كيف تنظر إلى كرسي العرش بعد أن رأيت الرئيس المصري خلف القضبان يستمع إلى منطوق الحكم ؟
جاء في كثير من الآيات القرآنية تقرير انتصار الحق على الباطل ، بل أمر الله رسوله الكريم أن يعلنها واضحة صريحة بقوله تعالى : { وقل جاء الحق وزهق الباطل ، إن الباطل كان زهوقا } الإسراء (81) .
"بهذا السلطان المستمد من الله ، أعلن مجيء الحق بقوته وصدقه وثباته ، وزهوق الباطل واندحاره وجلاءه ، فمن طبيعة الصدق أن يحيا ويثبت ، ومن طبيعة الباطل أن يتوارى ويزهق ..
{ إن الباطل كان زهوقا } .. حقيقة لدنية يقررها بصيغة التوكيد ، وإن بدا للنظرة الأولى أن للباطل صولة ودولة . فالباطل ينتفخ وينتفج وينفش ، لأنه باطل لا يطمئن إلى حقيقة ، ومن ثم يحاول أن يموه على العين ، وأن يبدو عظيماً كبيراً ضخماً راسخاً ، ولكنه هش سريع العطب ، كشعلة الهشيم ترتفع في الفضاء عالياً ثم تخبو سريعاً وتستحيل إلى رماد ، بينما الجمرة الذاكية تدفئ وتبقى ، وكالزبد يطفو على الماء ولكنه يذهب جفاء ويبقى الماء .
{ أن الباطل كان زهوقا } .. لأنه لا يحمل عناصر البقاء في ذاته إنما يستمد حياته الموقوتة من عوامل خارجية وأسناد غير طبيعية ، فإذا تخلخلت تلك العوامل ، ووهيت هذه الأسناد تهاوى وانهار . فأما الحق فمن ذاته يستمد عناصر وجوده . وقد تقف ضده الأهواء وتقف ضده الظروف ويقف ضده السلطان .. ولكن ثباته واطمئنانه يجعل له العقبى ويكفل له البقاء ، لأنه من عند الله الذي جعل " الحق " من أسمائه وهو الحي الباقي الذي لا يزول .
{ أن الباطل كان زهوقا } .. ومن ورائه الشيطان ، ومن ورائه السلطان . ولكن وعد الله أصدق وسلطان الله أقوى . وما من مؤمن ذاق طعم الإيمان ، إلا وذاق معه حلاوة الوعد ، وصدق العهد . ومن أوفى بعهده من الله ؟ ومن أصدق من الله حديثاً ؟ " . (1)
وبمثل هذا التوجيه الرباني ، يأمر الله نبيه أن يلقي هذه الحقيقة قذيفة في وجه الباطل وأهله .. إذ يقول الله تعالى :
{ قل : إن ربي يقذف بالحق علاّم الغيوب ، قل جاء الحق وما يبديء الباطل وما يعيد } سبأ (48،49) .
أي فهذا " الذي جئتكم به الحق . الحق القوي الذي يقذف به الله. فمن ذا يقف للحق الذي يقذف به الله ؟ إنه تعبير مصور مجسم متحرك . وكأنما الحق قذيفة تصدع وتخرق وتنفذ ولا يقف لها أحد في طريق .. يقذف بها الله " علاّم الغيوب " فهو يقذف بها عن علم ، ويوجهها على علم ، ولا يخفى عليه هدف ، ولا تغيب عنه غاية ، ولا يقف للحق الذي يقذف به معترض ولا سد يعوقه . فالطريق أمامه مكشوف ليس فيه مستور ! ...
جاء هذا الحق في صورة من صوره ، في الرسالة ، وفي قرآنها ، وفي منهجها المستقيم . قل : جاء الحق . جاء بقوته. جاء بدفعته . جاء باستعلائه وسيطرته { وما يبديء الباطل وما يعيد } .. فقد انتهى أمره . وما عادت له حياة ، وما عاد له مجال ، وقد تقرر مصيره وعرف أنه إلى زوال .
