الهيبة التى كانت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت أيضاً مع الثلة المباركة حوله وهم صحابة رسول الله ، كان الأعداء عندما يسمعون عن وجود خالد بن الوليد فى مكان يُعلنون الاستسلام قبل أن يجيئهم خالد بوقت طويل خوفاً منه
حتى أنه ذات مرة فى معركة تسمى معركة اليرموك بين المسلمين والروم وكان عدد الروم أربعمائة ألف ومعهم أسلحة عتيدة والمسلمين بقيادة خالد ثلاثون ألفاً وليس معهم مثل الذى مع الأعداء ، فأراد أحد قادة الروم الكبار أن يرى سيف خالد بن الوليد، فسألوه لماذا؟ قال: لأنى سمعت أن سيف خالد أحضرته له الملائكة ولذلك ينتصر فى كل معاركه
فدخل على سيدنا خالد وأعطاه السيف فوجده عادياً بل أقل من العادى بالنسبة لهم ، فعرف أن الشأن ليس شأن السيف ولكن الشأن شأن من يُمسك بالسيف وعرف أن الموضوع هو الهيبة التى ألقاها الله على خالد ، كما ألقاها على رسول الله، كما ألقاها على كل جند الله
فكان كل جندى يذهب إلى أى مكان تسبق هيبته إلى قلوب الأعداء فتجعلهم يستسلمون بلا قتال بسبب الهيبة التى أيدهم الله بها وجعلهم من أهلها متابعة للحَبيب صلى الله عليه وسلم
من الجنود التى أيَّد بها الله رسوله صلى الله عليه وسلم فى القرآن أن الله جعل المؤمن بعشرة
{إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ} الأنفال65
فالواحد بعشرة ، من أين هذا الصبر؟
{وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بِاللّهِ} النحل127
هذا
الصبر الذى يبعثه للإنسان هو الله ومن حكمة الله التى شمل بها المسلمين أجمعين – حتى العصاة والمذنبين اكراماً لسيد الأولين والآخرين – أن أى مسلم فى أى زمان أو مكان قبل أن تنزل به كارثة أو مصيبة يبعث الله له فى داخله مدد من صبر رب العالمين عز وجل
يبعث الله له
الصبر أولاً ، فإذا نزلت به المصيبة تجده جاهزاً ومستعداً ومتأهل لا يفزع ولا يهلع ولا يُصيبه ما يصيب الآخرين من الكافرين والمنافقين وغير المُسَلِمين لرب العالمين ، هذا
الصبر يعطيه الله لنا لنتحمل به المصائب
هذا
الصبر الذى كان يعطيه الله لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ولأصحابه فى القتال وفى حرب الأعداء كان بالنسبة لرسول الله قدر
الصبر الذى أعطاه الله لكل أنبياء الله ورسل الله:
{فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ} الأحقاف35
صبر رسول الله قدر صبر كل أنبياء الله ورسل الله بما فيهم أيوب الذى نضرب به المثل فى الصبر، والمسلمين العاديين كان يعطيهم الله صبر قدر عشرة فى ميدان القتال أما المؤمن القوى فيعطيه الله أكثر.
ولذلك سيدنا علىّ رضي الله عنه وغيره من أصحاب رسول الله ، بل النساء من أصحاب رسول الله كانوا فى ميدان القتال الواحد منهم قدر مائة من الفرسان الشجعان فى قتال الأعداء من أين ذلك؟
الطاقة الجسمانية ضعيفة والغذاء لا يكفى، لكن التموين الداخلى وهو
الصبر النازل من عند ملك الملوك يجعل الواحد منهم قوته كقوة المَلَك فى جلاده وحربه مع الأعداء والكافرين
ففى غزوة خيبر كان الأعداء يحتمون داخل البلدة بسور عالٍ والمسلمون خارجه ولا يستطيعون دخوله ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
{لأُعطِينَّ الرايةَ غداً رجلاً يَفتحُ اللهُ على يديهِ يُحِبُّ اللهَ ورسوله ويُحبُّه اللهُ ورسولهُ}{1}
فبات أصحاب رسول الله يتمنى كل واحد منهم أن يكون هذا الرجل ، قال سيدنا عمر: ماتمنيت الإمارة فى يوم إلا فى ذلك اليوم ، لماذا؟ للوصف الذى وصف به رسول الله هذا الفارس القائد ، وفى الصباح قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أين علىّ؟ قالوا: إنه أرمد يا رسول الله ، قال: هاتوه ، فأخذ النبى من ريقه ووضع فى عين الإمام علىّ فشُفيت فى الحال بإذن الله وأعطاه الراية
سيدنا علىّ كان يحارب بسيفين ، سيف باليمين وسيف باليسار – وهذه كانت من مقدراته وطاقاته الحربية الجبارة – فحارب رضي الله عنه على باب الحصن يريد أن يفتحه إلى أن تكسر السيفين فأمسك بالباب وشدَّه فخلعه وحمله يحتمى به من سيوف الأعداء ودخل المسلمون من تحت الباب حتى فتح الله الحصن
وبعد أن فتحوا الحصن جاء ثلاثين رجلاً ليُحركوا الباب ليضعوه مكانه فلم يستطيعوا ، إذاً كيف حمله الإمام علىّ وكان يحارب به؟ حتى نعرف مدد
الصبر الذى أمده الله به