مواقف وطرائف وفوائد لغوية ونحوية

58- عن المدائني قال أتى أبو علقمة الأعرابي أبا زلازل الحذاء فقال يا حذاء احذ لي هذه النعل قال وكيف تريد أن أحذوها لك قال خصر نطاقها وغضف معقبها وأقب مقدمها وعرج ونية الذؤابة بخزم دون بلوغ الرصاف وأنحل مخازم خزامها وأوشك في العمل فقام أبو زلازل فتأبط متاعه فقال أبو علقمة إلى أين قال إلى ابن القرية (ابن القرية اسمه أيوب بن زيد أبو سليمان الأعرابي من خطباء العرب) ليفسر لي ما خفي علي من كلامك . تاريخ دمشق ( 67 / 90 ) ومعجم الأدباء للحموي ( 4 / 1637 ) .

59- سأل نحوي تلميذه - وكان التلميذ يومها مغمومًا -: كيف الحال؟ فأجاب التلميذ: إن كانت الحال التي علمتنا فمنصوبة، أما حالي فمكسورة، و في الغد سأله: يا تلميذ ألم تنتصب حالك بعد؟ فأجاب: هي اليوم مرفوعة. - أي ذهب عنه الغم- ، فقال النحوي: لم تعد بهذا حالاً. فأجاب التلميذ: بل هي حال جاءت جملة فعلية فعلها مضارع. فدهش النحوي و قال له: أنت اليوم أنحى مني و الله.

60- بعد أن بينا عدم صحة نسبة قصيدة صوت صفير البلبل للأصمعي وأنها منحولة عليه ، سننشر تباعا بعضا من القصائد التى نهجت نهجها في أسلوب منولوجي في مواضيع متباينة ، وهذه قصيدة عن على عبد الله صالح رئيس اليمن :
صوت سعير البرغلي *** هيج قلب العاملي
الغاز والقات معا *** مع رفع سعر الديزل
حتى الحليب قد غلي *** وقالوا سعر دولي
وأنت يا سيد علي *** وسيدي وموللي
فكم وكم وعدتنا *** بالسير نحو الأفضلِ
قالوا لنا في فوزكم *** ضمانة للمستقبلِ
فصفق الشعب لك *** تصفيق هز المحفلِ
وقال لا لا لا لا *** لن ننتخب إلا علي
فقلت لا تولولوا *** وبينوا الاسباب لي
قالوا علي هو الولي *** وهو بصيص الأمل
ومن يديك سقوووتني *** من جرعة كالفلفلِ
شممتها بأنفي *** فواحة بالفشلِ
ولاذع مذاقها *** وطعمهاكالحنظلِ
والوضع سا وسيئو *** ولي ولي يا ويللي
مرتبات ما قد كفت *** ليس لها من ثقلِ
وإن تسد رمقا *** لكنها لم تصلِ
نعاني من تسليمها *** ونبتلي بالكسلِ
وإن أخذناها ضحى *** مع الغروب تنجلي
والجوع جع جع جعجع *** حولي ومن حويللي
والكل حولي يشتكي *** من ازدياد العللِ
يشكون فقرا مدقعا *** والفقر يشكو يا ولي
حال الفقير محزن *** وقد غدا عطنطلي
ولو تراه ماشيا *** على حذاء أهزلِ
وكوته مرقعُ *** والثوب أيضا قد بلي
والعيد جاء مقبلاً *** بل بل بلي يا بلبلي
عيد السعادة والهناء *** لكل من جيبهملي
اما الذي مثلي انا *** يمشي بجيب عطلي
ستنقلب افراحه *** لحزن حزني مللِي
حين يرى أطفاله *** بلا كساء أو طلي
وكل مسؤول غدا *** يسكن احلى الفلل
منعمٌ مكرمٌ *** سمين مثل الجملِ
ياكل مما يشتهي *** ويشرب من سلسلِ
ولو تراه راكباً *** صالونه المشنتل
معطراً ممشطاً *** عليه ابهى الحللِ
مرافقوه حوله *** في السعد والسرورلي
والكل يصغي منصتا *** لصوته المجلجلِ
انا الاديب الاصلعي *** من شبل ذاك البطلي
نظمت قطعاً صرفها *** كصرف قطع الهللِ
اقول في مطلعها *** صوت سعير البر غلي

