أنواع السرد القصصي Types of Narration بقلم سي بوث ترجمة: الدكتور حسيب الياس حديد ليس بوسع المؤلف أن يختار تجنب البلاغة في نثره وإنما ينتقي نوع البلاغة التي يمكن استخدمها . كما لا يستطيع معرفة تقييم القارئ ولا التأثير الذي يحدثه ذلك التقييم باختيار طريقة السرد المعتمدة وكما يعلم الكاتب المسرحي أن المسرحيات الأكثر دراماتيكية هي التي لا تكون دراماتيكية محضة بالمعنى الذي قدمت فيه بصورة كلية. وهذا ما أطلق عليه درايدن Dryden " بالسرد" . وينبغي الاهتمام به وأخذه بالحسبان ومحاولة تجنب الحقيقة المثيرة للجدل اذ هناك اجزاء من الحدث يجب تقديمها على خشبة المسرح أي انه ينبغي تمثيلها في حين ان هناك اجزاء اخرى يجب سردها . الا ان السؤال الذي يطرح نفسه هو من قبل من يتم سرده؟ وفي هذه الحالة على الكاتب المسرحي ان يقرر ذلك علما ان حالة الروائي هنا تختلف من جانب مهم جدا الا وهو ان الخيارات امام الروائي واسعة وعديدة في حين ان الكاتب المسرحي ليس لديه الا هامشا محدودا للمناورة. فاذا ما تمعّنا بالطرق السردية في الروايات يمكننا ان نجد التصنيف التقليدي الذي يقع في ثلاثة او اربعة انواع مختلفة وذلك حسب الشخص ودرجة معرفته الكلية. فاذا ما أخذنا اربعة نماذج من الرواة العظام في روايات عالمية مشهورة مثل سيرفانتس وترسترام شاندي وميدل مارج وستريتر سنجد صعوبة في ايجاد الاختلافات بينهم ولكنهم رغم ذلك حققوا نجاحاً باهراً بحيث يصعب علينا طرح السؤال الاتي : لماذا نجح هؤلاء واخفق الاخرون؟ هنا يجب ان نشير الى أن التمييز الاساسي يكمن في الشخص لنقول ان القصة تم سردها بأستعمال الشخص الاول المفرد "انا" او الشخص الثالث المفرد "هو" وسوف لن نكتشف في هذه الحالة الاهمية مالم نكن اكثر دقّة ونصف كيف ان السمات الخاصة بالرواة تحدث اثاراً وردود افعال خاصة . ومن الدقّة بمكان ان نذكر ان أستعمال الشخص الثالث الاول المفرد "انا" يميل الى المحدودية اذا لم يفلح في تقديم المعلومات المناسبة والضرورية وربما يقاد المؤلف الى اللا احتماليات. ويجدر بنا ان نشير الى ثمة أثار أخرى بأمكانها ان تملي الخيار اللازم في بعض الاحيان هذا من جهة ومن جهة اخرى يمكننا التوصل الى اكتشاف معاييرذات جدوى للتمييز يمكن ان تضع جميع الروايات في مجموعتين او ثلاث. وفي هذه المجموعة نجد هنري ايزمونذ ورحلات جوليفير Gulliver''s Travels"" وترستام شاندي وفي المجموعة الاخرى نجد توم جونز والسفراء The Ambassadors"" الا ان التعليق في رواية هنري فيدلينج Henry Fielding توم جونز Tom Jones تم استعمال الشخص الاول المفرد. ومهما كان السرد ثمّة دليل أخر يثبت ان لهذا التمييز اهمية اقل مما تم شرحه ويمكن ان نجد ذلك في الاختلافات الوظيفية التي نجدها في السرد باستعمال الشخص الاول المفرد او الشخص الثالث المفرد على حد سواء. وربما يعتمد الاثر السردي على حقيقة فيما اذا كان الراوي ممسرحا وانه تم عرضه كما لو أنه على خشبة المسرح , ويعتمد على حقيقة اخرى وهي مقدار ما يشاطره المؤلف في معتقداته وسماته. وكما