أكثر جملة تم استخدامها من المراقبين بعد نهاية انتخابات الاتحاد الآسيوي لكرة القدم، هي: ''السعودية فقدت هيبتها''، قرأتها في تصريحات مسؤولين، صحافيين، وتعليقات جماهيرية. وهي جملة تعبر عن مكنون كل محب وكاره وناقد مستقل، وحده الشيخ أحمد الفهد قال بعد الاقتراع: ''السعودية رائدة وهي التي تقود الركب العربي، وهيبتها مصونة سياسيا واقتصاديا ورياضيا''. وكأني بالفهد يطيب الخواطر بعد أن فعل ما فعل، ولم يعد الكلام إلا هباءً منثورا، بل كأني به يقول: ''أنتم كذا كويسين ولا تحتاجون إلى أي تغيير''.
.. والسؤال الملح بعد اليوم الانتخابي الآسيوي الكبير، هل فعلا فقدنا هيبتنا؟ بل يسبقه سؤال آخر أكثر أهمية: هل فعلا كان لنا هيبة وسقطت؟ والحديث هنا رياضيا وإن تشابكت الخطوط أحيانا بين الرياضة والميادين الأخرى.
للإجابة على السؤالين، نحتاج إلى تتبع التاريخ الرياضي السعودي ومعرفة أين كانت الهيبة وكيف سقطت، ولن يأخذ الباحث من الوقت كثيرا حتى يصل إلى نتيجة مفادها أن المنظومة الرياضة السعودية ارتكزت على شخصية واحدة فقط، كانت هي النظام والرقيب والحسيب والمحرك وكل شيء، غابت فغاب كل شيء.
هدر للوقت تعديد مناقب الراحل فيصل بن فهد، فالكل في بلاده والبلاد الأخرى يعرف من هو فيصل، ومضيعة للوقت أيضا البكاء على اللبن المسكوب، فماذا نفعل بعد اعترافنا بالمشكلة وتلك أولى خطوات الحل.
فيصل بن فهد كان رجلا رياضيا صرفا وسياسيا محنكا، اقترب آنذاك من القرار السياسي في البلاد، وسار بالرياضة في خط متواز معها، عند الأزمات السياسية كان يدعو لاجتماع اتحاد عربي ويقنع الآخرين بقرار رياضي متسق مع التوجه السياسي، والتجارب كثيرة بدءا من تعليق نشاطات مصر الرياضية العربية، وتعليق العضوية العراقية في الاتحاد العربي الرياضي، ومعركته مع ''فيفا'' للاعتراف بمقاطعة عربية للرياضة الإسرائيلية دون عقوبات تمس العرب من ''فيفا''.
فيصل بن فهد كان رجل دولة قبل أن يكون رجل رياضة، جمع خيوط الاتجاهين وعقدهما ببعضهما فكان القرار الرياضي العربي في تاريخه مترجما وداعما للقرار السياسي.
هل لدينا فيصل الآن؟ لا. هل لدينا ما يبشر بظهور فيصل آخر قريبا؟ الجواب: لا أيضا. ماذا نفعل إذا؟ هل نحتاج إلى فيصل آخر: نعم. ولكن إن رحل أيضا فأنى لنا بفيصل ثالث.
يقول نواف ابن الفيصل، إن مرشحا سعوديا جديدا سيظهر بعد عام ونيف في انتخابات آسيا، وسيكون مرشح سباق لا أرنب سباق، وقد لا يعلم البعض أن الأصوات الستة التي انتخبت الإماراتي السركال هي نفسها أصوات المدلج قبل الانسحاب، فكيف نضيف إلى الستة، عشرين صوتا أخرى تضمن الكرسي.
حتى نضمن ذلك علينا أن نعرف مصدر قوة الآخرين، وطرق عملهم، المال مهم لكنه لم يرجح كفة آل خليفة، والأمر كله تمت إدارته بالعلاقات من قبة المجلس الآسيوي الذي ينتصب فيه أحمد الفهد وحيدا، والفوز بصدارة المجلس أو المزاحمة عليه طريق إلى الكرسي الآسيوي، فهل نفعل؟ المهمة صعبة جدا لكنها ليست مستحيلة، خاصة أن مرشح المجلس في انتخابات العام المقبل للرئاسة الآسيوية سيكون طلال الفهد.
تجربة ترشح سعودي إلى رئاسة الاتحاد الآسيوي، مؤلمة ومفيدة، ومن الحكمة النظر إليها من زاويتها الإيجابية، والاستفادة من التجربة والابتعاد عن تقريع الذات وزيادة الشماتة مفردة أخرى تزيد الألم وجعا.
hgidfm>>