(271 ) مدار الأفكار خدّام اللئام
يقول الشاعر العربي
تنزه عـن مجالسـة اللئـام=وألمم بالكـرام بنـي الكـرام
وَلاَ تَكُ وَاثِقا بالدَّهْرِ يَوْما=فإن الدهر منحـلّ النظـام
إن اللؤم صفة ذميمة,وخصلة سوء تنبذها العقول الفهيمة والفُطر السليمة,فهي مكروهة في الإسلام,وممقوتة
بين أسوياء الأنام,ويعرّف اللؤم في اللغة بأنه شحّ النّفس ودناءة الأصل,وهو مأخوذ من مادّة (ل أ م) الّتي تدلّ
على ذلك,وفي لسان العرب ذكر ابن منظور بأن اللؤم ضد العِتْقِ والكَرَمِ,وقيل أنه ضد النزاهة والشرف
والفضل,فاللئيم هو الدَّنيءُ الأَصلِ الشحيحُ النفس,سيء الخلق المهين,ويقال لؤم الرّجل,يلؤم لؤما,فهو لئيم من
قوم لئام ولؤماء,وقيل أن اللئيم هو الذي يريد كل شيء ولا يعطى شيئا,وباللؤم لا يتصف المؤمن مصداقا لقول
النبي صلى الله عليه وسلم: (المؤمن غر كريم والفاجر خب لئيم) ,وفي حديث النهي عن النذر قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: ( إن النذر لا يغني من القدر شيئا,وإنما يستخرج به من البخيل ),وفي رواية( من اللئيم)
,وقال ذو النون عليه السلام: (التسلط على الضعيف لؤم,والتوثب على القوي شؤم,ومن أفشى السر عند الغضب
فهو لئيم) ,ويقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (ما وجدت لئيما قط إلا وجدته رقيق المروءة) ,ويقول
الإمام محمد الباقر رحمه الله : (سلاح اللئام قبح الكلام,وشر الناس من أدرع اللؤم ونصر الظلوم) ,ويقول شيخ
الإسلام بن تيمية رحمه الله : (إنّ اللئيم يبدي الحسد والكريم يُخفيه ) ,وفي عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين
قال الإمام ابن القيم رحمه الله : (والكريم لا يقابل بالإساءة من أحسن إليه,وإنما يفعل هذا لئام الناس ) ,وفي
حلية الأولياء وطبقات الأصفياء جاء عن سفيان الثوري رحمه الله قوله: (وجدنا أصل كل عداوة اصطناع
المعروف إلى اللئام) ,وذكر في أدب الكاتب لابن قتيبة: (يُقال كل لئيم بخيل,وليس كل بخيل لئيم) ,وجاء في
روضة العقلاء ونزهة الفضلاء لابن حبان البستي: (لزوم الكريم على هوان,خيرٌ من صحبة اللئيم على
الإحسان ) ,ويقول الإمام الشافعي: (من استرضي فلم يرضَ فهو لئيم) ,ويقول الإمام محمد بن سيرين :
(الحسد من أخلاق اللئام وتركه من أفعال الكرام ) ,ويقول أكتم بن الصيفي: (لا يفرح بنكبة إنسان إلا مَن لؤُمَ
أصله),ويقول أبو سعيد الأصمعي: (عدة الكريم نقد وتعجيل,وعدة اللئيم مُطلٌ وتسويف) ,وقيل لكسرى:ما اللؤم
؟قال:الاستقصاء على الضعيف والتجاوز عن الشديد ) ,ويقول إبراهيم بن شكلة : (إن لكل شيء حياة وموتا,
وإن مما يحيي الكرم مواصلة الكرماء, ومما يحيي اللؤم معاشرة اللئام) ,وقد صنف أبو موسى المديني كتاباً
أسماه : ( تضييع العمر في اصطناع المعروف إلى اللئام ) ,وقال محمود الوراق: (اللئيم لا يوفق للعفو من
ضيق صدره) ,وقال شعرا : (إن الكريم إذا تمكن من أذى *جاءته أخلاق الكرام فأقلعا,وترى اللئيم إذا تمكن
من أذى* يطغى فلا يبقي لصلح موضعا) ,ويقول أبو الطيب المتنبي: (إذا أنت أكرمتَ الكريمَ ملكتهُ.وإنْ أنتَ
أكرمتَ اللئيمَ تمردا ) ,ويقول السموأل : (إِذا المَرءُ لَم يُدنَس مِنَ اللُؤمِ عِرضُهُ *فَكُلُّ رِداءٍ يَرتَديهِ جَميلُ,وَإِن هُوَ
لَم يَحمِل عَلى النَفسِ ضَيمَها*فَلَيسَ إِلى حُسنِ الثَناءِ سَبيلُ) ,وقال غيره: (لا يحفظ السر إلا كل ذي كرمٍ.والسر
عند لئام الناس مبذول) ,وقال شاعر آخر: ( إنّ الوفاء على الكريم فريضة.واللؤم مقرون بذي الإخلافِ )
,وقال غيرهم: (متى تضع الكرامة في لئيمٍ.فإنك قد أسأت إلى الكرامة) ,ويقول معروف الرصافي : (اللؤم داءٌ
في النفوس عياء* لم يَشفِ منه سوى الحمامِ دَواءُ) ,ويقول ابن زنجي البغدادي: (رأيت الحق يعرفه الكريم.
