في الخطوة ألأولى كذب عليها وكذبت عليه .. ثم سارا معا في طريق الحب بعد الإعجاب والإنجذاب وهما يحلمان بالكثير .. وبالفعل أزهرت رياض أيامهم وتكحلت ليالي سمرهم بالكثير من ملاحم العاشقين بينهما .. حوار واشتياق وخلاف واتفاق وهجر وتلاقي ودموع وضحكات وإخلاص ووفاء وعهود ... حتى إنهما كثيرا ما رحلا معا في اكتشافات مذهلة لعوالم ألأنثى والرجل .. ولكن مازالت كذبة الخطوة ألأولى حاجزا بينهما .. ومع مرور ألأيام أخذ يعلوا بينهما كما يكبر حبهما .. حتى أصبح هذا الحاجز أسوارا وسدودا فلم يستطيعا عبوره .. هل هو الخوف من فقدان الآخر وخسارته ؟ أم أنها ظنون الكرامة من التنازل للآخر ؟ أو لأننا لبسنا رداء الغرور فلا نريد كشف أخطائنا وعيوبنا حتى لأقرب المقربين إلينا ؟ ولعلها عادات وأعراف وتقاليد تربينا عليها وهي لا تغفر الخطيئة ؟ أم هي العزة بالإثم فنحلل لأنفسنا ما نحرمه على الآخرين ؟ وربما إنها غريزة التملك للأشياء وبلا غفران ؟ وعلى الآخر أن يبجلنا ويعظمنا ويغلفنا بأعلى درجات الكمال ؟ وتناسينا أننا بشر وفينا الكثير من النقص والعيوب والأخطاء والمشاعر والرغبات .. وعلى هذا جعل الرب باب أسمه التوبة وخلق الميزان .. بل ومن أجل هذا كان هناك شيء أسمه اليوم الموعود وكانت ألجنة والنار .. وهكذا تبقى الكثير من الظنون تعصف هواجسا من السعير في صحارى النفس القلقة والمتأرجحة بين الشك واليقين .. فأصبحت هموما تؤرقهما وتقض مضجعيهما وتقرع جدار الحب والصبر بمعول الارتياب والتردد الذي لا يعرف التعقل ولكن يتقن كل فنون الجنون .. فوصلا للخط الفاصل وكذلك لمرحلة لا يستطيعان البوح لبعضهما .. فأصبح هذا السر هو السم القاتل الذي لا ترياق له لهذه العلاقة المعتقلة بسجون الظلم والتعسف والتي حكما بها على نفسيهما الشريدتين في هذا العالم الكبير .. والكارثة أنهما لا يجدان مكانا فيه لروحيهما الهائمتين إلا ببعضهما .. فما الحل وقد تراكم الهم والندم والقهر والألم .. لذلك فلا حل أماهم سوى بالانفصال .. وهو ألأشد من وقع الموت عليهما .. ومع هذا تجرعا زعاف مرارته وقررا الانفصال عن بعضهما .. ولكن كل منهما بطريقته الخاصة .. والأيام كفيلة بالنسيان وإن لم تستطع أن تمحوا قصص حبهم فسيبقى لديهم أثر جميل مختوم في القلب والوجدان .. وستبقى أحلى الكلمات مسطرة في ذاكرة العقل والروح وبين بعض الصحائف.. ومنثورة على الحصى الملونة وفي عناق البصمات .. وعلى جدران الذكريات الدافئة بعطريهما الأزلي .. وفي تلك اللوحة للسيدة ألأميرية الشاخصة ببصرها إليه دون أن يرف لها جفن أو يخفق لها قلب .. لأنه وقف الزمان عندها بمجرد أن رفع الرسام ريشته منها .. فبقت معلقة على الحائط جامدة هناك بلا حراك .. وهكذا مضت عليه وعليها ألأيام والشهور والسنون ثقيلة رتيبة مريرة بطيئة .. وهي ألآن سواءا بالرغم عنها أو برغبة فرضية ذاك الحل المسموم قد سجنت في معتقل آخر وهو ما يسمى بالقفص الذهبي .. نعم قد تزوجت ولكن بجسدها البارد المسجى على أسرة الصفاقة والأقنعة المزيفة التي تخفي رعشة الوجوه المتألمة والمتروكة على وسائد الشوك واللامبالات .. وبقلبها المفقود والمزمل بالهموم والبلادة .. لأن حرارة مشاعرها رمتها جمرا ومنذ زمن بعيد في موقد يتربع بقلب من قابلته بأول خطوة .. وبرغم الانفصال لم تستعيدها منه .. وبقى فكرها المشدوه والمسحوب والمحكم الوثاق ثابتا على ذاك الطريق البعيد .. حيث روحها تركتها هناك تجوبه ذهابا وإيابا .. وإذا ما أرادت السكينة طافت إلى بيت أهلها لعلها تتنفس شيئا من الحياة في هواء الذكريات والتأمل .. ولتبقى واقفة أمام شباكها البلوري لكي تراقب منه بعض خطواته العرجاء والمثقلة بالهموم .. ولكي تتلمس شيئا بسيطا بأنه مايزال يذكرها لأنها بذلك تحيى من جديد .. علما أنه هو أيضا على نفس الحال والتتبع .. وهكذا سيبقى كل منهما يراقب ألآخر بصمت الحنين والأمل ولكن من بعيد .. وليس من شئ سوى من بعيد .. حيث أدركا بالنهاية برهان الواقع في هذه الحياة بأنهما فقدا كل الصلاحيات وحق التملك لبعضهما بل أصبحا مجرد أشياءا مملوكة للغير .. ولكن حسبهم أنهم يملكون الذكريات ليتنفسوا بها الحياة .. نعم فلا يملكون ألان من بعضهما سوى الذكريات تعبر عنهم لعلها تكون الدلالة على لقائهما القادم بعد الفناء .. وحينها لا أدري إن كانا سيتعاتبان أو يصمتان لدهور بلا حراك وهما ينظران بشغف لعيون بعضهما .. ولا اعلم إن كانا سيذرفان الدموع المعجونة بالوجد والفرح .. ولكني مؤمن بأنه سيغفر كل منهما للآخر وسيبدآن من جديد وبصدق اليقين ..
;`fm hgo',m HgH,gn ;`fm hgo',m HgH,gn