أحبتي هل تعلمون أني لم أعرف البكاء يوما حتى وإن قطعت أوصالي وقد كان .. ولم أعرف الدموع أبدا
حتى وإن خسرت كل ما أملك وقد كان .. ولكني اليوم مكسور منهزم .. وغيمات عيني مدرارة الغدق ..
حزن يتلوه حزن .. وبكاء يتبعه بكاء .. حتى إني لأبكي دما .. وأشهق القهر نارا .. وأزفره دخانا من الآسى
والأنين على زليختي .. لأنها حب الروح .. ومهجة الروح .. بل هي روح الروح .. أحبتي هل تدرون بأني الآن
أبصر ترابا .. وأتحسس ترابا .. وأتذوق ترابا .. وكل ما يحيطني تراب في تراب .. لأن جسد زليختي هناك
مسجى الآن تحت التراب .. فدت روحي ذاك الجسد وفدى جسدي ذاك المكان .. قسما لمن يستحق وله
وبه القسم يا أميرتي قومي وأنا أبادلك المكان .. وأمنح العمر كله للحظات من عودة ذاك الزمان .. أحبتي
علموني من أجل كل ما تحبون إن كنتم تعرفون .. علموني كيف أرتقي السماء سهما وبرقا ورعدا وقصفا
لأصل إلى روحها فأسحبها إلى ثامن سماء .. أستحلفكم بالله لا تقولوا جن الفتى فليس هناك شئ أسمه
ثامن سماء .. بل صدقوني إنها هناك مشيدة للمظلومين والشهداء .. فنحن هنا لم تسعنا الأرض .. لم
تسعنا القلوب .. لم تسعنا العقول .. لم تسعنا السطور.. كذب في كذب .. حروب في حروب .. اختلاف في
اختلاف .. همجية في تخلف .. وجاهلية في كراهية .. وذئب يقود القطيع .. وفأر يأم الصقور .. وذل مختوم
على الأنوف .. فأي أرض هذه التي نحيى عليها وقد استولى عليها الجنون ألمقترن بالثمالة والبربرية ..
وأي مستقبل ننشده وشيمتنا الفناء والهزيمة .. وأين النصر وقد تطبعنا على التشتت والخيانة .. نجوتي
يازليختي ونحن من هلك .. نجوتي ياحبيبتي ونحن من سحق .. فأنتي الآن نور يجوب السموات وفي بهاء
يحلق .. أتوسل بك أن تأخذيني معك .. وهذه كفوفي تطلبك بعنف فمدي يدك .. سيدتي هل تعرفين كيف
أصبح حالي ألآن ؟ فعاشق الرافدين مابقى منه شئ على ما كان .. أمسيت ليس كمن عرفتيه قديما.. بل
غدوت عودا يابسا يترجى من ألأقدار الرحيل ..