هو معروف في اوساط النقد الادبي هنالك ما يعرف بالمؤلف الضمني اذ نجد حتى في الروايات التي لم يتم فيها ممسرحة الراوي انه يعمل على ايجاد صورة ضمنية لمؤلف وراء المشهد مهما كانت الوظيفة التي يؤديها وغالبا ما يكون المؤلف الضمني مختلفاً عن "الانسان الحقيقي" حيث انه يقوم عادة بعرض نسخة اعلى ومعدلة من " نفسه الثانية" مثلما يقوم بعرض عمله. فاذا كانت الرواية لاتشير بصورة مباشرة الى هذا المؤلف سوف لايكون هنالك اختلاف بينه وبين المؤلف الضمني والراوي غير الممسرح. وعلى سبيل المثال لانجد راوياً في رواية " القتلة" للكاتب الامريكي ارنست همنغواي ولكن في الوقت نفسه نجد " ذاتاً ثانيةً" اوجدها الكاتب عندما كتب روايته . اما بالنسبة للرواة غير الممسرحين فاننا هنا امام روايات لاشخصية مثل " القتلة" يتم تقديم معظم القصص من خلال وعي الراوي سواء أكان السرد في الشخص الاول المفرد أم في الشخص الثالث المفرد. وحتى في المسرح فان كل ما يتم تقديمه هو في الواقع تم سرده من قبل شخص ما ولكننا نهتم كثيراً بالأثر على فكر الراوي نفسه وقلبه كما لو اننا نتطلع الى المزيد الذي سوف يخبرنا به الروائي . فعندما تحدث هوراشيو مع الشبح لأول مرة في مسرحية هاملت Hamlet"" احدى مسرحيات شكسبير اصبحت الشخصية مهمة جداً بالنسبة لنا ونحن نصغي اليها.فعندما يستخدم الروائي الضمير "انا" في السرد نكون على بينة من اننا امام فكر خصب بالافكار والخبرات وستصبح هذه الخبرات بيننا وبين الحدث. وعند غياب " الانا" كما هو الحال في رواية " القتلة" سيعتقد القارئ قليل الخبرة خطأً ان الرواية وصلته بطريقة تخلو من أي وسيط. الا ان حدثاً كهذا سوف لن يحصل عندما يقوم المؤلف بوضع الراوي في القصة حتى ولم يتم منحه أي سمات شخصية مهما كانت. وفيما يخص الرواة الممسرحين حتى الكتوم والصامت منهم تمت ممسرحته في اللحظة التي يشير فيها الى نفسه بالضمير " الانا" او مثلما استعمل الروائي الفرنسي الشهير فلوبير Flaubert ضمير الشخص الاول الجمع "نحن" حيث ذكر في روايته المشهورة مدام بوفاري Madame Bovary" " نحن في الصف عندنا دخل جارلس بوفاري " الا أن ثمّة روايات معينه تعمل على ممسرحة رواتها بصورة تامة جداً بحيث يصبح كل واحد منهم شخصية واضحة كالشخصيات التي يخبروننا عنها ومثال ذلك" ترسترام شاندي" و"البحث عن الزمن المفقود" و"دكتور فاوسستس" اذ يعد الراوي في هذه الروايات مختلفاً تماماً وبصورة جذرية عن المؤلف الضمني الذي اوجده الروائي اصلاً . اذن نلاحظ ان انواع الناس الذين تمت ممسرحتهم هم على الاغلب اكبر بكثير من الشخصيات الخيالية ونقول هنا " على الاغلب" لأن هناك شخصيات غير مؤهلة لسرد القصة. وهنا نجد ان فوكنر استطاع استعمال الابله لجزء من روايته فقط وذلك لان الاجزاء الثلاثة الاخرى موجودة فعلا وتهدف الى توضيح ما يتعلق بالابله. ويجب ان لاننسى ان الكثير من الرواة الممسرحين يصعب تصنيفهم كرواة على الاطلاق وذلك لان كل كلام وكل حركة تصدرمنهم هي سرد ولذلك يتم سرد كل كلمة وكل حركة. وتتضمن معظم الاعمال رواة