61- كلمة ( الأستاذ ) كلمة أعجمية ، دخيلة على اللغة العربية ، لأن مادة ( س ت ذ ) غير موجودة ولم ترد في الشعر الذي يحتج به ، ومعناها : الـمـاهر بالشيء العظيم ، ومن تحريف العامة أنهم يقولون : أُسْطا ، وقد نشأ اللفظ من تفخيم التاء وهي في الفارسيّة للمعلِّم والعالِم.
ذكرها نظام يعقوبي في تعليقه على " ميزان المعدلة في شأن البسملة " للسيوطي، وعزاها لـ " قصد السبيل " للمحبي ( 1 / 175 ) والمعجم الذهبي ( ص 65 ) .
وذكروا أنه لا يستحق أن يلقب بها إلا من جمع ثمانية عشر علما ، أو اثني عشر علما ، منها : ( النحو والصرف والبيان والبديع والمعاني والآداب والمنطق والكلام والهيئة وأصول الفقه والتفسير والحديث ) .
وأشهر من سُمِّي بهذا وصار لقبًا له أبوحامد وأبو إسحاق وأبو طاهر الإسفرائنيين.
و استخدمتها العامة فيما بعد على مؤدب الصغار ، وتطلق كذلك على الـمعظَّم في أي أمر ، يقال هو أستاذ فيه ، بمعنى أنه ماهر فيه متقن له .
أما : هل يصح إطلاقها على النبي صلى الله عليه وسلم ؟
فالجواب : أنها من حيث معناها متحققة في النبي صلى الله عليه وسلم ، لكنها لفظة أعجمية غير عربية ، ولم يرد عن السلف إطلاقها عليه ، كما أن في اللغة العربية من ألقاب الكمال والجمال ما يغنينا عن استخدام مثل هذه الكلمات الدخيلة في وصف نبينا صلى الله عليه وسلم ثم رأيت كلاما لبعض الفارسيين العالمين بلغتهم يقول أن كلمة أستاذ قد تلطخت بمعان غير حميدة في الفارسية وفي العربية وأنا أتقي درج تلك الاستخدامات تأدبا للنبي المختار صلى الله عليه وسلم ،مثلها كلمة (راعنا) من معانيها ما يستحسن ومنها ما يستهجن فحرم على المسلمين مخاطبة النبي صلى الله عليه وسلم بها والله تعالى أعلم.