لصاحبه وينكره اللئيم,إذا كان الفتى حسناً كريماً.فكل فعاله حسن كريم,إذا ألفيته سمجاً لئيما. فكل فعاله سمج
لئيم) ,ويقول الكريزي: (وما بال قوم لئام ليس عندهُم.عهد وليس لهم دين إذا ائتمنوا,إن يسمعوا ريبة طاروا
بها فرحاً.مِنا وما سمعوا من صالح دفنوا,صُمٌّ إذا سمعوا خيراً ذُكرتُ به.وإن ذُكرتُ بسوء عندهم أذنوا) ,وفي
الأمثال تقول العرب: (استوحش من جوع الكريم,ومن شبع اللئيم) ,و: (أذل الناس معتذر إلى لئيم) ,و(أمرُّ
الأشياء حاجة الكريم إلى اللئيم)و: (نكران الجميل من شيم اللئام) ,وقيل لأحد الحكماء: ما الجرح الّذي لا يندمل
,قال: حاجة الكريم إلى اللّئيم,ثمّ يردّه بغير قضائها,فاللؤم كلمة جامعة لمساوئ الأخلاق والخصال,ومذموم
الصنيع والفعال,ويتصف أربابها بالغدر وإفشاء الأسرار,وعدم التسامح وقبول الأعذار,والشماتة بالناس وتتبع
العيوب,وزرع الفتن وإشعال الحروب,وبذاءة اللسان والحسد,وجحود المعروف وخُلف الوعد,والتسلط على
الضعفاء والتعاون مع الأعداء,واللئيم مذموم في كل زمان ومكان,وهو مصاب بداء الدونية,ومسكون بالهموم
الدنيوية,أما(أصنام الإعلام) التي تنتسب للإسلام وتنبطح تحت أرجل دعاة الظلم والظلام,وتجند بهدف غرس
الفتن والخصام,وإلحاق الضرر في بلاد الإسلام,وزعزعة الأمن والسلام,فهي محاريث للنار والدمار وغربان
للشؤم واللؤم ومنها وفيها ألأم اللئام وأسوأ الأنام
يـــا تـابــع ٍ فـــي منـهـجـك لـلـئـامـي=لا تدعـي بيـن الــورى ديــن الإســلام
مـالــك بـعــز الــديــن قــــدر ومـقـامــي=يــا ســـادر ٍ بـالـغـي تنـبـيـك الأيـــام
تـعــوم فـــي بـحــر الـفـتـن والـظـلامـي=و تطرد سراب ٍ في متاهات وأوهام
يا ضايع ٍ ما بين حـام ٍ وسامـي=مــا ينفـعـك تطـبـيـل شـــرواك الأقـــزام
يــا جـاهــل ٍ دورات دنـيــا الأنـامــي=لا تـنـخـدع وأيـامـهــا مــثــل الأحــــلام
الأثنيــــــن, 20 – فبراير – 2012 [email protected] |