مخفييّن او متنكرين يلقى على عاتقهم مهمة أعلام الجمهور بكل مايرتأي تعلمه وغالباً ما يتكلم هذا النوع من الرواة بثقة مطلقة وعليهم مهمة ابلاغ رسالة تم تكليفهم بالقيام بها. اما النوع الاكثر اهمية من الرواة فهم الذين يعدون غير مقبولين لدى الجمهور ويستعمل هذا النمط من الروائيين في الروايات الحديثة اذ يتم استعمال الشخص الثالث المفرد لغرض سرد الاحداث . وهنا لابد من القول ان الروائي يعمد في هذه الحالة الى استعمال هذا النمط من الرواة لترشيح سرده وتصفيته , فهم كما يطلق عليهم جيمس جويس James Joyce تسميته " العاكسين" ففي هذة الحالة مثلهم كمثل المراّة العاكسة التي قد تكون صافية وتعكس الخبرة المعقّدة او ان تكون مشوّشة وغير صافية تشبه " عدسة الكاميرا" وعلى الرغم من ذلك فهم يؤدون دورهم على افضل الوجوه . وباختصار لايخلو هذا النمط من فجوة فاذا كان استعمال الشخص الثالث للسرد مفيداً لاضفاء المزيد من الوضوح والطبيعية الا انه بالمقابل يثقل كاهل القارئ. هنالك نمط اخر من الرواة وهو المراقب ويكون عادة محايداً لا يتدخل بأحداث الرواية وانما كل الذي يقوم به هو مراقبة الاحداث وعرضها دونما أي تعليق . ونجد هذا النمط في رواية " توم جونز" للكاتب البريطاني هنري فيلديج حيث استعمل الضمير " انا" الا ان دوره الايتعدى كونه مراقباً . وهناك ايضا الراوي المعلق الذي يحاول اثناء سرده ان يقدم تأثيراً معيناً لسرد الاحداث ومن الممكن قياس مثل هذا التأثير . فقد يكون محدوداً كما هو حال Nick في رواية " The Great Gatsby" او الدور الوسطي في الاخذ والعطاء كما هو حال Malraw في رواية ''The Heart of Darkness"" وان يكون الدور محورياً كما هو الحال في" Trastram Shandy" و "Moll Flanders ". ومن الاهمية بمكان ان نشير الى ان كل الرواة والمراقبين سواء كان السرد باستعمال الشخص الاول المتكلم ام الثالث المفرد يقدمون القصص على شكل مشاهدة مثلما هو الحال في رواية " القتلة" " The Killers" او ان تكون على شكل ملخّص كما هو الحال في الروايات التي تخلو من المشاهدات مثل اعمال ايدسون. ومن جانبه قدم ارسطو تمييزاً جلياًً بين الطرق الدراماتيكية والسردية بحيث يجعلنا نتكلم عن التمييز الحديث بين العرض المسرحي والسرد القصصي وهذا يغطي الوظائف المطلوبة. ويقدم الرواة مهما كان نمطهم المحاورات ويدعمونها بتوجيهات المسرح ووصف الفضاء الروائي وتوصيفه. ويختلف الرواة الذين يسمحون لأنفسهم العرض المسرحي او السرد بمقدار ما يقدمونه من تعليق مسموح به لتوجيه سرد الاحداث. ويمكن لمثل هذا التعليق ان يصف أي جانب من التجربة الانسانية ومن تقديم ذلك باية طريقة كانت واذا ما تم التعامل مع هذة المسالة بطريقة واحدة فقط فأن ذلك يعني تجاهل اختلافات مهمة بين التعليق الذي لايتجاوز كونه زخرفياً والتعليق الذي يتضمن غرضاً بلاغياً محدوداً ولكنه لايعد جزءاً من البناء الدراماتيكي وانما هو جزء متمم للبناء الدراماتيكي كما هو الحال في رواية" Trastram Shandy" . ومهما كان الدور الذي يقوم به الراوي وبغض النظر