62- كان الخليل بن أحمد منقطعاً إلى الليث بن نصر بن سيار، وكان الليث من أكتب الناس في زمانه، وكان بارع الأدب، بصيراً بالنحو والشعر والغريب، وكان يكتب للبرامكة، ويطير معهم في دولتهم بجناحين، وكانوا معجبين، فارتحل إليه الخليل بن أحمد، فلما عاشره وجده بحراً، فأجزل له وأغناه. وأحب الخليل أن يهدي إليه هدية تليق به، فأقبل وأدبر، وعلم أن المال والأثاث لا يقع منه موقعاً حسناً، لوجود ذلك عنده، وكثرته لديه، وأنه لا يسر بشيء سروره بمعنى لطيف من الأدب، فجهد نفسه في تصنيف كتاب العين، فصنفه لليث بن نصر دون سائر الناس، ونمقه وحبره، وأخرجه في أسرى ظرف وأحسن خط، فوقع منه موقعاً: عظيماً، وسر به سروراً شديداً، فوصله بمائة ألف درهم، واعتذر إليه من التقصير، وأقبل ينظر فيه ليلاً ونهاراً، ولا يمل منه ولا يفتر، وكان يغدو ويروح على البرامكة، فكأنه على الرضف حتى يرجع إلى الكتاب وينظر فيه، إلى أن حفظ نصف الكتاب. وكانت تحته بنت عم له، وكانت سرية نبيلة موسرة جميلة، وكانت تهوى ابن عمها وتحبه، فاشترى الليث جارية نفيسة فائقة الجمال، بثمن جزيل، فأقعدها في منزل صديق له يتسرى بها، فبلغ ذلك ابنة عمه، فوجدت من ذلك أشد وجد، وحزنت وقالت: والله لأغيظنه ولا أتقي الغاية. وقالت: إن غظته في المال فهو لا يبالي به ولا يكترث له، ولكني أراه مشغوفاً بهذا الكتاب، وقد هجر كل لهو ولذة، وأقبل على النظر فيه، والله لأفجعنه به. ثم عمدت إلى الكتاب بأسره فأحرقته، فلما كان بالعشي، وراح الليث من دار البرامكة، ودخل المنزل، لم يكن له هم إلا الكتاب، فصاح بالغلام أن يحمله إليه، فلم يوجد الكتاب، وكاد يطير طيشاً، وظن أنه سرق، فجمع غلمانه وتهددهم. فقال بعضهم: يا سيدنا أخذته الحرة، فبادر إليها ليترضاها ويسترجع الكتاب، وقال لها: ردي الكتاب والجارية لك، وقد حرمتها على نفسي، فأخذت بيده، وأدخلته البيت الذي أحرقته فيه، فلما نظر إلى رماده وصح عنده أنه احترق، سقط في يديه. وظن أنه أصيب بمال عظيم أو بولد أو أعظم منه، وكان قد حفظ نصف الكتاب، ويبقى عليه نصفه - وقد مات الخليل - فطلبه في الدنيا كلها فأعجزه ذلك، ولم تكن النسخة وقعت إلى أحد، فاستدرك النصف من حفظه وجمع على النصف الباقي علماء أهل زمانه. فقالوا: ما تروم؟ قال: مثلوا عليه، فمثلوا، فلم يلحقوه، ولا شقوا غباره. فأنت ترى ما في أيدي الناس من ذلك، فإذا ما تأملته تراه نصفين، النصف الأول أتقن وأحكم، والنصف الآخر مقصر عن ذلك. طبقات الشعراء لابن المعتز ص 96- 98 .

63- قال أبو علقمة لغلام له: خذ من غريمنا هذا كفيلا، ومن الكفيل أمينا، ومن الأمين زعيما، ومن الزعيم عزيما، فقال الغلام للغريم: مولاي كثير الكلام، فمعك شيء؟ فأرضاه وخلّاه، فلما انصرف قال: يا غلام ما فعل غريمنا؟ قال: سقع، قال: ويلك ما سقع؟ قال: بقع؟ قال: ويلك وما بقع؟ قال: استقلع، قال:ويلك ما استقلع؟ قال: انقلع، قال: ويلك لم طوّلت عليّ؟ قال: منك تعلمت. تاريخ دمشق لابن عساكر ( 67 / 90 ) ومعجم الأدباء للحموي ( 4 / 1637 ) .

64- بعد أن بينا عدم صحة نسبة قصيدة صوت صفير البلبل للأصمعي وأنها منحولة عليه ، سننشر تباعا بعضا من القصائد التى نهجت نهجها في أسلوب منولوجي في مواضيع متباينة ، وهذه واحدة منها تتحدث عن جدول الحصص الذي كل ومل منه كل معلم :
صوت نعيق الجدولي *** هيج قلبي المثقلي
الهم والغم معا *** والدمع ادمى مقلي
ولو تراني سائرا ***بمشية المستعجل
امضي وارثي زمني *** والقلب والبال الخلي
وعيشة قضيتها ***جميلة كا العسللي
ذكرتها بأسف *** مرت كطيف عجل
اشكو عظامي يبست *** والما في مفصلي
امضي لفصلي يائسا *** معذبا محوقلي
اشرافهم شرفني *** نصابهم نصب لي
والناس تحسد راحتي *** سيارتي و منزلي
تقول اني مترف *** ومتخم بالعطل
فليتهم اذ مدحوا *** يأتوا فيمضوا بدلي
أذيقهم سعادتي *** وحصصا كا لحنضل
اظل يومي صارخا *** بموجز ومجمل
من حصة لحصة *** حتى يحين اجلي
نشاطهم نشطني *** فصرت اعدو كا لطلي
وطالب يشكو على *** وليه المبجل
استاذ ما علمني *** استاذ ما وضح لي
يأتي الي باكرا *** يسير سير البطل
محذرا ومنذرا *** وشارحا لي عملي
طبشورهم طبشرني *** وطبلهم طبطب لي
دراسة رائعة *** تمشي بنا لﻷفضل
انا اﻻديب المعتلي *** من وحي قلبي المبتلي
نظمتها ارجوزة *** كأنها طعم الجلي
اقول في مطلعها *** صوت نعيق الجدولي

