( 57 ) مدار الأفكار
عيد الحب
يقول الشاعر العربي:
نَصَبُوهُ عِيْدَ الْحُبِّ ..يَا عِيْدَ الْهَوَى=أَهْـدَاهُ عِبْـرِيٌّ إلـى نَصْرَانـي
يا جَابـرَ العَثْـرَاتِ هـذا حَالُـنَـا=نَنْسَاقُ فِي جَهْـلِ مَـعَ الشَّيْطَـانِ
في 14 فبراير من كل عام و في معظم مناطق المعمورة يتم تبادل
الرسائل الغرامية، وتقديم الهدايا، وبطاقات التهاني و الورود الحمراء بين المحبين وذلك تعبيرا عن
الحب و الوفاء و احتفاء بما يسمى عيد الحب (Valentine>s Day) والذي يعتبر من أعياد
الرومان الوثنيين، ويتخذ اللون الأحمر رمزا له، ويرجع تاريخ الاحتفاء به كما جاء في بعض المراجع
إلى 270 م عندما قام الإمبراطور الروماني كلوديوس الثاني بإصدار أوامره بمنع عقد أي قران أثناء
الحرب لأنه كان يعتقد أن الزواج يضعف قدرة الجنود على القتال في الحروب لكن القس فلنتاين
(Saint Valentine) وقف ضد رغبته وكان يقوم بتزويج الأفراد وإقامة احتفالات الزواج في
الكنيسة سرا لذلك أصدر أوامره بسجنه، وخلال فترة السجن وقع فالنتاين في حب ابنة سجانه العمياء
الجميلة فعالجها حتى استردت بصرها، ومن ثم تزوجها و لكن الإمبراطور رأى من فالنتاين شخصا
خطرا على روح العسكرية الرومانية فأعدمه في الرابع عشر من فبراير عام 273 م وبإعدامه
تحول من كاهن مغمور إلى قديس وراعٍ للحب والمحبين، ومدافع عن حق الشباب في الزواج والحب،
وإحياء لذكرى إعدامه جاء الاحتفال بعيد الحب في بلاد الغرب أما في بلاد الإسلام ومن باب التقليد فقد
انتشرت في السنوات الأخيرة ظاهرة الاحتفال بعيد الحب بين كثير من شباب المسلمين- ذكورا وإناثا-
رغم أنه ابتداع غير شرعي فليس في دين الإسلام إلا عيدان، وفقا لما روي عن أنس - رضي الله
عنه - قال: قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة ولهم يومان يلعبون بهما فقال: (قد أبدلكم الله
تعالى بهما خيرا منهما يوم الفطر والأضحى)، وكذلك فيه تشبه بشعائر النصارى وعاداتهم وقد قال
النبي صلى الله عليه وسلم: (من تشبه بقوم فهو منهم)، وقال صلى الله عليه وسلم (لتتبعن سنن من
كان قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع حتى لو دخلوا جحر ضب لتبعتموهم) قال الصحابة يا رسول الله:
اليهود والنصارى قال: فمن)، وقد أجمع علماء الإسلام قديما وحديثا على تحريم الاحتفال بأعياد الكفار
ومنها ( عيد الحب) ووجوب عدم حضورها، أو المشاركة بها، قال الحافظ الذهبي رحمه الله تعالى:
(فإذا كان للنصارى عيد ولليهود عيد كانوا مختصين به فلا يشركهم فيه مسلم كما لا يشاركهم في
شرعتهم ولا قبلتهم)، و قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: (لا يحل للمسلمين أن يتشبهوا
بهم في شيء مما يختص بأعيادهم لا من طعام ولا لباس ولا اغتسال ولا إيقاد نيران ولا تبطيل عادة من
معيشة أو عبادة أو غير ذلك، ولا يحل فعل وليمة ولا الإهداء ولا البيع بما يستعان به على ذلك لأجل
ذلك، ولا تمكين الصبيان ونحوهم من اللعب الذي في الأعياد ولا إظهار الزينة وبالجملة: ليس لهم أن
يخصوا أعيادهم بشيء من شعائرهم، بل يكون يوم عيدهم عند المسلمين كسائر الأيام)، وقال ابن
التركماني: (فيأثم المسلم بمجالسته لهم وبإعانته لهم بذبح وطبخ وإعارة دابة يركبونها لمواسمهم
وأعيادهم). ولا يصح تبادل التهاني بعيد الحب، لأنه ليس عيدا للمسلمين. وإذا هنئ المسلم به فلا يرد
التهنئة. قال ابن القيم رحمه الله تعالى: (وأما التهنئة بشعائر الكفر المختصة به فحرام بالاتفاق مثل
أن يهنئهم بأعيادهم وصومهم فيقول: عيد مبارك عليك، أو تهنأ بهذا العيد ونحوه، فهذا إن سلم قائله
من الكفر فهو من المحرمات، وهو بمنزلة أن يهنئه بسجوده للصليب، بل ذلك أعظم عند الله وأشد مقتا
من التهنئة بشرب الخمر، وقتل النفس، وارتكاب الفرج الحرام ونحوه. وكثير ممن لا قدر للدين عنده
يقع في ذلك وهو لا يدري قبح ما فعل، فمن هنأ عبدا بمعصية أو بدعة أو كفر فقد تعرض لمقت الله
وسخطه)، وقد أفتى الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله- عام 1420 هـ (بعدم
جواز الاحتفال بعيد الحب لأنه عيد بدعي لا أساس له في الشريعة، ولأنّه يدعو إلى اشتغال القلب
بالأمور التافهة المخالفة لهدي السلف الصالح فلا يحل أن يحدث في هذا اليوم شيء من شعائر العيد
سواء كان في المآكل أو المشارب أو الملابس أو التهادي أو غير ذلك وعلى المسلم أن يكون عزيزا
بدينه وأن لا يكون إمّعة يتبع كل ناعق)، وقد منعت هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر السعودية
في السنوات الأخيرة المحال التجارية من إبراز أي مظهر من مظاهر الاحتفاء بعيد الحب، وكذلك يواجه
عيد الحب هجوما من شيوخ السلف بمصر وتحريمه لأنه عيد بدعي لا أساس له في الشريعة ولا
يعترف به الإسلام،و أن الأعياد في الإسلام عبادات تقرب إلى الله تعالى وهي من الشعائر الدينية
العظيمة، وليس في الإسلام ما يطلق عليه عيد إلا يوم الجمعة وعيدي الفطر و الأضحى.
للحب عيد ٍ بين الأوساط مشهـور=وفيه الورود الحمر تنـدار تذكـار
هدية العشـاق للـورد وزهـور=وهديتي نبض المشاعـر والأشعـار
للحب يوم ٍ عندهـم بـس مذكـور=وحبي مديـم ٍ مـا تغيّـره الأدوار
حبي مديـم ٍ للوفـاء دوم والنـور= ولأهل الوفاء والدار والناس الأخيار