الخنساء ( ؟ / 24هـ - ؟ /644م). تماضر بنت عمرو بن الحارث بن الشريد بن رياح، من بني سليم، من قيس عيلان، من مضر، وهي صحابية ومن أشهر الشاعرات العربيات المخضرمات.
أمضت شطراً من عمرها في الجاهلية، ثم أدركت الإسلام فأسلمت وحسن إسلامها. وفدت مع قومها بني سليم على رسول الله . وكان رسول الله يستنشدها ويعجبه شعرها فيستحسنه بقوله: هيه يا خنساء !
وقد أجمع علماء الشعر على أنه لم تكن قط امرأة قبلها ولا بعدها أشعر منها. وكان النابغة الذبياني يجلس لشعراء العرب بعكاظ ينشدونه، فيفضل من يرى تفضيله ، فأنشدته في بعض المواسم فأُعجب بشعرها، وقال لها: " والله لولا أن هذا الأعمى أنشدني قبلك يعني الأعشى، لفضَّلْتُك على شعراء الموسم " . وقد أبدى بشار بن برد إعجابه البالغ بشعرها . كما جعلها ابن سلام الجمحي ضمن فحول الشعراء في كتابه طبقات فحول الشعراء ، وذكرها في طبقة أصحاب المراثي . ويقول المبرد : " كانت الخنساء وليلى الأخيلية في أشعارهما متقدمتين لأكثر الفحول ".
ومع أن الخنساء قالت الشعر في موضوع الرثاء وغيره ، إلا أن أكثر شعرها الذي حمله الرواة القدماء يدور حول الرثاء، خصوصًا رثاءها لأخويها صخر ومعاوية، وكانا قد قُتلا في الجاهلية. واشتهرت مراثيها لأخيها صخر شهرة كبيرة حتى غدت أشهر ماقيل في الرثاء من تراث الشعر العربي. ومن شعرها في رثاء صخر:
أعينيَّ جودا ولاتجمُدا ألا تبكيان لصخر النَّدى
ألا تبكيان الجريء الجميل ألا تبكيان الفتى السيِّدا
وتقول أيضًا :
يذكرني طلوع الشمس صخرًا وأندبه لكل غروب شمس
ولولا كثرة الباكين حولي على إخوانهم لقتلتُ نفسي
وما يبكون مثل أخي ولكن أعزي النفس عنه بالتأسِّي
وتقول أيضًا:
تذكرت صخرًا إذ تغنَّت حمامة هتوف على غصن من الأيك تسجعُ
فظلْت لها أبكي بدمع حزينة وقلبي مما ذكرّتْنى موجَّعُ
تذكرني صخرًا وقد حال دونه صفيح وأحجارٌ وبيداء بلقعُ
أرى الدهر يرمي ماتطيش سهامه وليس لمن قد غاله الدهر مرجع
فإن كان صخر الجود أصبح ثاويا فقد كان في الدنيا يضر وينفع
وكان لها أربعة بنين شهدوا حرب القادسية (سنة 16هـ). ويروى أنها حضرت القادسية مع بنيها فجعلت تحرضهم على الثبات. وقد قُتلوا في هذه المعركة فقالت حين بلغها خبر استشهادهم: الحمد لله الذي شرفني بقتلهم وأرجو من ربي أن يجمعني بهم في مستقر رحمته. ولم يذكر ناقلو أخبارها أنها رثت أولادها. وقد بلغت الخنساء سنّاً عالية، ولم يتّفق المترجمون على سنة وفاتها. ولها ديوان شعر مطبوع.