(2) مدار الافكار
محسوبيات الأمسيات
يقول أمير الشعراء أحمد شوقي :
وطني لو شغلت بالخلد عنه =نازعتني إليه في الخلد نفسي
شهد الله لم يغب عن جفوني =شخصه ساعة ولم يخل حسي
للأسف نصيب الوطن من الشعر الرامز إلى حبه وفي مهرجانه لا يتعدى الواحد في المئة مما قيل في تمجيد الذات والقبيلة ومدائح الأمراء والشيوخ!
احتراما للذات وتقديرا لروح ومكانة الشعر الشعبي الاصيل وايمانا بأهميته وهدفه النبيل، فقد قررت الابتعاد وهجر ما يسمى بالاصبوحات التي تقام عادة
وقت الظهيرة، وكذلك الامسيات الشعرية منذ وفاة الشعر الحقيقي فيها - رحمة الله عليه - وذلك قبل عقد ونيف من الزمان، إلا أنني رفعت قرار
العزوف عنها مؤقتا احتراما لطلب أحد الزملاء ممن يتصف بسمو الاخلاق ونقاء السريرة، ووفاء للأخوة واكراما لشخصه وللزمالة، فقد رافقته بعد
إلحاح شديد لحضور إحدى امسيات المهرجان الوطني «هلا فبراير» على أمل الاستماع والاستمتاع بشعر يمجد حب الوطن ويجسد شموخه والتفاني
في سبيله، وينبذ كل ما من شأنه زرع الفتن والفرقة وتعكير صفو الحياة فيه، على اعتبار أن الشعر مرآة تعكس آمال وآلام الناس، وترجمة لمشاعر
الحب والولاء والإحساس، فالأوطان - كما يقال - هي قطع من أكباد ابنائها، وللقصيدة الشعبية خصوصيتها وفاعليتها وتأثيرها، فهي كما يقول
الدكتور زياد بن عبد الرحمن السديري: «مهما كثرت مزايا الشعر العربي فستبقى القصيدة النبطية أدق منه تعبيرا وأصدق تصويرا، ولا أصدق من
قصيدة يتكلم بها الشاعر بلغة تكيفت مع ظروف مجتمعه الخاص فأصبح لألفاظها معان خاصة ودقيقة يصعب التعبير عنها بأية وسيلة أخرى».
إلا أنني فوجئت وللأسف الشديد بأن نصيب الوطن من الشعر الرامز إلى حبه وفي مهرجانه لا يتعدى الواحد في المئة مما قيل من قصائد في تمجيد
الذات والقبيلة ومديح امراء وشيوخ ومسؤولين في دول اخرى، إضافة الى قصائد تنحدر الى مستنقع الاسفاف والتغزل غير العفيف والتشبيب الممجوج
الذي يترفع الانسان السوي عن قوله في نزهة خلوية، فضلا عن طرحه في مهرجان وطني وأمام حضور من مختلف الاجناس والجنسيات.
كما أن تفاعل الجمهور وتصفيقه مقترن باسم الشاعر وقبيلته بعيدا عن جودة الشعر وسمو أهدافه.
عشرة شهور وشهر وأنتم بالأسفاف=ونبي شهر واحد لشعـر المواقيـف
وين العدالة بالشعر وين الإنصـاف=دام التميـز مـا لقالـه عواريـف