(270 ) مدار الأفكار
رحل الجبل
يقول الشاعر العربي :
قد مات سلطان..من ذا كان يسبقـهُ = في كل طيبٍ نرى أيـدٍ لهُ فيها
سيكتبُ الدهـر سلطـانً ويرسمـهُ=ذكرى ومـا كـان للأيام تمحيها
إن الله سبحانه وتعالى كتب على خلقه الفناء,وتفرد وحده بالدوام والبقاء,فقد خلق الموت وجعله النهاية الطبيعية
لكل المخلوقات,قال تعالى: (كل شيء هالك إلا وجهه) ( القصص : 88 ) ,وقال تعالى: (كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ
وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ)
( آل عمران : 185 ),وقال جل ّ وعلا : (كل من عليها فان*ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام) ( الرحمن
: 26-27 ) ,وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أتاني جبريل فقال : يا محمد !عش ما شئت فإنك ميت,
وأحبب من شئت فإنك مفارقه,واعمل ما شئت فإنك مجزي به,واعلم أن شرف المؤمن قيامه بالليل,وعزه
استغناؤه عن الناس) ,ويقول الشاعر: (هو الموت ما عنهُ ملاذٌ ومهرب* ٌمتى حطَّ ذا عن نعشهِ ذاك يركبُ,
نؤمل آمالاً ونرجو نتاجها*وباب الردى مما نؤمل أقربُ) ,ويقول شاعر آخر: (حتى سليمان ما تم الخلود له
*والريح تخدمه والبدو والحضر,دانت له الأرض والأجناد تحرسه* فزاره الموت لا عين ولا أثر) ,فالموت
قضاء نافذ,وحكم شامل,وطارق لا يرد ولكل أجل كتاب,وفي الأسبوع الماضي فقدت الأمة العربية والإسلامية
أحد أبرز رجالاتها,ومن أشهر كرماء العصر,وجبل من جبال الخير,ومنارة من منارات الإحسان هو المغفور
له بإذن الله تعالى صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز ولى العهد السعودي نائب رئيس مجلس
الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام -رحمه الله وطيب ثراه - الذي وافاه الأجل المحتوم يوم السبت
الموافق 22 أكتوبر 2011م بعد حياة حافلة بأعمال الخير ومساهمات فاعلة في خدمة بلاده ومناصرة قضايا
العرب والإسلام,فقد كان سموه رحمه الله في مقدمة رجالات المملكة العربية السعودية الشقيقة الذين قامت
على عواتقهم نهضتها الشاملة الحديثة,وساهم مساهمة فاعلة في رسم السياسة الدفاعية للمملكة,وفي المشاركة
بالمعركة ضد الإرهاب,وقد رافق سموه رحمه الله جميع ملوك المملكة منذ عهد التأسيس والتوحيد,إلى عهد
النهضة والتشييد,وكان باستمرار في قلب السياسة السعودية داخليا وخارجيا,وله مواقف مشهودة في تعزيز
مسيرة مجلس التعاون ودعم مسارات التكامل ووحدة الصف الخليجي,وعرف عن سمو الأمير سلطان
حنكته وحكمته ورجاحة عقله وإسهاماته في أعمال البر والخير والخدمات الإنسانية داخل المملكة وخارجها
,ولما له من دور كبير ومؤثر في دعم المشروعات الإنسانية على مستوى العالم منح لقب شخصية العام
الإنسانية لعام 2005 م,فهو كما يقول عنه سمو أمير البلاد المفدى الشيخ صباح الأحمد الصباح: ( أن الأمتين
العربية والإسلامية قد فقدتا برحيله شخصية فذة وأحد رجالاتها المخلصين الذي كرس حياته وجهده وعمل
بكل تفان وإخلاص لخدمة أمتيه العربية والإسلامية ونصرة قضاياها) ,ويقول العاهل الأردني الملك عبد الله :
(الأمير سلطان بن عبد العزيز كان رجل دولة مميز..وأحد المدافعين بقوة عن القضايا العربية والإسلامية),
ويقول عنه الزميل طارق الحميد: (إن الأمير سلطان بن عبد العزيز مؤسسة خيرية بحد ذاته,محب للخير
والعطاء ,ومنفتح على الناس,بجميع مستوياتهم , وأفكارهم,تصاحبه ابتسامة لا تغيب, أياً كان الحدث,أو المقام,
ومن تسنى له حضور بعض مجالسه,المفتوحة للجميع,أو رافقه في رحلاته الخارجية,يعرف تماماً أنه رجل
محب للخير والتعليم,والتطوير والانفتاح), ويقول فهد بن محمد البليهي: (لم تكن وفاة الأمير سلطان بن عبد
العزيز,بمصاب على الشعب السعودي لوحده, بل على الأمة الإسلامية والعالم أجمع ,فقد بكاه الشعب صغيرهم
وكبيرهم،,ونعاه وحزن عليه قادة دول العالم فهو رجل الإنجازات يرحمه الله,وهو من اهتم بقضايا شعبه
وأمته وجعل الإنجاز شعاره والسلام دعوته,وسوف تبقى منجزاته شاهدة وأعماله ناطقة في كل مكان,فإن كان
الأمير سلطان قد غاب بجسده الطاهر عن دنيانا الفانية فها هي أفعاله الخالدة ومنجزاته الشامخة وعطاءاته
الخيرة باقية إلى قيام الساعة فقد أمد بالمال والجاه ونصر المستضعفين وأغاث المنكوبين,ونذر نفسه رحمه الله
وأحسن مثواه لخدمة دينه وبلاده وأمته ) ,رحم الله فقيد الأمة سمو الأمير سلطان بن عبد العزيز,الأمير
الإنسان ,سلطان الخير والإحسان,سلطان الحكمة والزعامة والبرهان,سلطان الكرم والعطاء,الأمير الباسم
الحاسم,وجزاه خير الجزاء لما قدم لدينه ووطنه وأمته.
مرحوم يا سلطان يا رمز الإحسان= يا ساكن ٍ بقلوب شعب ٍ وفيين
بالذاكرة موجود لو غبت وكدان =يا من بطيبك يرجحن الموازين
اسمك رسخ بالخير في كل ميدان =والله يبيحك يا حفيد السلاطين
لو غاب نجمك خالد ٍ مثل ما كان =وأعيد ما سطرت في عام تسعين
يا عل ّ قلب ٍ ما حوى حب سلطان=ما يحتوي من لذ دنياه والدين