عن الصفة التي يتصف بها وباستعمال أي ضمير لسرد الاحداث يختلف الرواة بصورة ملموسة ومميزة عن درجة البعد بين الراوي والمؤلف من جهة والراوي والشخصيات الاخرى من جهة اخرى واخيراً البعد بين الراوي والقارئ. فان كل الاعمال تتضمن حواراً ضمنياً بين المؤلف والراوي والشخصيات الاخرى والقارئ ايضاً. ولكن من الممكن ان يتعارض الاطراف الاربعة فيما بينهم على الرغم من التطابق او التماثل او التقمّص او التشابه بينهم ولكن لابد من وجود بعد معين بين الاربعة. فالعناصر التي تتم مناقشتها ضمن اطار " البعد الجمالي" تدخل ضمن البعد الزمني والمكاني والاختلاف في الطبقة الاجتماعية والتقاليد الخاصة بالكلام والملابس . وتمنحنا هذة النقاط الشعور اننا نتعامل مع موضوع جمالي شريطة ان الايكون هناك ارباك مع التأثيرات المهمة للمعتقدات والسمات الشخصية للمؤلف والروائي والقارئ والشخصيات الاخرى. ويجدر بنا ان نذكر ان الراوي يتمتع ببعد معين عن المؤلف الضمني ويمكن ان يكون ذلك البعد اخلاقياً مثل الراوي في Jonathan Wild للكاتب البريطاني هنري فيدلج او ان يكون البعد فكرياً كما هو الحال بين توني وهك فين وريشاردسون وكلاريسا وسيترن وترسترام شاندي. او ان يكون البعد زمنياً او مادياً. وفي الحقيقة , يمتاز معظم المؤلفين ببعد حتى عن الراوي العارف وذلك لان المؤلفين يدركون جيداً ما سينتج عن الاحداث لاحقاً. ومن جهة اخرى يتمتع الراوي ببعد معين عن الشخصيات الاخرى في الرواية وقد يختلف معهم اخلاقياً وفكرياً وزمنياً ( نشير هنا الى الراوي الناضج ونفسه الفتية في رواية" الامال الكبيرة " "Great Expectations'' لشارلز ديكنز او ان يختلف اخلاقياً وعاطفياً كما هو الحال مع فاولر الراوي وبايل الامريكي في رواية ""The Quiet American" للكاتب Greene او ان يختلف اخلاقياً وعاطفياً كما هو الحال في قصتة" السوار" للكاتب الفرنسي موباسان. ثمة بعد اخر يوجد بين الراوي والقارئ ويتجسد هذا البعد بالمعايير الخاصة بالقارئ مثل " التحول" عند كافكا حيث يتجلى البعد بصورة مادية وعاطفية, او ان يكون البعد اخلاقياً وعاطفياً كما هو الحال عند البخيل في رواية "" le Noeud de Viperes للكاتب الفرنسي Maurice ومع رفض السرد المتسم بالمعرفة الكلية مقابل القيود الموجودة لدى الراوة الممسرحين جديري الثقة والمعتمد عليهم فانه من المدهش حقا ان يكتسب المؤلفين حديثي الخبرة مع الراوة غير جديري الثقة والذين تتغير سماتهم من خلال سير الاحداث وتقدم العمل الفني الذي يسردونه, ومنذ عصر شكسبير نلاحظ انه اخبر العالم الحديث بان الاغريق تفّحصوا بعمق مسألة اهمال الشخصية التي يطرأ عليها تغيير اثناء العمل الفني ( هنا يمكننا مقارنة ماكبث والملك لير مع اوديب) . علما ان الروايات التي تعكس تطوراً للشخصية او تدهوراً لها اصبحت مالوفة. ولم يدرك المؤلف الحديث هذه الظاهرة الى ان اكتشف استعمال الشخص الثالث المفرد العاكس بحيث انه قدّم الراوي الذي يتطور اثناء سرده للعمل . ففي رواية " الامال الكبيرة" لشارلز ديكنز نلاحظ بيب Pip وهو