السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قصيدة
لامية العجم
وهي
قصيدة يصف الشاعر حاله ونفسه وهو في بغداد سنة 505.
أصــــــــالة الـرأي صانــتــني عن الخَطَل ** وحـلـيــةُ الـــفــــضــلِ زانـتني لدَى العَطَلِ
مــــجـــــدي أخيراً ومجدي أولاً شَــــــرعٌ ** والشمسُ رَأدَ الضحى كالشمس في الطفلِ
فــيـــم الإقـــامةُ بالزوراء لا سَـــــكـنِــــي ** بـها ولا نــاقـــتـــي فــيــهــــا ولا جـمـلـي
نـــاءٍ عـــن الأهلِ صِفْرُ الكفِّ مُــنــفـــــردٌ ** كـالــســـيــفِ عُــــــرِّي مَـثــناه من الخَللِ
فـــــلا صـديـقَ إليه مشـتــــكَى حَـــزَنــــي ** ولا أنـيــسَ إلـــــيـــــــه مُـنـتـــَهى جذلــي
طـــــال اغـــتـرابـي حــــــتى حَـنَّ راحلتي ** وَرَحْــــلــهــــا وَقَـــــرَى العَــسَّـــالةَ الذُّبُلِ
وضـــج مـن لغـبٍ نضـــــــــوى وعج لـما ** يلـقـــى ركابـي، ولـج الركـــــب في عَذلي
أريــــدُ بــــســطــةَ كــــفٍ أســـتعـــين بها ** عــلـــى قـــضــــاء حـقـــوقٍ للعُــلى قِبَـلي
والــدهــــر يــعــكــــس آمـــــالي ويُقعـني ** مــن الــغـــنـيـــمــة بــعـــد الــكـــدِّ بالقفلِ
وذي شِطاطٍ كصــــــدر الـــرمـحِ مــعــتقل ** بـــمــثـــله غيرُ هـــــــــــــــــيَّابٍ ولا وكلِ
حــلــو الفُـــكاهـــةِ مرُّ العيش قد مــزجـت ** بــقـــســــوة الـبـــأسِ مــنــه رقَـــّةُ الغَزَلِ
طـــــردتُ ســـــرح الكرى عن ورد مقلته ** والـلـيـل أغـــــرى ســـــــوام النوم بالمقلِ
والــــــركب ميل على الأكـــوار من طـربٍ ** صــاح وآخـــــر مـن خـمـــــر الكرى ثملِ
فـقـلتُ: أدعــــــــوك للــجــلَّى لـتـنـصرني ** وأنت تـخــذلـني في الحــــــــــــادث الجللِ
تــنامُ عـني وعـيـن الـنـجـم ســـــــــــاهرةٌ ** وتســـــــــــــــتحيل وصبـــغ الليل لم يحُلِ
فــهــل تــعـيــنُ عـلـى غــيٍ هــممــتُ بــه ** والــغــي يزجــــــــــــــر أحياناً عن الفشلِ
إني أريدُ طــــروقَ الحـــي مـــن اضــــــمٍ ** وقد حـمـاهُ رمـــــاةٌ الــحـي من ثُــعـــــــلِ
يحـــمون بالـبـيــض والســمــر الِّلدان بـه ** ســـــــــــودُ الــغــدائرِ حمرُ الحلى والحللِ
فســـــر بــنـا فـي ذِمــام الليل مــهــتــديــاً ** بنفخةُ الطيــبِ تهــــــــــــــــدينا إلى الحللِ
فـالـحـبُّ حـيث الــعـدى والأسـدُ رابضــــةٌ ** حــــول الكِناس لها غـــــابٌ من الأســـــلِ
تـــــؤم ناشــــــــــــــــئة بالجزع قد سُقيت ** فِصــــــالها بــمــياه الغُــنــْـج والكَـــحَــــلِ
قـــد زاد طـيبُ أحاديثِ الكــــــــرام بـــــها ** ما بالكــــرائم من جـــــــــــبن ومن بـــخلِ
تبيتُ نار الهـــــــــــــوى مــنـــهن في كبدِ ** حــــــرَّى ونـــار القـــرى مـنهم على جبلِ
يـَقـْتـُلْـنَ أنضـــــــاءَ حُـبِّ لا حِراك بــهـــا ** وينحـــــــــرون كِـــــــرام الــخــيل والإبلِ
يُشفى لــديــــغُ الغـــــــــــواني في بيُوتِهمُ ** بِـنـَهـلـةٍ من غـدير الخمــــر والعـــســـــلِ
لعـــل إلــمــــامـــةً بالــجـــزع ثــانــيــــــةٌ ** يدِبُّ منها نســــــــــــــيمُ البــُرْءِ في علــل
لا أكـــــــرهُ الـطــعــنــة النجلاء قد شفِعت ** بردفـــــــــــــــــةٍ من نـــبال الأعين النُّجلِ
ولا أهــــاب الصـفاح الــبـيض تُســــعدني ** بالـلـمـح من صـفـحـات البـيـض في الكللِ
ولا أخـــل بــغــــــــــزلان أغــــازلـــهـــــا ** ولو دهــــتني أســــود الـغـاب بـالــغــيـــل
