(121 ) مدار الأفكار
طلال الأفعال
يقول الشاعر العربي :
هو الموت ما عنهُ ملاذٌ ومهرب= ٌمتى حطَّ ذا عن نعشهِ ذاك يركبُ
نؤمل آمـالاً ونرجـو نتاجهـا= وباب الردى مما نؤمـل أقـربُ
إن الدنيا دار عناء و فناء ،والآخرة دار قرار وبقاء , وقد خلق الله سبحانه وتعالى الموت وجعله النهاية
الطبيعية لكل المخلوقات, قال تعالى : (كل شيء هالك إلا وجهه) ( القصص : 88 ) , وقال تعالى : (كُلُّ نَفْسٍ
ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ
مَتَاعُ الْغُرُورِ)( آل عمران : 185 ), وقال جل ّ وعلا : (كل من عليها فان *ويبقى وجه ربك ذو الجلال
والإكرام) ( الرحمن : 26-27 ) , وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (عش في الدنيا كأنك غريب أو
عابر سبيل) , وقال أيضا: ( أتاني جبريل فقال : يا محمد ! عش ما شئت فإنك ميت، وأحبب من شئت فإنك
مفارقه، واعمل ما شئت فإنك مجزي به، واعلم أن شرف المؤمن قيامه بالليل، وعزه استغناؤه عن الناس) ,
ويقول ابن عمر رضي الله عنهما : (إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وخذ
من صحتك لمرضك ، ومن حياتك لموتك ) ، فالموت حق ،وطارق لا يرد ولكل أجل كتاب,وفي الأسبوع
الماضي غيّب الموت صوت الجهراء وابنها البار ومنارة تمثيلها المغفور له بإذن الله تعالى طلال مبارك
العيار الذي وافاه الأجل المحتوم يوم الخميس الموافق 22 أكتوبر 2009م بعد حياة حافلة بالعطاء المثمر
في خدمة مدينته ووطنه وشعبه فهو من مواليد 5 مارس 1959 وحاصل على الشهادة الجامعية في
العلوم السياسية , وكان عضوا في مجلس محافظة الجهراء وفي المجلس الأعلى لشؤون المحافظات عام
1989, و عضوا في المجلس الوطني عام 1990م وعضوا في مجلس الأمة خلال الأعوام 1992 و
1999 و 2003 و 2006 كما تقلد في عام 1996 منصب نائب رئيس مجلس الأمة وتقلد منصب وزير
الكهرباء والماء ووزير الشئون الاجتماعية والعمل في 14 فبراير 2001 , وطوال حياته السياسية وهو
يمثل صوت العقلانية والاعتدال وكما يقول عنه رئيس جهاز متابعة الأداء الحكومي الشيخ محمد
العبد الله المبارك : ( إن العيار من أوائل من أسسوا مبدأ عدم التصعيد بين أعضاء السلطتين وكان الرجل
حكيما يتطلع دائما لمصلحة الوطن والمواطنين من خلال مد يد التعاون في شتى المجالات التي تجمع أعضاء
السلطتين وقد مثل الأمة خير تمثيل وكانت إسهاماته كثيرة في رفعة اسم الكويت عاليا وتبنى المقترحات التي
ترجع على المواطنين بالنفع العام وتصحيح ما يتطلب تصحيحه لما يصب في مصلحة المواطنين) , ويعد
طلال العيار– رحمه الله - رمزاً وطنياً مخلصاً ، ومحباً للإنسان ، وعنوانا للخير والإحسان ,وحادباً على
الفقراء والمعسرين , وعونا للمحتاجين والمظلومين، ونبراسا للسماحة وسمو والأخلاق, ويكسو محياه نور
التواضع والإشراق ,وبالرغم من غياب العيار بجسده إلا أنه بقي حيا في الذاكرة و الوجدان , وحاضرا في
المشاعر والأذهان,وذلك من خلال سيرة ومسيرة حياته العطرة والمضيئة والحافلة بالعطاء والولاء,والنبل
الإنساني والوفاء، وروحه المتسمة بصفاء السريرة والنقاء, وأعماله الخالدة في خدمة وطنه ومجتمعه
بدون منة أو ادعاء ، رحم الله أبا مبارك الذي رحل وودع دنيانا الفانية بعد أن سجّل في تاريخ الكويت
صفحات مضيئة ومشرقة ومشرّفة ,نسأل الله العلي القدير أن يتغمده بواسع رحمته وأن يسكنه
فسيح جناته وأن يلهم أهله وذويه الصبر والسلوان .
يا الله يا منـزل تبـارك والأنفـال= يا موجب ٍ للموت جيل ٍ بثـر جيـل
يا ربّ عم ّ برحمتك عند الأهـوال= حال الذي حـاز الثنـاء والتنافيـل
مرحوم يا حلاّل صعبـات الإشكـال= يا صوتنا يا صار بالـدار تشكيـل
مرحوم يا رمز المواقف والأفعـال= يا اللي لنا في داجي اللـي قنديـل
يا أبو مبارك تكتسي قـدر وإجـلال= وتواضعك ما فيه زيـف ٍ وتضليـل
يا نادر ٍ تشهد لك الناس وأعمـال= ويشهد بزودك من رصد سيرة الجيل
مواقفك بالمرجلة مضـرب أمثـال= وأبلغ من المنظوم والوصف والقيل
بين الورى لك حب صـادق ولا زال=حب ٍ بعيد عن الريـاء والتهاويـل
فوق الثرى وتحت الثرى فيك نختال=ما دام به من يعرف العدل والميـل
لو بالتبصر تندفع بعـض الآجـال= دونك وقف من يوفي الكيل حلحيـل
سندك من يقعد صغا كل من عـال= مشعل اليا كلت عـزوم الرجاجيـل
حر ٍ عريب وكل مـا قـال فعّـال= وأقطع من البالود وأكرم من السيل
لاشك مابه حـي ّ للمـوت يحتـال= حيث الأجل محدود حسب التفاصيـل
ما به خلود ٍ في مسارات الأجيـال= حتى الذي نابـاه بالغـار جبريـل
دنيا الورى مابين حـل ٍ و ترحـال= تطحن رحاها والضحايـا مشاكيـل