65- الفصل يقرقع ذات صباح والصبح كسير
البرد القارس يتلهى فوق الألواح عذراً فوق الأرواح
والقوم جلوس
دخل الأستاذ يحييهم فالكل قيام
أهلاً أستاذي وعليك سلام
الحصة ماذا؟ إضرابٌ؟
أم درس سلام؟
أم حصة أفراح؟ أفراحٌ ماذا أبنائي؟ لا معنى عندي للأفراح
الحصة أسئلة في النحوِ وضربٌ ونواح
قف .... أنت الغارقَ في التفكير وأجب أسئلتي فوراً وبلا تأخير
فالدرس التالي أقوى صعبٌ وعسير
هل تعرف ما اسم الفاعل؟ واسم المفعول؟
وفنون النحو مع الصرف؟
أعرف أستاذي اسم الفاعل اسم قاهر يتخفى لكن ظاهر
مرفوعٌ بالبترول وبدون ضمير
واسم المفعول هزيل
مبني فوق جدار النصب مع التزوير
يُضرَب .... يُقتَل يُكسَر ...... يُقهَر لكن يفعل أحياناً ...
مبنياً للمجهول فيصيرالنائب للفاعل أعطيك مثالاً للمفعول؟
قاد الأمريك الأسطول نحو الشرق المكبول
الفعل الماضي ما زال يسير والأمريك بدون ضمير
والمفعول لأجله تقديرٌ محذوف باسم التحرير
والظرف عصيبٌ وعسير ...
أعرف فن الصرف ومعنى التعليل
واسم الموصول اسم الموصول قرارٌ وسلاحٌ وهجوم وبلادي صلة الموصول
ماهذا بالنحو أيا ولدي النحو قواعد وشروط
النحو فصول والصرف مثيل
قاعدةٌ تحكم ... والأمر يسير
عفواً أستاذي قاعدةٌ تحكم؟
النحو إذاً إرهاب والصرف الداعم للإرهاب
حرمنا النحو ... نبذنا الإعراب فالنحو خراب
طيب يا ولدي إعرب ما تحت الخط
عفواً أستاذي هل تعني خط الفقر؟
أم تعني تحت القصف وتحت القهر؟
فبلادي تحت القصف ... وتحت القهر وخط الفقر
إعرب ما قلت أيا ولدي أسرع هيا في الإعراب
أعرب عن ماذا أستاذي؟ عن قلقي؟
عن (آهٍ) ترنو في الأفق
فالكل يقول: عن أسفٍ أعرب عن قلقٍ
ذاك المسئول ماذا صنع المسئول؟
عن ماذا أُعرب أستاذي؟ والغرب يكمم أفواهاً كي يبقى الغرب يقول
يا ولدي ما هذا بالنحوِ ولا هذا إعراب
النحو دروسٌ نفهما كي نحسن فن التعبير
لكنا لم نفهم أستاذي كي نحسن فن التعبير
كي نتقن بعدُ التغيير
تغيير المنهج تعني؟
تغيير معاني القرآن؟
لا .... أستاذي هذا التغيير لأمريكا وعلينا نحن الإذعان
لكن تغيير البنيان أمرٌ يحسنه الإيمان