حبُّ الســــــــــــــلامةِ يثني هــــم صاحبهِ ** عــن المعالي ويغري المرء بالكســـــــــلِ
فـإن جــنحـــتَ إلــيـه فـاتخــــذ نـــفـــقــــاً ** فــي الأرض أو سـلـمــاً في الجوِّ فـاعتزلِ
ودع غــمــار الـعُـــلى للـمـقــدمــيـن على ** ركـوبـــهــــا واقـــتــنــعْ مــنــهـــن بالبللِ
يـــرضـــى الذليلُ بخفض العيشِ يخفضـهُ ** والــعِـــزُّ بــيـن رســيــم الأيــنـــق الـــذّلُلِ
فــأدرأ بها فــي نحـــور الــبـــيد حـــــافِلةً ** معارضــات مــثـــانــي الـلُّـجــم بـالـــجدلِ
إن الــعــلى حـدثــتــنــي وهـــي صـادقـــةٌ ** فيما تُحـــــــــــــــدثُ أن الــعـــز في النقلِ
لـو أن في شــــرف الــمــأوى بـلـوغَ منىً ** لم تبرح الشـمسُ يومـــاً دارة الحــمــــــلِ
أهـبـتُ بـالـحـظِ لـو نـاديــتُ مســـــــــتمعاً ** والحظُ عني بـالجهـــالِ في شُــــــــــــــغلِ
لعلـهم إن بـدا فضـــلي ونَقْصـــــــــــــــهمُ ** لِعـــيــنـــه، نــام عــــنـــهـــــم أو تنبه لي
أعــلـــلُ الـــنـفــس بـالآمـــال أرقــبـــهـــا ** مـا أضـيــق العـيــش لــولا فــُسـحة الأمل
لم أتـرض الـعــيـــشَ والأيــــام مــقــبــلةٌ ** فـكـيـف أرضــى وقــد ولت عـلـى عــجــلِ
غــالــى بــنـــفـســي عِـرْفــانـــي بـقيمتها ** فــصـــنــتــها عـن رخـيـص الـقـدْرِ مبتذَلِ
وعــادة الــنــصـــل أن يـــزهى بـجـوهرهِ ** ولــيــس يـعـمـلُ إلا فـي يــديْ بــطــــــــلِ
ما كـنـتُ أوثــرُ أن يــمــتـــد بــي زمــنــي ** حــتــى أرى دولــة الأوغــاد والــســفـــلِ
تـقـدمــتــنــي أنــاسٌ كــــان شــــوطُـهـــمُ ** وراءَ خــطــوي، إذ أمـشـي على مــــهــلِ
هــــــذا جــزاء امــرئ أقـــرانهُ درجـــــوا ** من قــبــلــهِ فــتــمــنى فــســحــةَ الأجَـــلِ
وإن عــلانــي مــن دونــي فــلا عَــجــــبٌ ** لــي أســـوةٌ بانحطاط الشمسِ عن زُحـــلِ
فـاصـبـر لـهـا غـيـر محتالٍ ولا ضَــجـــــِرِ ** فـي حـــادث الـدهـر مــــا يُغني عن الحِيلِ
أعـــدى عـــدوك أدنى مــن وثِــقــــــتْ به ** فـــحـــاذر الــنـاس واصحـبهم على دخــلِ
فــإنــمــا رُجـــل الــدنـــيــــا و واحـــــدها ** مـن لا يــعـــولُ في الــدنــيــا على رجـــلِ
وحُــســن ظــنــك بــالأيـــام مــعــجــــــزَةٌ ** فَـظـنَّ شــراً وكـــن مــنـهـــا على وجَــــلِ
غــاض الــوفـــاءُ وفاض الغدر وانفرجت ** مــســـافــة الــخُــلــفِ بين القـوْل والعملِ
وشــأن صــدقـــكَ عــنــد الــنـــاس كذبهم ** وهــلْ يُـــطــابـــق مِــعْـــوجٌ بــمــعـــتــدلِ
إن كـــان يــنــجـــع شــيءٌ فــي ثــبــاتهمُ ** على الـعــهـــود فــســبــق الـسـيف للعذلِ
يـا وراداً سُــور عـــــيــش كلُـــّه كـــــــدرٌ ** أنــفــقـــت صــفـــوك فــي أيــامــك الأول
فــيـــم اعــتــراضــــك لـــجَّ الـبحر تـركبهُ ** وأنــت تــكــفــيـــك مــنـــهُ مـصـة الوشـلِ
مُـلـكُ الـقـنـاعـةِ لا يُـخـشـى عــلــيـــه ولا ** تــحــتــاجُ فــيــه إلى الأنــصـــار والـخَولِ
تــرجـــو الــبــقـــاء بـــدارٍ لا ثــبـــات لها ** فــهـــل ســمــعـــت بــظــلٍ غـيـر مــنـتقلِ
ويـــا خـبــيـــراً عــلــى الأسـرار مــطـلـعاً ** أنـصــت، فـفـي الـصـمت منجاةٌ من الزلل
قــد رشــحــوك لأمـــرٍ إن فــطــنــــــتَ له ** فــاربأ بــنــفــســك أن ترعى مع الـهـمــلِ
ديوان الطغرائي: مطبعة الجوائب، قسطنطينية، 1300. ط1. ص54- 56