بالكتاب نبدأ ؟
كتب أحد الأصدقاء في صفحته معلقاً على حفلة الياس خضر في الأمريكاني منذ أيام.
أنها جمعت الجميع بمختلف جنسياتهم وأفكارهم وتوجهاتهم السياسية والفكرية
والمذهبية. ذهب الجميع، لينصت لعذوبة الصوت ولذة الاحساس تحت سقف واحد في
ساعة واحدة حققت المستحيل.
وأيضا عبر العصور، كان الفضل دائما للموسيقى والآداب والفنون، بجمع الناس في
القاعات والاحتفالات للانصات أو التذوق والاستمتاع. وقيل، أن دولة بلا فنون لا
حضارة فيها، وقيل ان مجتمعا بلا دور للقراءة والاطلاع أو صالات معارض فنية
ومسرحية، سيظل حبيس الزمن، لن تدور فيه عجلة التحضر أو التطور. مهما تطور
بنواحٍ أخرى.
مناسبة الحديث كان صورة نشرتها اليوم في حسابي بتويتر لكتب ضخمة متراصة في
هيئة شلال صغير وسط حديقة جميلة في احدى الدول. أخرجت شجون الكثيرين، بتراجع
الاهتمام بالثقافة والاطلاع والفنون الراقية، في مقابل النقل والاقتباس والسرقة،
والاكتفاء باطلاق الاشاعات ومتابعتها، والتمسك بالقشور بدلا عن الجوهر. وغيرها.
وتخصيص ميزانيات باهظة للرياضة وغيرها، وعدم تخصيص الربع للثقافة والفنون.
وربما يجد البعض أن موضوع الكتاب بسيط في مقابل تطورات وتحولات العصر. الا أن
كل مافي الكون يبدأ بالكتاب. فالدين الاسلامي انطلقت ثورته بكلمه اقرأ. والانسان ارتقى
عن الحيوان بتمرين وتشغيل عقله. والعلوم كافة انبثقت من الفلسفة أم العلوم، التي
تقول، بمبدأ النظر بحكمة، والتعقل للفهم، واعرف نفسك. اذا يبدأ الانسان بالكتاب
وينتهي به. يبدأ باقرأ، بأول كلمة من أول سطر في أول صفحة، لينمو ويتطور ويصبح
مختلفا ومتجددا ومتغيرا ومتحولا للأفضل والأصلح واكثر عقلانيا وأخلاقيا مع كل ما
يقرأه من علوم وفنون. فالقاعدة الانسانية تقول، اقرأ كل يوم معلومة جديدة لتحقق ذاتك.
ومرن عقلك كما تمرن عضلاتك. وراقب مصداقية ما تقرأ وتصدق وتعتنق كما تراقب
سعراتك الحرارية وما تتناول من طعام. كل.. كل الحياة تبدأ من الكتاب. ثم تنتهي به حين
يقف كل منا بين يدي ربه وفي كتابه ما قال وفعل من حسنات وسيئات، ستحدد مصيره.
اذا هذه دعوة للاحتفاء بالكتاب، والقراءة، ليس كواجب ولا كمظهر مزيف وادعاء، بل
كمنهج حياة. أنا أقرأ إذاً أنا أكون .
د. عاليه شعيب