ناضج تم تقديمه كرجل كريم وطيب القلب لاحظ ان ذاته الشابة تبتعد عن القارئ كما كانت في السابق ثم يعود مرة اخرى . ومن الاهمية بمكان ان نذكر ان استعمال الشخص الثالث المفرد يروي في الزمن الماضي الا ان تأثيره يكون حاضراً امام اعيننا وانه ينطلق من القيم التي يتمسك بها القارئ نفسه. ومن الملاحظ ان الكتّاب في القرن العشرين اعتمدوا مثل هذة النقلات السريعة حيث يبدأ الراوي بعيداً وينتهي قريباً او ان يبدأ قريباً ويتحرك بعيداً ثم ينتهي قريباً او انه يبدأ بعيداً ثم يتحرك أبعد من ذلك وهكذا. اما البعد الرابع الذي يمكننا تفحّصه فهو البعد الموجود بين المؤلف الضمني والقارئ . ويمكن ان يكون هذا البعد فكرياً ونشير هنا الى المؤلف الضمني في Trastram Shandy على ان الايتم تشخيصه مع Trastram الذي هو على بينة من الكثير من المعرفة التقليدية اكثر من قرائه ومن وجهة نظر المؤلف فان القراءة الناجحة تكمن في الغاء وتجاوز أي بعد بين المعايير الاساسية لمؤلفه الضمني ومعايير القارئ المفترضة ويمكن تمييز العمل الردئ من خلال طلب المؤلف الضمني بان يصدر حكمه وفق معايير يرفضها اصلا. وفيما يخص البعد الخامس فانه يكمن بين المؤلف المفترض والشخصيات الاخرى ويمكن ان يتخذ هذا البعد صيغاً مختلفة يتعمد بعض الكتّاب الناجحين الى ان يجعلوا شخصياتها بعيدة في كل المجالات ويتعمد البعض الاخر الى جعلهم بعيدين عنهم على سبيل المثال تقدم جين اوستين مجالاً واسعاً من الحكم الاخلاقي والاستحسان التام لجين فيرفاكس وفي" Emma" الى الازدراء من لويكهام في "Pride and Prejdice" . ولقد بات متضحا ان كل هذة الابعاد لم تعط الاحتمالات والامكانيات المطلوبة اذ هناك التدخل والتعاطف والتقمّص وتكون هذة المواقف متاتية من ردود افعال عديدة تجاه المؤلف والراوي والمراقب والشخصيات الاخرى. وربما يعد البعد بين الراوي والمؤلف غير الموثوق والمؤلف الضمني هو اهم الانواع وذلك لان المؤلف الضمني يقوم بنقل القارئ معه ليحكم على الراوي. وهنا نشير الى الى ان الاثر الادبي الحقيقي يكمن في حقيقة ان السمات الاخلاقية والفكرية للراوي مهمة لحكمنا اكثر من الطريقة التي تم فيها سرد الرواية سواء باستعمال الشخص الاول المفرد ام الشخص الثالث المفرد. واخيرا وليس اخرا يعد السرد القصصي فنا قائما بذاته وليس علما وهذا لايعني انه تم الحكم علينا بالاخفاق عندما نحاول صياغة مبادئ عامة لذلك علما ان هناك عناصر منظمة في كل عمل فني وليس بمقدور النقد الادبي ان يتجنب مسؤولية محاولة توضيح النجاحات والاخفاقات الفنية بالاشارة الى المبادئ العامة ولكن من حقنا ان نسأل اين توجد هذه المبادئ العامة. وليس من المدهش حقا ان نسمع شكاوى من الراوئين تنص على انهم لم يتلقوا أي دعم من لدن النقاد وخاصة وجهات نظرهم.وعند التعامل مع وجهة النظر هذة لابد للروائي من ان يتعامل مع العمل المنفرد حيث يروي شخصية معينة قصة معينة او على الاقل جزءا منها بدرجة عالية من الوثوق والحرية بحيث يستطيع ان يوجد تعليقا معينا.