشاء مجلس التعاون
الخليجي الذي أنشأ في25 مايو 1981، وفي خضم الثمانينات وما واكب ذلك من اضطرابات وحروب
إقليمية وظروف اقتصادية دقيقة 5 يونيو 1967 أصبح حاكما عرفيا للكويت استطاع سموه -رحمه الله –
أن يتغلب على الكثير من الأزمات التي مرت بها الكويت بمقدرة وحكمة , ونجح بعون من الله وتوفيقه في
إدارة أزمة العدوان الغادر على الكويت عام 1990م وأن يعيد إلى البلاد سيادتها واستقلال ترابها الوطني ,
فقد قاد البلاد وشعبها في مرحلة صعبة من تاريخها فخاض المحنة بحكمة وصبر ورعى بكفاءة
مرحلة إعادة بناء ما دمره العدوان واستطاع من خلال إدارته للأزمة أن يجمع العالم على قلب رجل واحد
لكي يقف مع الكويت في محنتها ولأول مرة يجتمع الشرق والغرب على رأي واحد ويجمع العالم مع اختلاف
مذاهبه على إدانة العدوان وتحرير الكويت ولم يكن ذلك ليتحقق دون التفاف الشعب حول قيادته وقد تجلى ذلك
في أروع صوره في المؤتمر الشعبي بجدة في أكتوبر عام 1990 معلنا المحبة والولاء لأمير القلوب والتمسك
بالشرعية والاستمرار على النهج المتبع للحكم منذ نشأة الكويت , و كان سموه - رحمه الله- يرى بأن
الكويت هي البداية والنهاية فقد قال في مارس 1994: (إننا من الكويت نبدأ، وإلى الكويت ننتهي، وما عدا
ذلك فليس من الكويت، وليست الكويت منه ) , وفي أكتوبر من ذات العام قال : (إن الكويت هي المنبت
الذي تمتد في أغواره جذورنا والحصن الذي نأوي إليه و نعتصم به بعد الله سبحانه وتعالى, إن الكويت هي
الكيان الذي يمسك علينا وجودنا المتلاحم في معالمه وقسماته ) , و قد اختير عام 1995 شخصية العام
الخيرية من قبل مؤسسة المتحدون للإعلام والتسويق البريطانية بعد استبيان شارك فيه 5 ملايين عربي ,
وفي 15 يناير 2006 وفاه الأجل المحتوم لتفقد الأمة العربية والإسلامية بغياب سموه - رحمه الله - أحد
أبرز رجالاتها و من أكثرهم حكمة وحنكة وإخلاصا واتزانا وله مسيرة حافلة بالخير والعطاء والإنجازات
البارزة في سبيل خدمة قضايا بلاده والخليج والأمة العربية والإسلامية والإنسانية جمعاء , فقد سعى منذ توليه
عرش الحكم في البلاد للارتقاء بها حتى حقق لها نقلة نوعية في جميع المجالات وأصبحت لها مكانتها
المميزة على المستوى العربي والدولي , وفي الذكرى الرابعة لرحيل أمير القلوب ونبراس الخير , نسأل الله
العلي القدير أن يتغمده بواسع رحمته وأن يجزاه عن شعبه وأمته خير الجزاء .
يا جابر الإحسان لو غبت وكـدان= مازلت حي ّ ٍ في قلـوب الوفييـن
تبقى بقلوب الشعب يا نور دسمان= ما دام به شعب ٍ على الأرض حيين