( 55 ) مدار الأفكار
مفتاح النجاح
يقول الشاعر:
هشت لك الدنيا فمالك واجما=ًوتبسمت فعلام لا تتبسـم
إن كنت مكتئباً لعزُ قد مضى=هيهات يرجعه إليـك تنـدم
إن للابتسامة سحرًا ونقاء، وإشراقة وصفاءً، ولا يكلف بذلها أي عناء،
فهي تأسر القلوب وتفتح أقفالها وتنشر الألفة بين الناس، والابتسامة الطبيعية غير المصطنعة لها
رونق وجمال، وتعابير تضفي على وجه صاحبها الراحة والسرور، بل رتب النبي صلى الله عليه وسلم
أجرًا عليها وقال صلى الله عليه وسلم (تبسمك في وجه أخيك صدقة)، وقال عليه الصلاة والسلام
( أنكم لن تسعوا الناس بأموالكم فليسعهم منكم بسط الوجه وحسن الخلق)، وقال صلى الله عليه
وسلم: ( لا تحقرن من المعروف شيئاً ولو أن تلقى أخاك بوجه طليق)، وعن جرير بن عبد الله رضي
الله عنه قال: ( ما حجبني النبي صلى الله عليه وسلم، ولا رآني إلا تبسم في وجهي)، وقد جمع الأئمة
البخاري ومسلم والنووي أحاديث كثيرة للرسول صلى الله عليه وسلم في( التبسم والضحك وحسن
عشرته) وكذلك بوب الشيخ الغماري الأحاديث التي فيها ضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت
نواجذه في مؤلف أسماه ( شوارق الأنوار المنيفة بظهور النواجذ الشريفة)، مما يدل على أن الرسول
صلى الله عليه وسلم كان يحرص على الابتسامة، وكذلك كان الصحابة رضي الله عنهم، فقد قيل لعمر
بن الخطاب رضي الله عنه هل كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يضحكون قال: ( نعم
والإيمان والله اثبت في قلوبهم من الجبال الرواسي)، ويقول الأستاذ محمد قطب: ( لا يكفي المال وحده
لتأليف القلوب ولا تكفي التنظيمات الاقتصادية والأوضاع المادية، لابد أن يشملها ويغلفها ذلك الروح
الشفيف، المستمد من روح الله، ألا وهو الحب، الحب الذي يطلق البسمة من القلوب فينشرح لها
الصدر وتنفرج القسمات فيلقي الإنسان أخاه بوجه طليق)، ويقول محمد بن سرّار: (إن في الابتسامة
مفتاحًا للسلامة، ومصيدته لقلوب أهل الفضل والكرامة، و أحب الأعمال تبسمك في وجوه الرجال،
وهي مفتاح لفتح القلوب فعال)، ويقول شكسبير: (شق طريقك بابتسامتك خير من أن تشقها بسيفك)،
ويقول ابن القيم في أهمية البشاشة: (إن الناس ينفرون من الكثيف ولو بلغ في الدين ما بلغ، ولله ما
يجلب اللطف والظرف من القلوب فليس الثقلاء بخواص الأولياء، وما ثقل أحد على قلوب الصادقين
المخلصين إلا من آفة هناك، وإلا فهذه الطريق تكسو العبد حلاوة و لطافة وظرفا، فترى الصادق فيها
من أحب الناس وألطفهم وقد زالت عنه ثقالة النفس وكدورة الطبع)، ويقول الإمام ابن عيينة:
(والبشاشة مصيدة المودة، والبر شيء هين: وجه طليق وكلام لين)، وعن الموانع التي تحد من
الابتسامة يقول الشيخ عبد الحميد البلالي: ( لا بد أن تكون لنا إرادة قوية تتعالي على الهم والمصيبة،
ولنتذكر أننا لن نغير شيئاً مما قدره الله تعالى علينا بغضبنا وهمنا وعبوسنا، وأننا سنخسر الكثير من
صحتنا عندما نغضب ونخسر الآخرين عندما نعبس وقد نخسر الدين عندما يتجاوز الهم والغضب إلى
الاحتجاج على قدر الله تعالي، ولنستيقن دائماً بالقاعدة التي أخبرنا بها رسولنا صلى الله عليه وسلم
( إنما العلم بالتعلم وإنما الحلم بالتحلم)، فإذا لم تكن البشاشة من طبعنا فلنتعلم كيف نبتسم ولنحاول
أن يكون ذلك من طبيعتنا بعد أن نتذكر ثمار الابتسام والضحك)، ويقول أحد العلماء: (إن الابتسامة،
والتفاؤل مفتاح للنجاح، وسبيل للإقبال على الأعمال بتميز، وسرور، وعدم فتور .. فالابتسامة الصادقة
الصافية تذلل الصعاب وتعكس ما في القلب من محبة وتآلف، ولنحذر من الابتسامة المصطنعة التي
تخفى وراءها الأحقاد.
خل ّ البشاشة ديدنك دايم الـدوم= حيث ٍ عبوسك ما يجيب احترامي
ما طاوعت دنيا الورى كل مهموم=ولا سايـرت دوراتهـا للأنامـي
عبد العزيز الفدغوش
الأحد, 8 - فبراير - 2009