( 81 ) مدار الأفكـــار
حصاد الإتحاد
يقول الدكتور غازي القصيبي :
خليجُ يا موجـةً بيضـاءَ تنقلهـا=أصابعُ الشوقِ من قلبي إلى بصري
أعيذُ وجهَـك أن تغـزو ملامحَـه=رغمَ العواصفِ إلا بسمـةُ الظفـرِ
إن مجلس التعاون لدول الخليج العربية منظمة سياسية اقتصادية اجتماعية وفق المبادئ والأهداف
التي حددها نظامه الأساسي، فهو يمثل تنظيما تعاونيا إقليميا بين دول الخليج العربية في مواجهة
التحديات التي فرضتها الظروف، ويواكب مسيرة العصر حيث تتجه دول العالم نحو الاتحاد في ما
بينها، ولا مجال للكيانات الصغيرة.
وقبل يومين مرت بنا الذكرى الثامنة والعشرون لقيام مجلس التعاون لدول الخليج العربية، ففي 25
مايو 1981م توصل أصحاب الجلالة والسمو قادة كل من المملكة العربية السعودية ومملكة
البحرين ودولة الإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان ودولة قطر ودولة الكويت في اجتماع عقد
بمدينة أبوظبي إلى صيغة تعاونية تضم الدول الست وتهدف إلى تحقيق التنسيق والتكامل والترابط
بين دولهم في جميع الميادين، وصولا إلى وحدتها وفق ما نص عليه النظام الأساسي للمجلس في
مادته الرابعة، التي أكدت أيضا تعميق وتوثيق الروابط والصلات وأوجه التعاون بين مواطني دول
المجلس. وجاءت المنطلقات واضحة في ديباجة النظام الأساسي التي شددت على ما يربط بين الدول
الست من علاقات خاصة، وسمات مشتركة، وأنظمة متشابهة أساسها العقيدة الإسلامية، وإيمان
بالمصير المشترك ووحدة الهدف، وان التعاون في ما بينها إنما يخدم الأهداف السامية للأمة
العربية، ولم يكن قرار قيام مجلس التعاون وليد اللحظة أو المصادفة، بل كان تجسيدا مؤسسيا
لواقع تاريخي واجتماعي وثقافي، حيث تتميز دول مجلس التعاون بعمق الروابط الدينية والثقافية،
والتمازج الأسري بين مواطنيها، وهي في مجملها عوامل تقارب وتوحد، عززتها الرقعة الجغرافية
المنبسطة عبر البيئة الصحراوية الساحلية التي تحتضن سكان هذه المنطقة ويسرت الاتصال
والتواصل بينهم، وخلقت ترابطا بين سكان هذه المنطقة وتجانسا في الهوية والقيم، وإذا كان
المجلس لهذه الاعتبارات استمرارا وتطويرا وتنظيما لتفاعلات قديمة وقائمة، فإنه من زاوية
أخرى يمثل ردا عمليا على تحديات الأمن والتنمية، كما يمثل استجابة لتطلعات أبناء المنطقة في
العقود الأخيرة لنوع من الوحدة العربية الإقليمية، بعد أن تعذر تحقيقها على المستوى العربي
الشامل. وقد حدد النظام الأساسي لمجلس التعاون أهداف المجلس في تحقيق التنسيق والتكامل
والترابط بين الدول الأعضاء في جميع الميادين، وصولا إلى وحدتها وتوثيق الروابط بين شعوبها،
ووضع أنظمة متماثلة في مختلف الميادين الاقتصادية والمالية والتجارية والجمارك والمواصلات،
وفي الشؤون التعليمية والثقافية والاجتماعية والصحية والإعلامية والسياحية والتشريعية
والإدارية ودفع عجلة التقدم العلمي والتقني في مجالات الصناعة والتعدين والزراعة والثروات
المائية والحيوانية، وإنشاء مراكز بحوث علمية وإقامة مشاريع مشتركة، وتشجيع تعاون القطاع
الخاص، وكما يقول رائد فكرة إنشاء المجلس سمو الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد الصباح ـ
رحمه الله وطيب ثراه: «إن قيام مجلس التعاون الخليجي كفيل بأن يضع قوة الدول الأعضاء
سياسيا واقتصاديا على مسار العمل الجدي لتوطيد الاستقرار في المنطقة، وإبعاد خطر التدخل
الخارجي عنها وتكريس هذه القوة لخدمة قضايانا القومية»، وقد تجلت روح التعاون والتضامن
بين دول المجلس في كثير من المواقف والأزمات التي عصفت بالمنطقة، فهو النموذج الأمثل
والأفضل للوحدة على كل من المستوى العربي والإقليمي والدولي.
مجلس تعاون للفخر صار نبـراس=فيه الأمل وأسس على نهج مدروس
بين الدول في سمعته يرفع الـرأس=وإليا ذكر بين الورى نرفع الرؤوس
صرح ٍ بني وفق المفاهيم وإقيـاس=حيث الوفاء بإركونه الست مغروس
عبدالعزيز الفدغوش