(108 ) مدار الأفكار
أنفلونزا الدنانير
يقول الشاعر العربي :
دع المقادير تجري في أعنّتهـا= و لا تبيتـن إلا خالـي البالـي
ما بين غمضة عين و أنتباهتها= يغير الله من حال إلـى حـال
مازالت الأوبئة تتحدى الإنسان في العصر الحديث وتستنفر قدراته للبحث عن وسائل فعالة لمغالبتها، وفي
السنوات الأخيرة توالت أمراض نالت اهتمام الإعلام العالمي، جنون البقر( Mad Cow Disease ) عام
1994م ,والحمى القلاعية Foot & mouth disease) ) عام 2001م , والجمرة الخبيثة ( ANTHRAX)
عام 2001م , و متلازمة الالتهاب الرئوي ( SARS) ا عام 2002 م وأنفلونزا الطيور عام 2004 م وأخيرا
أنفلونزا الخنازير( Swine influenza )عام 2009م و التي بدأ النفير العام يتوجه إليها مع تحذير منظمة
الصحة العالمية بإمكانية تحول المرض إلى وباء يقضي على ثلث سكان الكرة الأرضية, ورغم حالة الهلع
والفزع التي أصابت الشعوب في شتى بقاع المعمورة نتيجة لظهور المرض في عدد متزايد من الدول إلا أن
أصواتا متزنة بدأت تخرج للتحذير من المبالغة في الأمر وأن هناك جهات تسعى لإفزاع العالم لأغراض
معينة تخدم مصالح الدول الكبرى التي يهمها صرف الأنظار عن مخططاتها التوسعية, كما تحاول إنقاذ
شركات الأدوية العالمية من الأزمة المالية الطاحنة التي تمر بها باختراع مرض جديد مما يؤدي إلى ضخ
المليارات في خزائنها مقابل أدوية للوقاية وأدوية أخرى للعلاج , ومما جاء في مجلة تايم (Time ) الأميركية
: ( يبدو أن داء أنفلونزا الخنازير هو أقل خطورة مما أثير بشأنه حول العالم، في ظل الرعب الذي انتشر مع
بداية ظهور الداء في المكسيك في أبريل الماضي.و أنه في الوقت الذي أصاب فيه الداء قرابة 12 ألفا في 23
بلدا، من بينهم أكثر من 6500 إصابة في الولايات المتحدة، لم يقض بسببه حتى الآن سوى 86 من الضحايا
),ويقول عالم جزيئات الفيروسات الدكتور كريستوفر أولسن: ( إن تفشى فيروس (اتش1- إن 1) قد لا يحدث
خسارة كبيره كالتي تسببها الأنفلونزا عادة كل شتاء بدون أيه ضجة إعلاميه كبيرة , و دعونا لا نفقد مسار
كون الأنفلونزا الموسمية العادية هي من مشاكل الصحة العامة الضخمة التي يذهب ضحيتها عشرات الآلاف
من الأشخاص في الولايات المتحدة الأمريكية وحدها بالإضافة إلى مئات الآلاف في جميع أنحاء العالم) .
ويقول عالم آخر رائد في عالم فيروسات الأنفلونزا في مستشفى أبحاث الأطفال في ممفيس : ( إن هذا
الفيروس ليس لديه قدره القتل مثل فيروس 1918 الذي راح ضحيته ما يقدر بـ30 مليون ضحية في أنحاء
العالم . وقد تم التعرف على أوجه الشبه بين الفيروس الحالي وفيروس 1918 وكلاهما من سلاله (اتش1- إن
1)وأطلق عليهما هذا الاسم لشموليتهما على نوعين من البروتينات ), ويقول الخبير في الميكروبولوجي
والأنفلونزا في مركز سيناي الطبي في نيويورك ، الدكتور بيتر باليسى : ( هناك بعض الخصائص الجزئية
التي يفتقر إليها الفيروس الحالي ..إذ ليس به الأحماض الأمينية ولكي يكون فتاكا فإنه يجب أن تزيد عدد
جسيماته في الرئة ) , ويقول الدكتور محمد زكريا : ( إن هذه الأمراض المستجدة التي يقدر عددها اليوم ما
بين 20 إلى 50 مرضا، أصبحت تعرف بأمراض النخبة والأغنياء وهي تحظى باهتمام كبير، وتشكل لها
لجان أممية ومتابعات إعلامية قوية في حين يتم تجاهل عشرات الأمراض التي تفتك بالإنسان الإفريقي الفقير
مثل الملاريا والإيبولا ) , وتقول الدكتورة ليلى أحمد الأحدب : ( إن معدلات الوفاة بهذا الفيروس تبلغ 1.0%
وهو المعدل العادي للوفاة بالإنفلونزا الموسمية ) ، ويرى البعض بأن تهويل خطر ( أنفلونزا الخنازير ) هي
مؤامرة قادتها بعض شركات الدواء الغربية في الولايات المتحدة الأمريكية وأوربا وذلك لتسويق عقاقير
بدأت تنتجها و أول الأسباب التي يسوقها أصحاب نظرية المؤامرة هو إصرار المسؤولين عن الصحة
العالمية توجيه العالم للبحث عن اللقاحات الواقية من المرض، وكيفية مواجهة آثاره السلبية على البشرية
والاقتصاد, مع تجاهل تام لمرحلة ما قبل انتشار المرض والأسباب التي أدت إليه خلافا لطريقة التعامل مع
الأمراض السابقة الشبيهة والتي عرفها العالم .
لا تستمع يا صاح تهويل الأضـرار= مالك عن المقسوم رغم المحاذيـر
ناس ٍ تزيد وتبتدع صنـع الأخطـار=ورأس الهدف معروف كسب الدنانير