لله درك أيتها الشوووق الرائعة على سؤالك الجميل والذي ينم عن عميق إيمانك
وجزيل إحساسك بالله وتحري مرضاته بارك الله فيك ووفقك لكل خير ، وكما تعلمين أختي الكريمه
أن المسلم في هذا الزمان الذي كثرت فيه الفتن وشاع فيه الفساد، يتدحرج من حين لآخر بين معصية وأخرى
وإن الوقوع في الذنوب و المعاصي لا مناص منه، فلا أحد معصوم من الخطأ والزلل، والعصمة للأنبياء
فكلنا نخطئ وكلنا نذنب و نقع في العصيان والمعصوم من عصمه الله تعالى، فالمشكلة ليست في أن
يخطئ الإنسان ويرتكب المعصية، ولكن المشكلة في عدم التوبة والاستغفار ولهذا قال صلى الله عليه وسلم:
"كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون" وقال عليه الصلاة والسلام " لولا أنكم تذنبون لخلق الله خلقا
يذنبون ويغفر لهم ومعنى الحديث أي أنه لولا أننا معشر البشر نذنب ونستغفر لذهب الله بنا وجاء بقوم يذنبون
ويستغفرون فيغفر الله لهم، لأن الله يحب أن يغفر لعباده بل ويحب من عباده على ما اقترفوه من ذنوب أن يكونوا توابين ومستغفرين.
قال تعالى:... " إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ " . ولم يقل التائبين بل قال التوابين على صيغة المبالغة
التي تدل على كثرة تكرار التوبة لله ولأن التوبة والاستغفار عبادة جليلة وعظيمة فيها من الدعاء والتضرع لله
طلبا لمغفرته وطمعا في جنته وخوفا من عذابه وفي هذا غاية الخضوع والعبودية، ولهذا أوجب الله التوبة على
عباده المؤمنين وفي ذلك صلاحهم وفلاحهم فقال تعالى آمرا مرغبا : ...(وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ "
وقال أيضا :" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ.
"وقال سبحانه: " وَأَنْ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ ". وقد أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالتوبة والإستغفار كما قال عليه الصلاة والسلام
" يا أيها الناس توبوا إلى الله واستغفروه فإني أتوب إلى الله في اليوم مائة مرة ، وفي رواية أخرى قال
" والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة"
فهذا رسول الله الذي غُفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر يستغفر الله ويتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة أو مائة مرة !!!
، فكيف بمن دونه من الناس؟!
وقد تظاهرت دلائل الكتاب والسنة وإجماع الأمة على وجوب التوبة، فالتوبة واجبة على كل مسلم ومسلمة
وهي واجبة من جميع الذنوب والمعاصي بدون استثناء صغيرة كانت أم كبيرة، والتوبة هي ترك الإصرار
على الذنب من ترك واجب أو فعل محرم فهي الرجوع أو الانتقال من معصية الله إلى طاعته سبحانه وتعالى .
وكما قيل : لا صغيرة مع التكرار ولا كبيرة مع الإستغفار ، ولكن لاشك أن الإقلاع عن الذنوب وعدم اقترافها أو العودة إليها هو الأولى والأوجب
ومن هنا يكون الناس على ثلاثة أقسام فمنهم ظالم لنفسه وهو الذي يقترف السيئات والمعاصي والآثام وهم أكثر هذه الأمة ولاحول ولاقوة إلا بالله
ومنهم مقتصد أي يفعل بعض الذنوب لكنه على الطريق الصحيح من الكتاب والسنة
وسابق بالخيرات وهذا الذي يتورع عن الذنوب والمعاصي ويصبح من أولياء الله الصالحين ومن في حكمهم اللهم اجعلنا منهم يارب .!
أما السابق بالخيرات فيدخل الجنة بغير حساب
وأما المقتصد فيحاسب حساباً يسيراً
وأما الظالم لنفسه فيحبس في المقام حتى يدخله الهم، ثم يدخل الجنة،
بإذن الله تعالى .!
والله أعلم ، وصل اللهم على محمد وآله الطيبين الطاهرين وأصحابه الغر الميامين .!