( 84 ) مدار الأفكار
ظنون البدون
يقول الشاعر العربي:
فإن يعبروا قومي وأقعد فيكم= وأجعل مني الظن غيبا مرجّما
لحى الله صعلوكا مناهُ وهمّه ُ = من العيش أن يلقى لبوسا ومطعما
يعد الظن من درجات العلم التي تقع فوق الشك، ودون اليقين، فهو اعتقاد وقوع الشيء اعتقادا راجحا وقيل
إنه العلم المستند إلى دليل راجح، مع احتمال الخطأ احتمالا ضعيفا، وقد عرّفه الجرجاني بأنه: «الاعتقاد
الراجح مع احتمال النقيض»، وعرّفه الراغب بأنه: «اسم لما يحصل عن أمارة، ومتى قويت أدت إلى العلم،
ومتى ضعفت جدا لم يتجاوز حد التوهم»، وقال ابن عاشور بأنه: «علم لم يتحقق؛ إما لأن المعلوم به لم يقع
بعد، ولم يخرج إلى عالم الحس؛ وإما لأن علم صاحبه مخلوط بشك»، ولا تعارض بين هذه التعريفات، بل
هي عند التحقيق والتدقيق متفقة على أن «الظن» غير اليقين وغير الشك، وفي معاجم العربية يعرف «الظن»
بأنه: «العلم بالشيء على غير وجه اليقين، وقد يأتي بمعنى اليقين، ويستدلون لذلك بالقرآن وبالشعر، وجمع
الظن الذي هو الاسم ظنون، وقد وردت مادة «ظن» في القرآن الكريم في نحو ستين موضعا، نصفها ورد
كـ «اسم»، ونصفها الآخر ورد كـ «فعل»، وقد ورد لفظ «الظن» في القرآن الكريم على عدة معان: منها
اليقين، وجاء في قوله تعالى: {الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاَقُوا رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ}، (البقرة:46)، قال أبو
حيان: «معناه: يوقنون، لأن من وصف بالخشوع لا يشك أنه ملاق ربه، وقوله تعالى: «وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ نُعجِزَ
اللَّهَ فِي الْأَرْضِ» (الجن:12)، قال القرطبي: «الظن هنا بمعنى العلم واليقين». ووفق هذا المعنى يُفهم قوله
تعالى: «إني ظننت أني ملاق حسابيه) (الحاقة:20)؛ وقوله سبحانه: (وظن أنه الفراق) (القيامة:28)، ويأتي
الظن بمعنى الشك، كقوله عز وجل: (وإن هم إلا يظنون) (البقرة:78)، و بمعنى التهمة، ومنه قوله تعالى:
(الظانين بالله ظن السوء) (الفتح:6)، قال ابن كثير: «أي: يتهمون الله في حكمه»، ويرد الظن كذلك بمعنى
الوهم والتوهم، ومنه قوله سبحانه: (إن نظن إلا ظنا) (الجاثية: 32)، قال ابن كثير: «أي: إن نتوهم وقوعها
إلا توهما، أي: مرجوحا». وقال الخازن: « أي ما نعلم ذلك إلا حدسا وتوهما»، ويرد بمعنى الحسبان كقوله
تعالى: (وأنا ظننا أن لن تقول الإنس والجن على الله كذبا) (الجن:5)، قال الطبري: «قالوا: وأنا حسبنا أن لن
تقول بنو آدم والجن على الله كذبا من القول «،ويرد بمعنى الاعتقاد الخاطئ، كما في قوله تعالى: (فما ظنكم
برب العالمين) (الصافات:87)، قال ابن عاشور: "أريد بالظن: الاعتقاد الخطأ "، ومن هذا القبيل قوله سبحانه:
(إن بعض الظن إثم) (الحجرات:12)، وقوله تعالى: (إن يتبعون إلا الظن وإن هم إلا يخرصون) (الأنعام:
116)، وقوله عز وجل: (إن الظن لا يغني من الحق شيئا) (يونس:36). وقد ذكر ابن عاشور أن «الظن كثر
إطلاقه في القرآن والسنة على العلم المخطئ، أو الجهل المركب، والتخيلات الباطلة»، و يقول الضحاك: كل
ظن في القرآن من المؤمن فهو يقين، ومن الكافر فهو شك، ويقول الزركشي: (أن (الظن) حيث وُجد محمودا
مثابا عليه فهو (اليقين)، وحيث وُجد مذموما متوعدا عليه بالعذاب فهو (الشك)، ولأن العرب تطلق الظن
بمعنى اليقين فإن ظن فئة غير محددي الجنسية (البدون) بالانتماء إلى الكويت وحبها والوفاء لها والتفاني في
سبيلها جاء راسخا بهذا المعنى، وكما يقول الشيخ نبيل العوضي: (إن هذه الفئة لا تعرف غير الكويت وطنا،
ولا تعلم غير الكويتيين أهلا، وقد عاشت منذ الصغر تظن أنها كويتية خالصة)، ويقول عادل بهبهاني: (إن
الكثير من هذه الفئة فعلا لا يملك جنسية ولا أوراقا ثبوتية من بلد آخر، بل هو ابن الكويت منذ ولادته وربما
ولادة أبيه قبل إحصاء 1965م)، وإنصاف هذه الفئة يتحقق وفقا للمبادئ الإسلامية السامية، وانطلاقا من
الروح الرحيمة التي تسري- كما يقول الدكتور جلال آل رشيد في عروق دستورنا الرائع الذي يتضمن مبادئ
الإسلام الرفيعة، ومبادئ الحق والعدالة والمساواة والتراحم والتواصل والتكافل المجتمعي بأبهى صورة.
(بدون) ما هو لوضع الإحساس مقياس=معنى دخيل ٍ فـي جميـع القواميـس
روح التفاني والوفاء طبع وإحسـاس= ماهي صنيعـة و إقتـران بقراطيـس
ما يزرع الإخلاص بالـروح قرطـاس= مشاعر ٍ من فيـض روح الأحاسيـس
حب الوطن والانتماء حـس ّ بالنـاس= ولا للولاء تحديـد جنـس ٍ وتجنيـس
بعض البدون لقمـة المجـد نبـراس= وأرواحهم للـدار صـارت متاريـس