( 138 ) مدار الأفكار
شكراً أميري
يقول الشاعر العربي:
ما الفخر إلا لأهل العلم إنهـم=على الهدى لمن استهدى أدلاّء
ففز بعلم تعش حياً بـه أبـداً*= الناس موتى وأهل العلم أحياء
إيمانا بدور العلم وأهميته ,وقدر المعلم ومكانته فقد تفضل حضرة صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر
الصباح أمير البلاد المفدى- حفظه الله ورعاه – في الأسبوع الماضي وشمل برعايته وحضوره مهرجان
(شكرا معلمي) السادس لتكريم نخبة من المعلمين والمعلمات ,وكذلك شمل برعايته وحضوره حفل تكريما
لفائزين في مسابقة الكويت الكبرى لحفظ القران الكريم وتجويده الثالثة عشرة ويأتي حرص سموه واهتمامه
بمثل هذه المهرجانات تقديرا للعلم والعلماء ودورهم في بناء المجتمع وخدمة الوطن ,فالعلم أجلُّ الفضائل،
وأشرف المزايا، وأعزُّ ما يتحلى به الإنسان، فهو أساس الحضارة، ومصدر أمجاد الأمم، وعنوان سموها
وتفوقها في الحياة، ورائدها إلى السعادة الأبدية، وشرف الدارين، والعلماء هم حملته وخزنته وهم سادة الناس
وقادتهم الأجلَّاء، وهم منارات الأرض، وورثة الأنبياء، فللعلماء الملتزمين بكتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى
الله عليه وسلم مكانة كبيرة في الإسلام، حددها الله ورسوله، ومن الآيات التي وردت في بيان فضلهم
ومكانتهم: قوله تعالى: (شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ
الْحَكِيمُ) ( آل عمران : 18 ) فقد قرن الحق سبحانه وتعالى شهادة ملائكته وأولي العلم بشهادته وهذه
خصوصية عظيمة للعلماء ممن انطبقت عليهم الخيرية التي حددها النبي صلى الله عليه وآله وسلم في قوله
من حديث مُعَاوِيَةَ رضي الله عنه قال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ( مَنْ يُرِدْ اللَّهُ بِهِ خَيْراً يُفَقِّهْهُ
فِي الدِّينِ) , والعلم يقود إلى خشية الله والتزام طاعته، وتجنب معاصيه ,قال تعالى : ( إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ
عِبَادِهِ الْعُلَمَاء ) ( فاطر : 28 ) والمعنى: إنما يخاف الله فيتقي عقابه بطاعته؛ فالذي يتدبر القرآن الكريم
يعرف الله معرفة حقيقية، ثم يخشاه ويتقيه، ويعبده حقاً فالعلماء هم أخشى الناس لله، وأعبد هم له , قال
تعالى: ( قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ) ( الزمر : 9 ), وهم الأرفع
في الدرجات بطاعتهم ربهم، قال تعالى : ( َرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ) ( المجادلة
: 11 ) والعلماء هم ورثة الأنبياء فيما جاءوا به، فقد ورثوا منهم العلم لما ورد عن أبي الدرداء رضي الله
عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( إن العلماء ورثة الأنبياء،و إن الأنبياء لم يورثوا
ديناراً ولا درهماً إنما ورثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظ وافر)، فالعالم يأخذ مكانة الرسول صلى الله عليه
وسلم، ولا يفرق بين النبي وبين العالم إلا درجة النبوة فعَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (فَضْلُ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِي عَلَى أَدْنَاكُمْ) ,و قال معاذ بن جبل رضي الله عنه
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( تعلموا العلم فإن تعلمه تسبيح , ورغائبُ شتّى عنه جهاد , وطلبه
عبادة , وتعليمه صدقة , وبذله لأهله قربة , لأنه معالم الحلال والحرام وبيان سبيل الجنة والمؤنس في الوحشة
, والمحدّث في الخلوة , والجليس في الوحدة , والصاحب في الغربة , والدليل على السراء والمعين على
الضراء , والزين عند الأخلاء , والسلاح على الأعداء , يرفع الله به أقواما فيجعلهم في الخير قادة وفي
الهدى أئمة , تقتفى آثارهم , ويقتدى بأفعالهم , وينتهى إلى رأيهم , وترغب الملائكة في خلّتهم , وبأجنحتها
تمسحهم , وفي صلاتها تستغفر لهم , ويصلي عليهم كل رطب ويابس حتى حيتان البحر وهوامه , وسباع البر
وأنعامه , والسماء ونجومها , والأرض وخزّنها , لأن العلم حياة القلب من الجهل , ونور الأبصار ,
ومصابيحها في الظلمة , وقوة الأبدان من الضعف , وبالعلم يبلغ العبد منازل الأخيار في الدرجات , ومجالسة
الملوك في الدنيا , ومرافقة الأبرار في الآخرة , والفكر في العلم يعدل الصيام , ومذاكرته تعدل القيام , وبالعلم
توصل الأرحام , وتفصل الأحكام , وبه يعرف الحلال والحرام , وبالعلم يوحد الله ويعرف , وبالعلم يطاع
ويعبد , والعلم إمام للعقل , وهو قائده يرزقه الله السعداء , ويحرمه الأشقياء) , وقال عمر بن الخطاب رضي
الله عنه : ( تعلّموا العلم وعلّموه الناس،وتعلّموا له الوقار والسكينة، وتواضعوا لمن تعلمتم منه ولمن علمتموه
( , وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : ) العلم يُكسِب العالم طاعة في حياته، وجميل الثناء بعد وفاته) ,
فالعلماء في الناس أعلام على طريق الهدى, وهم كالنجوم في السماء و التي بها يهتدى ,,نسأل الله العلي
القدير أن يحفظ لنا ولاة أمرنا الذين عرفوا قدر العلم فحظي منهم بالاهتمام والعناية والتقدير ومنحوا أربابه
حق الإجلال والمحبة التكريم والتوقير.
يا أمير يا مكرّم هل العلم الأخيـار= لك الثناء والشكر دور ٍ بثـر دور
لفتت سموك فوق توصيف الأشعار= وتبقى مع الأيام نور ٍ على نـور