( 66 ) مدار الأفكار
نداء الغرباء
يقول الشاعر العربي :
يكفيك عن كل مدحٍ مدحُ خالقه = وأقرأ بربك مبدأ سورة القلم
شهم تشيد به الدنيا برمتها = على المنائر من عرب ومن عجم
إن ما يحز في النفوس ويدمي القلوب ما انتشر بين أبناء دول الخليج وأصبح متداولا ومألوفا، أن
تتم مناداة أي شخص غير خليجي أو عربي لا تعرف اسمه لا سيما من الجاليات الآسيوية بـ
"محمد" حتى وإن كان من ينادى باسم «محمد» كافراً ملحداً هندوسياً أو بوذياً أو غير ذلك من
غير ملة الإسلام، وكما يقول الدكتور محمد هلوش عثمان: «كم يحز في نفسي وأنا أمام ظاهرة لا
يقبلها أي مسلم غيور على دينه الإسلامي في أرض أكرمها الله بالتوحيد الخالص البعيد عن
الشوائب والبدع والخزعبلات ألا وهي ظاهرة نداء الشخص الذي لا تعرفه، أي النكرة بـ
"محمد"، ومن ثم تلقي عليه كثير من الأوامر والطلبات والتي لا يخلو بعضها من الاستخفاف،
والأولى مناداة من لا تعرفه باسم «عبد الله» كما علمنا ديننا الحنيف أننا عبيد لله، وعندما سئل
العلامة الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله – عن مشروعية مناداة الأجانب وأصحاب
المحلات من العمالة الوافدة وغير المسلمة بمحمد، كان جواب فضيلته: «الذي أعرفه أن العمالة
الأجنبية يقال لهم: «يا صديق، يا رفيق»، السائل: الناس الآن قد غيروا في النداء، الشيخ: ماذا
يقولون الآن؟، السائل: يقولون: (في الغالب يا محمد مباشرة) ، الشيخ: أصحيح؟ ! أنا عندي خيرٌ
من هذا أن يقول: يا عبد الله؛ لأنهم كلهم عباد الله، حتى الكافر عبد لله، فلو أنها غيرت إلى يا عبد
الله لكان أحسن، أما فضيلة الشيخ عبد الرحمن السحيم فيقول: «لا يجوز امتهان هذا الاسم
الشريف الكريم لغة ومعنى إلى هذا الحدّ حتى يُنادى به الكافر، وقد كان بعض العلماء ممن
صنّفوا في أسماء الرواة، يُقدّمون ذكر المحاميد» من تبدأ أسماؤهم بـ «محمد» كما صنع
الإمام البخاري – رحمه الله- في كتابه «التاريخ الكبير»، فإنه قال: هذه الأسامي وُضِعت على ( أ
ب ت ث) وإنما بُدئ بـ «محمد» من بين حروف «أ ب ت ث» لحال النبي صلى الله عليه وسلم؛
لأن اسمه محمد صلى الله عليه وسلم، أما إذا كان يُنادى به عامل مسلم فذلك لغلبة اسم محمد على
كثير من أسماء الأعاجم؛ لأنهم يتبرّكون باسم محمد، فيجعلونه قبل أسمائهم، ويرى كثير من
العلماء أن مناداة أيعامل في الشارع ممن لا تعرف اسمه ولا ديانته، بـ «محمد» غير جائزة شرعا
ومن فعلها فقد ركب موجة هذه الظاهرة السيئة التي انتشرت انتشاراً خطيراً بين أبناء دول
الخليج وغيرهم من المقيمين فيها، ومن الواجب أن يتقي الإنسان ربه، ويتأدب مع نبيه واسمه فلا
يطلق اسم محمد إلا على مسلم، فمحمد أفضل البشر وسيد الورى وخير من وطأ الثرى، و أكرم
وأزكى عند الله سبحانه من أن ينادى كافراً باسم محمد، فلنتق الله ولا نستهين بالأمر ونبرره
بعدم قصد الاستهانة، فالإصرار عليه وعدم الإنكار على الغير في ذلك يعدّ إساءة للنبي صلى الله
عليه وسلم، والأجدر هو أن نستبدل اسم محمد في مناداة من لا نعرف من العمالة الأجنبية فبدلا
من قولنا: «يا محمد» نقول: (يا رفيق أو يا صديق) وإن كان الإنسان يأنف من مناداته له رفيقاً
أو صديقاً فالأولى أن تكون غيرته لنبيه صلى الله عليه وسلم، لذا فلتناديه بـ «يا مدير أو يا
مهندس»، فهو مدير في صنعته أو مهندس فيها، وكذلك يصح المناداة لهم بأحد الأسماء الشائعة
والمعروفة عندهم، و نسأل الله الهداية والصواب، واحتساب الأجر والثواب.
باسم النبي خير الورى نور الأنوار=حذرا تسمي كافـر ٍ علـج معثـور
محمد منار الدين والصحب الأبـرار=واسمه شرف ويشع بين الورى نور