فعندما يقرر الراوئي اختيار نمط معين من الرواة سوف لايكون حينئذ بمنائ عن المشكلات ان لم تكن مشكلاته قد بدأت فعلا مع اتخاذ قراره وبكل بساطة لايستطيع ان يجد حلولا سريعة وناجعة وفورية لبعض المشكلات ولربما اختصر هنري جيمس Henry James الطريق الشائك عندما قال بأن على الروائي ان يكتشف اساليبه السردية عندما يحاول ان ينجز لقرائه كوامن فكرته المتطورة. اذ أن معظم اختياراته هي في الواقع اختيارات تقوم على اساس النوع فاذا ما قرّر الروائي ان يختار راوي ذي معرفة كلية عندئذ يكون قراره لاشئ والسؤال الصعب الذي يطرح نفسه كيف سيكون غير واعي او لايعي شيئا؟ مرة اخرى نقول اذا ما وقع اختيار المؤلف على ان يكون السرد باستعمال الشخص الاول المفرد في هذة الحالة سوف لايحل الا جانباً واحداً من المشكلة وربما يكون الجانب الاكثر سهولة. ولكن ماهو نوع الشخص الاول؟ وكيف يمكن ان نصفه؟ والى اي حد هو على بيّنة من نفسه كراوي؟ وكيف يكون جديرا بالثقة؟ والى أي حد يمكن ان يعبر عن الواقعية الصحيحة, وفي أي مواضع يستطيع ان يتفوّه بالحقيقة وفي اية مواضع لايستطيع التفوه بها؟ او التفوّه بغيرها؟ يمكن الاجابة عن هذة الاسئلة بالاشارة الى كوامن العمل الفني الخاص ومتطلباته وليس بالاشارة الى الرواية , لاجرم أن هنالك انواع من التاثير الذي بأمكان المؤلف الاشارة اليها. فعلى على سبيل المثال اذا ما اراد ان يجعل المشهد مسلياً وواضحاً وموثراً او غامضاً او اذا ما اراد ان يجعل الشخصية مقنعة ومتجانسة وودية فانه ينبغي الاشارة الى مثل هذة التطبيقات . فالمؤلف شديد الحساسية والذي يقرأ الروايات العظيمة يكتشف فيها معيناً لاينضب من الشواهد الدقيقة حول كيفية الارتقاء بالتاثير وذلك بوساطة الاختيار السردي المناسب. وعندما يعالج موضوع انواع السرد القصصي يترتب على الناقد ان يعرج الى الوراء قليلاً ويشير الى التطبيق المتنوع الذي باستطاعته ان يصحح اغراءاته الخاصة بالمغالات بالتعميم. وفي الوقت الحاضر وبدلا من القواعد المجردة حول الملءمة والموضوعية باستعمال وجهة النظر يحتاج الى مزيد من المثابرة والجهود المضنية للبحث عن افضل الوسائل التي بواسطتها يمكن ان تروى القصة.
شدني المقال كثيرا...فقرأته مرات عدة...فلطالما استهواني الأدب العالمي....
ولكن حبذا لو توسعنا اكثر وتجاوزنا أنواع السرد القصصصي...الى عالم الأدب المقارن...
وهو علم بحد ذاته : لنتحدث عن شروط السردد القصصي العالمي ونسلط الضوء
على الأدب العربي...بأمثلة صارخة...توضح الأفكار...!!
ابتداء من الجاحظ....مرورا بغسان كنفاني....ووصولا الى العقاد...!!
كيف تعاملت هذه الاقلام مع شخصيات قصصها...وكيف رسمتها...؟؟
وأين تصنف عالميا...من حيث السرد القصصي...!!!
شكسبير ....
أي الأسماء في أدبنا العربي تقترب من فلسفته... مجرد أفكار أضعها للطرح....
في الأدب المقارن ...!!! أظنها ستثري الموضوع المطروح ...الثري أصلا بأفكاره...!! أو تكون
بداية لطرح موضوع جديد ...يكشف لنا أسرار العالمية في أدبنا العربي...!! فيستحق الموضوع
بهذا التثبيت بجدارة في منتدى القصص والروايات..!!