إنه الإيقاع المزلزل ، الذي يشعر من يسمعه أن القضاء المبرم قد قضى ، وأنه لم يعد هناك مجال لشيء آخر يقال . وإنه لكذلك . فمنذ جاء القرآن استقر منهج الحق واتضح . ولم يعد الباطل إلا مماحكة ومماحلة أمام الحق الواضح الحاسم الجازم . ومهما يقع من غلبة مادية للباطل في بعض الأحوال والظروف، إلا أنها ليست غلبة على الحق . إنما هي غلبة على المنتمين إلى الحق . غلبة الناس لا المبادئ . وهذه موقوتة ثم تزول . أما الحق فواضح بين صريح " . (2)
وبمثل هذا التقرير يقول الله تعالى في - آية أخرى - : { بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق } الأنبياء(18) .
إذاً " هذه هي السنة المقررة ، فالحق أصيل في طبيعة الكون ، عميق في تكوين الوجود . والباطل منفي عن خلقة هذا الكون أصلاً ، طارئ لا أصالة فيه ، ولا سلطان له ، يطارده الله ، ويقذف عليه بالحق فيدمغه . ولا بقاء لشيء يطارده الله ، ولا حياة لشيء تقذفه يد الله فتدمغه ! ولقد يخيل للناس أحياناً أن واقع الحياة يخالف هذه الحقيقة التي يقررها العليم الخبير . وذلك في الفترات التي يبدو فيها الباطل منتفشاً كأنه غالب ، ويبدو فيها الحق منزوياً كأنه مغلوب . وإن هي إلا فترة من الزمان ، يمهد الله فيها ما يشاء ، للفتنة والابتلاء . ثم تجري السنة الأزلية الباقية التي قام عليها بناء السماء والأرض ، وقامت عليها العقائد والدعوات سواء بسواء .
والمؤمنون بالله لا يخالجهم الشك في صدق وعده ، وفي أصالة الحق في بناء الوجود ونظامه ، وفي نصرة الحق الذي يقذف به على الباطل فيدمغه .. فإذا ابتلاهم الله بغلبة الباطل حيناً من الدهر عرفوا أنها الفتنة ، وأدركوا أنه الابتلاء، وأحسوا أن ربهم يربيهم ، لأن فيهم ضعفاً أو نقصاً ، وهو يريد أن يعدهم لاستقبال الحق المنتصر ، وأن يجعلهم ستارة القدرة ، فيدعهم يجتازون فترة البلاء يستكملون فيها النقص ويعالجون فيها الضعف .. وكلما سارعوا إلى العلاج قصّر الله عليهم فترة الابتلاء ، وحقق على أيديهم ما يشاء . أما العاقبة فهي مقررة : { بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق } والله يفعل ما يريد".(3)
بل جعل الله تعالى انتصار الحق على الباطل من محض إرادته - سبحانه - ولا راد لحكمه وقضائه .. كما في قوله تعالى: { ويريد الله أن يحق الحق بكلماته ويقطع دابر الكافرين ، ليحق الحق ويبطل الباطل ولو كره المجرمون } الأنفال(7،8).
وقوله تعالى :{ ويحق الله الحق بكلماته ولو كره المجرمون } يونس (82) .
وقوله تعالى - أيضاً - :{ويمح الله الباطل ويحق الحق بكلماته ، إنه عليم بذات الصدور} الشورى (24) .
وهذا كله موقوت بأمر الله : { فإذا جاء أمر الله قضي بالحق ، وخسر هنالك المبطلون } غافر (78) .
وهذه الآيات جملة تقرر بوضوح إرادة الله في انتصار الحق على الباطل ، وأن الحق أصيل وغالب ، وأن الباطل ضعيف طارئ لا أصل له ولا أساس .. وأن الله وراء المعركة القائمة بين أهل الحق ، وأهل الباطل ، وهو - تعالى - الذي يقودها بإرادته ، ويحكم في نهايتها بانتصار الحق على الباطل .. وبهذا تطمئن النفوس ، وتهدأ الضمائر ، ويزول الشك ، ويحل محله اليقين ، فالله مع أهل الحق ينصرهم ويؤيدهم ، ويعينهم ، ولا ينسى عباده ، ولا يتخلى عنهم ، بل يقف إلى جانبهم ، فيحق الحق ويبطل الباطل ، ويمحوه ، حتى لا يعود له أثر ولا وجود.والحمد لله رب العالمين .!
هل يبني بعض العرب آراءهم حسب الهموم الخاصة أم العامة ؟
بمعنى أنه لو كان لحسني مبارك دور في غزو الكويت هل سيكون الخليجيون وعلى رأسهم الكويتيون متعاطفين معه الآن ؟