عن الوحشة ..... هذه السيدة الغريبة، المتعبة الحزينة....أكتب ...... أنا المسافر ألى زمن أعرف لونه، وطعمه وأعرف
حتى رائحته...الى مدينة لم تطأها العيون.... تصيح بي السماء..الهواء... كل الذكريات تصيح الى أين؟ تمضي
وحدك أيها الغريب ...النهار والليل يمضيان معا الى أخر الدنيا...الى نهايات الخطوط الحديدية...يمضي قطار العمر...دون أشارة حمراء او علامة توقف...ليس من أحد يسمعك الليلة، وليس من وجه ينقذك من هذه الغربة....
وما عليك ألا أن تمد يديك الى حفنة من ذكريات لا تعطي سوى الراحة لنفسك المنهكة المسجونه...في قطار لا
يعرف من انت، ولماذا تسافر مقهورا عليه؟
سيدتي...ليس من أحدأخر عندي...
قد تأتي الأن سحابات تمطر حبا" وتمطر ضحكا" ،لكن الطريق الى حبك يظهر ثانية بعد أخرى....
قلت أين أنت..ولماذا عشت معي؟ من الجنوب الى الشمال ومن الشمال الى (حبيبتي) الحقول كلها والانهار
لا ألمس منها شيئا...يكفيني أنت لي..كوني معي أينما أكون...فارغة كل الاجساد الا أنت...حلم يقهرني ان تفكري بعيدا" وانت معي على طاولة واحدة....ومثل النيازك التي تقلع النخيل أذا ماوقعت على جذوره
...هجست شيئا" يقلعني من هدوئي ويحجزني عن رغباتي.......
من أه تجرح روحي الى أه تجرح قلبي....سيدتي مازالت....سنوات العمر تمشي والشهور وأنا مركون في زاوية من أخطائي وهموم لا يعرفها الى الله.....هل يكفي زمني وزمان الدنيا حتى اشبع من عينيك...هل
يكفي ايتها القديسة كل زمان الكرة الارضية حتى أقول بنفسي يكفي.؟
كنت أبحث عن طفل ضاع مني.....وعمر ضاع من يدي.... وأحلام صار حتى صداها يشبه أحزاني....
أنا هذا الطفل التائه في شوارع بغداد ....لا أحد يعطيني عمري ولا أحد يسأل عني....مجرد بقايا انسان
وذكريات تمشي وترى وتسأل.....ثم تبكي بلا سبب...ترى من أعطاني هذا الحلم المتألق ، حتى يسحبني
صوب الماضي، من جاء بهذه السيدة من أخر البحار ومن رمال الذاكرة ...وصار يرسمها قبالة عيني....
كيف أصدق نفسي وأنا أصغي لصوتها النبيل ؟ الذي قال لي عشرات المرات
أهلا ......كيف الحال ؟
ومدت يدها ...وكم كانت هادئة ..وكم اصبحت وأنا أمسك يدها؟ هادئا" مثلها......وليس من محور تدور حوله غير هذا البهاء العجيب ...الذي توزع من امرأة واحدة وصار يكفي نصف حدائق الدنيا......
شعرت اني مثل سيكارة ميتة لا اعرف من يد خنني ولست أدري من أطفأني...ولم أسأل من ضيعني
في هذا الزمن البارد؟ وحينما نظرت الى الوراء كنت أريد أن أرى من رماني الى ذلك الحلم السحري
الذي كان وما زال أكبر من زماني ................
عذرا فلم يبقى في النفس الا الماضي وحفنة ذكريات.......
بقلم رعد الحلمي