س/ كيـف يـصل
ثواب قـراءة القران او الصدقـة للميـت ؟
قال ابن القيم في كتابه الروح ص 226
" وأما
قراءة القرآن وإهداؤها له (للميت) تطوعا بغير أجرة فهذا يصل إليه كما يصل
ثواب الصوم والحج .
فإن قيل : فهذا لم يكن معروفا في السلف ، ولا يمكن نقله عن واحد منهم مع شدة حرصهم على الخير ولا
أرشدهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم إليه ، وقد أرشدهم إلى الدعاء والاستغفار والصدقة والحج
والصيام . فلو كان
ثواب القراءة يصل لأرشدهم إليه ولكانوا يفعلونه .
فالجواب : إن مورد هذا السؤال إن كان معترفا بوصول
ثواب الحج والصيام والدعاء والاستغفار ، قيل له ما
هذه الخاصية التي منعت وصول
ثواب القرآن واقتضت وصول هذه الأعمال ؟ وهل هذا إلا التفريق بين
المتماثلات . وإن لم يعترف بوصول تلك الأشياء إلى الميت فهو محجوج بالكتاب والسنة والإجماع وقواعد
الشرع .
ثم يقال لهذا القائل : لو كلفت أن تنقل عن واحد من السلف أنه قال : اللهم اجعل
ثواب هذا الصوم لفلان
لعجزت ، فإن القوم كانوا أحرص شيء على كتمان أعمال البر فلم يكونوا ليشهدوا على الله بإيصال ثوابها
إلى أمواتهم (فإن قيل) فرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أرشدهم إلى الصوم والصدقة والحج دون
القراءة (قيل) هو صلى الله عليه وآله وسلم لم يبتدئهم بذلك بل خرج ذلك منه مخرج الجواب لهم . فهذا
سأله عن الحج عن ميته فأذن له ، وهذا سأله عن الصيام عنه فأذن له ، وهذا سأله عن الصدقة فأذن له .
ولم يمنعهم مما سوى ذلك
وأي فرق بين وصول
ثواب الصوم الذي هو مجرد نية وإمساك ، وبين وصول
ثواب القراءة والذكر ؟.
والقائل : إن أحدا من السلف لم يفعل ذلك قائل ما لم علم له به ، وما يدريه أن السلف كانوا يفعلون ذلك
ولا يشهدون من حضرهم عليه ؟ بل يكفي اطلاع علام الغيوب على نياتهم ومقاصدهم ، لا سيما والتلفظ
بنية الإهداء لا يشترط كما تقدم .
وسر المسألة أن الثواب ملك للعامل ، فإذا تبرع به وأهداه لأخيه المسلم أوصله الله إليه ، فما الذي خص
من هذا
ثواب قراءة القرآن وحجر على العبد أن يوصله إلى أخيه ؟ وهذا عمل الناس حتى المنكرين في
سائر الأعصار والأمصار من غير نكير من العلماء . انتهى كلام ابن القيم .
ويستأنس لذلك بما ذكره الحافظ ابن كثير في كتابه البداية والنهاية في وفاة الشيخ ابن تيمية الحراني
الحنبلي رحمه الله 135-140 الجزء الرابع عشر ، قال ما نصه :
( قال البرزالي : وفي ليلة الإثنين العشرين من ذي القعدة توفي الإمام العالم أبو العباس أحمد شيخنا
العلامة -إلى أن قال- بقلعة دمشق بالقاعة التي كان محبوسا بها وحضر جمع كثير إلى القلعة وأذن لهم
في الدخول عليه وجلس جماعة عنده قبل الغسل وقرؤوا
القرآن وتبركوا برؤيته وتقبيله –إلى أن قال-
وحصل في الجنازة ضجيج وبكاء كثير وتضرع وختمت له ختمات كثيرة بالصالحية وبالبلد ، وتردد الناس إلى
قبره أياما كثيرة ليلا ونهارا ويبيتون عنده ويصبحون ورؤيت له منامات صالحة كثيرة ورثاه جماعة بقصائد
جمة ) انتهى إيراد المقصود من البداية والنهاية .
واللـه أعـلم ..