حتى انت لم تعد أنت ...فماذا تنتظر
قلبي تعبان .....أعذروني ...ما عدت أعرف أن أكتب أي شيء....خذلتني أصابعي ومساماتي....أحيا على ما تبقىمن شهيق في قصباتي ..أقول مع نفسي في الليل والنهار،عيب عليك هذا اليأس الذي أنت فيه..........ماتزال في العمر بقية حتى تكتب سطورك الأخيرة.....عيب عليك أن تموت قبل موتك ......
متعبات خطاك الى الماضي ، وانت تجرجر نفسك من حلم الى حلم ..وتعرف أن لاشيء سيبقى منك غير أكاذيب مغمسة بالعسل،ماذاحل بك؟ حتى صوتك القوي لم يبق منه سوى الأسى والحشرجة....
أبكي عليك بلا دموع...سفينة في بحر دونما بوصلة...وليس من أحد يعرف المدى...لا شراع ولا طيور ولا خارطة نعرف منها كيف يكون الطريق....عا فاك الله واحسن مثواك..أما زلت على قيد الحياة ؟ خذ ما شئت من الدنيا ...فما عاد من شيء يستحق رضاك عنها.....
قلبي تعبان ، والعصافير كلها رحلت..... والنوارس لا مكان لها في الصحراء...فكيف أكتب وكيف أقرأ وكيف أنام؟ويسألونك ما نفع السؤال أذا لم يكن من جواب عليه ؟ وأنا تعلمت كتابة الجواب قبل أي سؤال.......
صحوت يوما من نوم عميق ...في صباح ممطر....لم أصدق ما أرى في دفتري الصغير....ليس هذا خط يدي...فمن يا ترىكان يكتب فيه ؟ هل تفعل الكأس الواحدة هذا كله ؟ لكني شربتها طول عشرين عاما ولم تشطب على وعيّ مرة واحدة........فمن أين له أن يصدق ما هو مكتوب عن قلبه التعبان ومساماته التي خذلته.....وقرر ان يكف عن الشراب ليلة واحدة حتى يعرف من يكتب بدفتره.......
وكان البقاء بعد منتصف الليل موجعا" دون كأسه الذي أعتاد عليه....... لكنه تمكن من الصبر حتى الثا لثة فجرا" والمطر ينهمر على سقف البيت ..مطر ساحر لذيذ له موسيقى ...... وهو يضرب الزجاج والصمت والحشائش ... ... أخذ رشفة قال أنها لن تتسبب في أن يفقد وعيه ،لكن صوت المطر أرغمه أن يرتشف ثانية وثالثة. ....وعند الرابعة فجرا" فتح النافذة على هواء بارد وذكريات بعيدة....عن امرأة أحبها يوما...وهجرته في ليل ماطر ........يتذكر أن الموسيقى هي نفسها التي يسمعها الأن بعد عشرة أعوام من الحسرات والدموع ..........
هل كانت الرابعة أم الكأس الخامسة ؟ لا يدري لكنه استيقظ بعد الظهيرة بعد نوم عميق ورأى على احد صفحات دفتره مكتوب عليها.........
العصافير رحلت ...وهذه المرة لن تعود ...وكذلك النوارس التي غادرت الصحراء ...نحو البحر ....لن تراها بعد اليوم ......وها انت في قلب المحنه تماما"........لا رجاءلك ، ولا شفيع ، لا أحد لك ...حتى أنت لم تعد أنت ......فماذا
تنتظر ؟
بقلم رعد الحلمي