واتركْ الغـادةَ لاتحفـل بهـا
تمسِ في عـزٍ رفيـعٍ وتجـل
وافتكرْ في منتهى حُسنِ الـذي
أنت تهواه تجـد أمـراً جلـل
واهجرْ الخمرةَ إن كنـتَ فتـى
كيف يسعى في جنونٍ من عقل؟
واتـقِ اللهَ فتقـوى اللهِ مــا
جاورت قلب امرئ إلا وصـل
ليس من يقطع طرقـاً بطـلا
إنمـا مـن يتقـي اللهَ البطـل
كُتب الموتُ على الخلـقِ فكـم
فلَّ من جيشٍ وأفنى مـن دول
أين نمـرودُ وكنعـانُ ومـن
ملكَ الأرضَ وولـى وعـزل؟
أين من سادوا وشـادوا وبنـوا
هلك الكلُّ ولـم تُغـنِ القُلـل؟
اين أربابُ الحِجى أهل النهـى
أين أهلُ العلـمِ والقـومُ الأُول؟
سيعـيـد الله كــلاً منـهـمُ
وسيجزي فاعـلاً ماقـد فعـل
اطلب العلـمَ ولاتكسـلْ فمـا
أبعدَ الخيرَ عن أهـلِ الكسـل
واحتفل للفقهِ فـي الديـن ولا
تشتغـل عنـه بمـالٍ وخـول
واهجر النومَ وحصِّلـه فمـن
يعرف المطلوب يحقرْ مابـذل
لاتقـل قـد ذهبـت أربـابُـهُ
كلُّ من سار على الدربِ وصل
في ازديادِ العلمِ إرغـامُ العـدا
وجمالُ العلم إصـلاحُ العمـل
جمِّل المنطـقَ بالنحـوِ فمـن
يُحرم الإعرابَ بالنطقِ اختبـل
انظـم الشعـرَ ولازم مذهبـي
في اطراح الرفدِ لاتبغِ النحـل
فهو عنوانٌ على الفضلِ ومـا
أحسنَ الشعـر إذا لـم يُبتـذل
انـا لاأختـارُ تقبـيـلَ يــدٍ
قطعُها أجملُ من تلـك القُبَـل
مُلكُ كِسرى عنهُ تغني كِسـرةٌ
وعن البحرِ اجتـزاءٌ بالوَشـل
اطرح الدنيـا فمـن عاداتهـا
تخفضُ العالي وتُعلي من سَفَـل
عيشةُ الراغبِ فـي تحصيلهـا
عيشةُ الجاهـلِ فيهـا أو أقـل
كـم جهـولٍ بـات مُكـثـرا
وعليمٍ بات منهـا فـي عِلَـل
كم شجاعٍ لم ينل فيهـا المنـى
وجبانٍ نـال غايـاتِ الأمـل
فاترك الحيلـةَ فيهـا واتكـل
إنما الحيلةُ فـي تـرك الحيـل
لاتقلْ أَصلـي وفصلـي أبـدا
إنما أصلُ الفتى ماقـد حصـل
قد يسود المـرءُ مـن دون أبٍ
وبِحُسْنِ السبكِ قد يُنفى الدغـل
إنما الوردُ مـن الشـوكِ ومـا
ينبُتُ النرجسُ إلا مـن بصـل
قيمـةُ الإنسـانِ مايُحسِـنـه
أكثرَ الإنسـانُ منـه أم أقـل
بيـن تبذيـرٍ وبخـلٍ رتـبـةٌ
وكـلُّ هذيـن إن زاد قـتـل
ليس يخلو المرءُ من ضدٍ ولـو
حاول العزلة فـي رأسِ الجـل
دارِ جارَ السوءِ بالصبـرِ وإنْ
لم تجد صبراً فما أحلى النُّقـل
إن نِصفَ الناسِ أعـداءٌ لمـن
وُلي الأحكـامَ هـذا إن عـدل
قصِّر الآمالَ في الدنيـا تفُـزْ
فدليلُ العقـلِ تقصيـرُ الأمـل
غِبْ ، وزُرْ غِبَّاً تَزدْ حُباً فمـن
أكثرَ التـردادَ أقصـاهُ المـل
لايضر الفضـلَ إقـلالٌ كمـا
لايضر الشمسَ أطباقُ الطفـل
خُذْ بنصلِ السيفِ واترك غِمْدَهُ
واعتبر فضلَ الفتى دون الحُلل
حبُّكَ الأوطانَ عجـزٌ ظاهـرٌ
فاغتربْ تلقَ عن الأهـلِ بـدل
فبِمُكـث المـاء يبقـى آسنـا
وسُرى البدر به البدرُ اكتمـل